إبلس والعابد
قصه من قصص الروايات عن ماهو الحال بين إبليس وابن ادم .. فهل نستخلص منها العبر ؟
كان في قديم الزمان عابد زاهد تمسك قلبه في الله .. وكان هذا العابد محافظا على مدي الخمسون عاما التي عاشها على أداء الصلوات في المسجد القريب من داره .. مهما كانت الظروف والأحوال .. ومهما حال بينه وبين المسجد حائل ..
وفي يوم من الأيام .تلبدت السماء بالغيوم وأنذرت بهطول المطر الغزير وهبوب الرياح العاصفة .. وما أن اشتدت العاصفة وازدادت حدتها .. حتى قرب موعد صلاة العشاء .. وهنا لم يبالي العابد بما هو عليه الجو، إنما اتجه بكل إيمان عميق إلى باب داره محاولا الخروج لأداء الفريضة .. فكيف لا وهو لم يترك فرضا في بيت الله منذ خمسون عاما .. وعندما سار في الطريق التي تعود السير فيها .. كان الطريق مظلما .. حالكا والرياح والأمطار تعصف به يمنة ويسارا .. وهو يحاول بكل ما أتاه الله من قوه أن يسترشد الطريق.
فكان مرة يقع ومرة ينهض ويكمل الطريق ومره يجمد في مكانه لا يستطيع الحراك وهكذا .. وبينما هو في هذه الحال .. وقد اخذ منه التعب ما أخذه .. سقط في حفرة مليئة بالمياه والوحل .. وعبثا كان يحاول النهوض .. وفجأة امتدت إليه يد شدته بكل قوه من هذا الوحل .. وساعدته علي النهوض والسير .. وعندها رأى بجانبه شاب مفتول العضلات يقول له: سوف أساعدك يا شيخ على بلوغك المسجد !
وعندما وصل العابد بمساعدة هذا الشاب إلى المسجد .. شكر الشيخ العابد الشاب شكرا كبيرا على مساعدته له .. وطلب منه أن يدخل معه المسجد ليصلي العشاء .. فمن هو بمثل هذا الخلق لا بد أن يكون لله عارفا عابدا خاشعا ..
رد الشاب برد حازم: من هو مثلي لا يدخل هذا المكان أبدا!!
استغرب العابد من الرد وقال: لماذا يا بني؟؟
قال: لأنني ممن حرم عليه دخول بيوت الله .. أنا - إن لم تكن تعرف – إبليس
فتعوذ الشيخ منه وقال: ما دمت إبليس، لماذا ساعدتني على الحضور للمسجد لأداء الصلاة .. كان الأجدر بك أن تتركني في الوحل!
قال: أنا أعرفك حق المعرفة .. من هم مثلك سيحاول ويحاول، ولن تيأس وتستسلم بل ستحاول بكل ما أتاك الله من قوه لكي تصل إلى المسجد .. وقد رأيت الملائكة حولك وأنت تحاول، وكان صرير أقلامهم يصم أذناي وهم يكتبون لك الحسنات .. فخفت أن تزيد حسناتك أكثر .. ففضلت أن أساعدك لكي لا تحصل على الأكثر ..
سبحان الله! .. قالها الشيخ وهو يسير مسرعا إلى المسجد بعد سماع ما قاله إبليس له .. ثم أكمل قائلا: ظننت أن لإبليس توبة!
منقول
العرض العادي
