بسم الله الرحمن الرحيم
.
.
.
.
.
.
،
كــمْ تَعـــرت تلـك المَشاعِر من كل ألوانِ الزيف القاتِمــة،كَم حوَت من معانــِي الصِدق والوفـَاء والشهامَة
كم حملــَت أسمـــى آياتِ الإخــلاصِ والطُـــهر ،..
ليــت للبَشــرِ أن ينهضُوا بأرواحهــم خارِج أسوَار الزيفِِِِ خارِج زنازِن الماديــة الرتيــبةِ التي قضّت
مُقــَل الأطهــــار،واهــاً لمن صانوُا قلوبهم وطهـــرُوا أرواحهـــم ،وبخٍ بخٍ لمن مهّدوا مشاعِرهـُم في حينهـا
علــى الصفاءِ والنقاء،أيقنوا أن الحَيــاة نبضــاتٌ ،سُرعـان ما تنْقضـــي ،فأذهبوا ذلك السوادُ
جُفاءاً وأمــا ما يرقَــى فيبْقى فِي القلب...
كم تبقَــى تلكَ المعانِى خالِدةً في قلوبنـا،ساميــةً تسمُوا بنا عالياً ،تدفعُنـا قُبُلاً لكُل جميل..
لو قُدّر للعالَم أنْ يرسُم الحـبْ لكان لوحــةً حزينـــةً ،ترسم على محيــا منْ رآهـا لونـاً حزيناً
يذبُل معه الفؤاد،كيفَ أصبَح ذلك المنهَل العذْب مرتـعاً للبؤس والحُزن والآسـى..
أيُ جريمــةٍ لفقها العالَم للحُــب...
"قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ "
(آل عمران -31)
ألا تكفــي هذه الآيـــة لتكون شاهــد حق علي نقائه وعلو شأنــه ،بل لتمحُـو اتهاماتِ الظلم والعدوان
أمــا كان الحــب شرطاً لدينِنــا ،بـــه نمضـــي ومنه نبدَأ...
ياليت لي بضاعةً غير هذه المزجاة، أجعلهـا عن حياضِ الطهر والعَفاف،لكن السماء لا تُدرك بالمُنى..
ومــِن هُنـــا يكونُ الاقتـــداء...
*** روت عائشة رضي الله عنها : أن عجوزاً جاءت إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال لها :
من أنت ؟ فقالت : جثامة المزنية ، فقال : أنت حسّانة . كيف أنتم ؟ كيف حالكم ؟ كيف كنتم بعدنا ؟
فقالت : بخير ، بأبي أنت وأمي .
فلما خرجت قالت عائشة : يا رسول الله ! تقبل على هذه العجوز هذا الإقبال ؟! قال : إنها كانت تأتينا زمن خديجة ، وإن حسن العهد من الإيمان .
قالت عائشة رضي الله عنها :
ما غرت على أحد من نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما غرت من خديجة ، وما رأيتها قط ، ولكن كان الرسول صلى الله عليه وسلم يكثر ذكرها وربما ذبح شاة ثم يقطعها أعضاء ، ثم يبعثها إلى صدائق خديجة . وربما قلت له : كأن لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة !!
فيقول : إن كانت وكانت ، وكان لي منها ولد .
خير نسائها مريم بنت عمران ، وخير نسائها خديجة ( وأشار إلى السماء والأرض ) .
*** قالت عائشة رضي الله عنها : ما غرت على امرأة قط ما غرت على خديجة من كثرة ذكر النبي صلى الله عليه وسلم إياها ، ولقد ذكرها يوماً فقلت :
ما تصنع بعجوز حمراء الشدقين قد أبدلك الله خيراً منها ؟ !
فقال : والله ما أبدلني الله خيراً منها ، آمنت بي حين كفر الناس ، وصدّقتني إذ كذّبني الناس ، وواستني بمالها إذ حرمني الناس ، ورزقني منها الله الولد
دون غيرها من النساء .
* إن هذا الإعجاب العظيم من الرسول صلى الله عليه وسلم بخديجة دليل على نبل وفائه ، وسموّ خلقه ، وتقديره للعقل الراجح ، والنفس النبيلة على الرغم
من كبر سنها فقد كانت في الأربعين وهو في الخامسة والعشرين عندما تزوجها ، فلم ينسه كل ذلك جمال عائشة وفقهها ، فبقي وفياً لها طوال حياتها ، ولم يتزوج عليها على الرغم من كبر سنها حتى ماتت ،
أليست هذه مشاعر حب صادقة، من نفس صادقة..ألا أذاقنا الله منها ورزقنا عيشاً في ظلهـا..
أخوكم..