أنت تسبحين وأنا يحرقني عاري
هذه لحظة نادرة . لحظة لم تصادفني في حياتي من قبل . منذ أن عرفتك وأحببتك وأدركت أنك الشطر الثاني لبرتقالتي . برتقالة ريانة ملمومة على الكثير من وهج الشمس تتدحرج في أرجاء الحياة الدنيا ، وتصل الى شاطئ هذا البحر ذي الزرقة الفيروزية.
أنت في البحر . وسط الفيروز . يغطيك الموج ، فلا أرى منك سوى شعرك يعوم قريبا" منك ، وأنا على الشاطئ ، تدفئني الرمال وتجلدني الشمس ويغمرني هواء البحر عافية يخالطها خدر لذيذ
في هذه اللحظة النادرة في هدوئها وتجلياتها ، أكتشف كم أنك ناصعة وأمينة ، وذات وجه واحد تباركه إبتسامة ساحرة . وكم أنا ، في المقابل ، غامق ومركب وذو عدة وجوه ، ألبسها وأخلعها تبعا" للمناسبة ، ولا يبارك وجهي سوى ألق الدهاء
أحبك . نعم . برضاي أو غصبا" عني . لقد سيطر وجودك علي وأسقط كل دفاعاتي وسخر من خبراتي المتراكمة . لكن وجودك الناصع لم يكمل مهمته بعد ، فما زلت ذلك الرجل المخادع , الذي يرتكب الحماقات ويقع في مطبات النزوات ويكذب مثلما يتنفس لكي يحافظ عليك بجواره
الموج يغسلك ، وكان أولى به أن يغسلني من خياناتي ، وأن ينقع ضميري في مياهه المالحة ، لعلها تكويه وتعذبه ، لكي تعيده إلى صوابه ، لماذا أنا ضعيف أمام شهواتي ؟ لماذا أفشل في مجاراة وفائك ؟ لماذا أتمرد على كل محاولات التوبة وأعود الى الزلل ، رغم معرفتي أنني لا أريد امرأة غيرك ولا حياة لي بعيدا" عنك ؟
قد أكون مريضا" . هذا هو مرض الرجولة ، الذي لم تصب عدواه الأنوثة . مرض الذكر الذي يفقد صوابه عند سطوة الغريزة ، ثم ينسى كل شيئ بعد إشباعها ، وينكر كل ما حصل وكأنه ليس مسؤولا" عنه . أعود إليك بعد كل خطأ بل خطيئة ، وأترك لأكاذيبي أن تمهد الطريق أمامي ، ثم أحتمي بطيبتك وبنبع حبك وأقتنع تمام الإقتناع ، بأنني لم أرتكب إثما" وبأن إخلاصي لك لا تشوبه شائبة وأنت تفيضين بالطيبة وبالثقة وبالاستقامة . هذا يعذبني قليلا" ، وأتمنى لو كنت شكاكة ولجوجة . لو تمسحني عيناك مثل أشعة جهاز كشف الكذب ، وتتحول الطيبة والوداعة فيهما الى شر مستطير والى لؤم ينذر بالعقاب
أنت واللؤم عدوان لا يلتقيان ، وأنا والشر صنوان لا يفترقان ، فكيف جبل الله برتقالة نصفها من بياض ونصفها الثاني من سواد وسخام ؟ يعذبني السؤال وأخاف لحظة الإنكشاف . هذه اللحظة التي أراك فيها سابحة بكل أبهة براءتك , بينما أغطس أنا في لجة الرمل الساخن بكل دناءة تورطي ، وخطاياي . لحظة يسقط فيها الغطاء عن الخيانة وتتقهقر كل الأقنعة
هل تغفرين لي لو عرفت حقيقتي ؟ هل تصفحين عني لأنني ، رغم كل الدناءة ، أحبك وحدك ؟ هل تفهمين حقيقة مرضي ، وهل في يدك أن أشفى منه على يديك ؟ أريد أن اصارحك لأغسل عاري . إن عار الرجال أنكى وأشد مضاضة من عار النساء ، أريد أن أعري تاريخي أمامك واطلب أن تحكمي بما أستحق وبما تشائين
هل تشائين نبذي ، رغم أني أستحقه ولا أستحقك ؟ أم أن في زوايا قلبك الطيب والكريم ، موضعا" للغفران ... ولو بالتدريج وعلى أقساط ؟ تعالي من الموج فقد حانت لحظة الأعتراف
ابن الأرض