لست أدري إن كنت بحاجة يا صاحب السمو الى إجازة طويلة فقد قضيت ما فات من عمرك في عمل هو أشبه بالإجازة، من حيث الجدوى والإنتاجية. إن الذي أنت بحاجة اليه اليوم يا صاحب السمو الملكي هو لحظة من التجلي والصفاء الروحي لاستثارة المزيد من الحس الوطني لديك لتتخذ واحداً من أصعب القرارات في حياتك، إلا أنه من أفضلها قاطبة وأشرفها بالنسبة لك حين تعلم أن الشعب يتعطش لرحيلك من المكتب.
إن رحيلك يا سمو الأمير من المكتب فوراً أصبح مسألة ضرورة لا مسألة رفاهية ، خاصة مع نوبات الفشل المتكررة والتي كلما جاءت نوبة لعنت أختها، فكانت سهماً مسدداً لروح الشعب شبابه قبل شيوخه والى قلب الوطن من أقصاه الى أقصاه.
إن وجود سموكم على رأس العمل الحالي أصبح شامة في وجه البلاد التي تتوسل النهضة كوسيلة خلاص من مأزوميتها الحالية وأستميحكم كل العذر في وصف تواجدكم حالياً بأنه رمز إحباط جماهيري عام، يهدد بخلخلة أهداف المؤسسة التي وجدتم من أجل تقويتها لا إضعافها وبدوره يؤدي لتهديد الرابطة الوطنية بما لا تحمد عواقبه.
لا يخفى على وعي سموكم أن شعباً يزيد شبابه على كهوله بنسبة الضعف تقريباً، وهو بحاجة لمؤسسات تعمل كمؤسسات لا كأفراد، ويحتاج الى منظومات حية لا كالتي تديرونها وأنتم يا صاحب السمو بهذه الحال التي لا تسر صديقاً ولا عدواً.
كم كنت أتمنى يا سمو الأمير أن أستطيع مجاملتك في ظل أداء إدارتك الضعيف، وهو أداء يشاطرني الرأي في رداءته أكثرية السعوديين المدركين للحالة ، اللهم إلا أولئك الذين مردوا على مسح الجوخ وتزييف الوعي الوطني وممارسة نوع من المواطنة الرخيصة أو أولئك الفاسدين المنتفعين من وجود مثلكم.
فهل تساءلت يا سمو الأمير كيف لهؤلاء الشباب الذين يعدون اليوم بالملايين أن يجدوا الأمل وأن تدير مؤسسة الشباب والرياضة التي تدفعها أفكار سموكم البيروقراطية الى سير القهقرى عاماً بعد عام ؟ !
إن كل إدارة بيروقراطية ديكتاتورية كارهة ومبغضة لكل صوت صادق وجريء ومحاربة لكل أشكال الحوار الوطني، وبالذات فيما يتعلق بنقد أداء رعاية الشباب التي ترحب عادة ( :؛ كل نظيراتها حول العالم الحر المتقدم) بالنقد والتصحيح من كل من هب ودب ، لهي إدارة رجعية عفا عليها الزمن المتسارع في ثوراته التكنولوجية والمعرفية وانمحت أطلالها البائسة إلا عندنا نحن بسبب سلطة الاستئثار بالمنصب والرغبة الشهوانية في الاستبداد بالقرار والإنفراد بالتأثير.
ثم هل تعلم أن وجودك طيلة فترة حكمك الغشوم للشباب والرياضة قد تسبب في أن قطاعاً هائلاً منا الشباب السعودي لم يعد يأبه لمباريات المنتخب السعودي لكرة القدم فضلاً عن باقي أنواع الرياضة التي أصبحت ترقد في قبورها بسلام في عهدكم (.....) الميمون.
لم أكن والله يا سمو الأمير بعاشق لكتابة هذا النوع من المناشدات، التي تظهر المواطن في صورة الذليل المتوسل ( فالمواطن هو اليد العليا في كل وطن حر ومتقدم وعريق) و لكني مواطن يرى بعينيه كيف تسوء بشكل سرطاني أحوال عينات محبطة من الشباب السعودي الذي يتمثل في 70 % من عامة الشعب ، و هو شعب لن يستطيع الإنتصار على كارثة الإحباط إلا باعتناقه لما يبعث الأمل في روحه، ويعيد إليه من جديد الحماس الوطني بدءاً بشرارة الحماس الرياضي لكي يستطيع الإحتفال من جديد بالنصر بعد شتى الهزائم والإنتكاسات والتي لا تنتهي سلسلتها في عهدكم ذي ''الخطط العلمية المدروسة'' .
لقد زاد سوءاً على سوء عهد '' الخطط العلمية المدروسة '' ، بالإضافة لهزائم البطالة، والمخدرات، والتطرف الإجتماعي، والتشنج الديني، والإرهاب، والإنحلال العام، ونوبات من أزمة المعنى والغاية في الحياة، وهي هزائم سوف لن يكون وقعها على البلاد محتملاً خاصة في ظل احتكار الرياضة من قبل فرد أو قصر وفي ظل الهيمنة الصارمة على مستقبل الشباب الترفيهي من جانب المحسوبيات، وكأن الشعب لا إرادة له في إدارتها، أو حتى انتقادها، أو المشاركة فيها على مستوى المحافظات والأقاليم.
إن أفضل ما يمكنه عمله اليوم لشعبك المسكين يا سمو الأمير هو أن تغادر المكتب فتعمل في التجارة أو السياحة أو الصناعة أو شيء يجعلك تمحى من الذاكرة الوطنية مؤقتاً، المهم أن لا تقترب من مؤسسات تحتكر العناية بالمصلحة العامة.
كما أتمنى عليك ، ضمن هذا التوسل، أن لا تحاول توريث المكتب لابن أو صديق أو محسوب فنحن لا نريد غياب شخصك بقدر ما نريد غياب تأثيرك عبر نفسك أو عبر محسوبيك.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم ثم استميح سموكم الكريم العذر إن كان في ثنايا رسالتي هذه ما يتسبب في جرح مشاعر أحد أو إن كنت تجاوزت حدود 'الأخلاق السعودية' المنضبطة.
هذا وشكراً لكم على الاستقالة مقدماً .
التوقيع : مواطن يؤمل في القلم ما يؤمل غيره في السيف، ويرجو أن لا يكون مخطئاً.
يا سمو الأمير....استرح...وخلنا نرتاح
العرض العادي
