قال الشاعر:
إن الفتى من يقول ها أنا ذا. وليس الفتى من يقول كان أبي
نحن العرب مولعون جداً بالتغني والتباهي بما صنع أسلافنا من أمجاد رائعة في سائر المجالات!. فنقول إن خالد بن الوليد هو من إبتدع تقسيم الجيش إلى كراديس في الحرب.. ونقول إن العالم الفلاني هو من أضاف الصفر إلى الأعداد.. ونقول إن طارق بن زياد هو من غزا أوربا وفتح إسبانيا.. ونقول إن العالم الفلاني هو من رسم أول خريطة للعالم المعروف في زمانه.. ونقول إن صلاح الدين هو من هزم الصليبيين.. ونقول إن العالم الفلاني هو من وضع علم الجبر.. ونقول ونقول, ولا نسأم من الأقوال!. ثم ننسب تلك الإنجازات العظيمة وغيرها إلى العرب!. بينما جميع أولئك العباقرة ومئات بل ألوف سواهم هم مسلمون, وكثير منهم ليسوا عرباً!
فماذا فعلنا نحن ؟!. هل فتحنا شبراً واحداً من الأرض؟!. كلا, بل عدونا إحتل أجزاء واسعة من أراضينا!. ولم يستطع بعضنا إسترجاع الأرض المغتصبة إلا بموجب إتفاقيات مجحفة بحقوق العرب!
وصلاح الدين إنتصر على أوربا الصليبية, واسترد القدس منها.. ونحن (ثلاثمئة مليون تقريباً) عجزنا عن هزيمة إسرائيل وحدها (أربعة ملايين) في عدة حروب!. وما زال بيت المقدس يدنسه اليهود كل يوم, ونحن نتفرج, ونردد مع فيروز :
الآنَ الآنَ وليسَ غداً. أجراسُ العودةِ فَلْتُقرعْ *
والعراق غزا الكويت واحتله, فماذا فعلت جيوش دول الخليج؟!. إستغاثت بقوات كافرة لتحرير الكويت!. علماً بأن تلك الجيوش تستهلك عشرات المليارات من الدولارات كل سنة!
والجولان لا يزال محتلاً من قبل الصهاينة منذ ستة وثلاثين عاماً!. فأين الجيش السوري الذي يُصْرَف عليه أكثر من نصف الميزانيةالسنوية للدولة؟!
وهذه الجملة في النشيد الوطني السوري ( فمنا الوليد ومنا الرشيد) تدل على مدى تباهينا بالأسلاف!. والمقصود بهما الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك, والخليفة العباسي هارون الرشيد.. فلماذا لا يوجد بيننا في العصر الحاضر من يمكن أن نتباهى بكونه منا؟!
أعود فأسأل: ماذا فعلنا نحن؟!. لا شيء واللهِ سوى إجترار المذلة والقهر والعار داخل أوطاننا وخارجها!
كفانا تغنياً بما صنع أسلافنا العظماء!. ولنحاولْ أن نصنع
الشيء القليل القليل الذي يحق لنا بجدارة أن نعتز به بين الأمم!
ومن التفاهة أن نفتخر بأن أكبر منسف أرز قد صُنع في دولة عربية!. وأن المطرب العربي صباح فخري قد غنى لمدة ثلاث عشرة ساعة متواصلة!. وكلاهما دخلا موسوعة جينيس للأرقام القياسية!. فيا ليت ربي قد خلقني من ذرية بلال الحبشي أو سلمان الفارسي, ولم يخلقني عربية!
* ردّ نزار قباني على هذه الأغنية بقصيدة قال فيها:
عذراً غاليتي فيروزُ. أجراسُ العودةِ لن تُقرعْ.
بلى وربِ الكعبة يا نزار, سوف تُقرع أجراس العودة إلى فلسطين والقدس والمسجد الأقصى إن شاء الله.. ولكن متى؟. سؤالٌ الجواب عنه هين : عندما تزول الأنظمة الخائنة من على وجه الأرض, ويرجع العرب كافةً إلى دينهم القويم.. وحتى يأذن الله بذلك ستبقى رؤوسنا مغموسة بطين الهوان!