هل نحن مكروهون حتى في دول الخليج؟ عبدالله ناصر الفوزان هناك مفارقة عندنا أضخم من جبال الهملايا.... فنحن في الداخل ننشد الطهارة وبعضنا يدَّعيها ويبالغ في ذلك، ولهذا نحرص على أن يكون مظهرنا في الداخل أكثر نقاء حتى من مجتمع الخلفاء، أما الجوهر داخل نفوسنا فنحن في الواقع لا نختلف كثيرا عن غيرنا من المجتمعات الإسلامية العربية الأخرى المعاصرة، فبيننا كثير من الصالحين، وكثير من الطالحين، وفينا الكبار الذين عركتهم الحياة وأعطتهم حكمتها، وفينا المراهقون بل وحتى الشيوخ المتصابون... وهكذا فنحن لسنا مجتمع ملائكة بل مجموعة من البشر بقوتها وضعفها، ومشكلتنا الكبرى في تقديري أن الطهارة الكاملة التي يتطلع أولو الأمر والنهي لدينا إليها أوجدت لدينا في الداخل ذلك التمظهر بالكمال والسلامة من الآفات، وهذا جعل نقاط الضعف الكثيرة تبحث لها عن ساحة في الخارج لتلعب فيها، أي إن حرص أولي الأمر والنهي (من المصلحين والساسة) على أن يكون المجتمع طاهراً نقياً من الشوائب جعل مجتمعنا لا ينشر غسيله في سطحه، ولا يقبل بهذا، ويترك من لديه غسيل أن يبحث عن سطوح الجيران وغير الجيران لينشره فيها... وهكذا بدأ غسيلنا يبرز مع الأسف في السطوح الأخرى في كثير من دول العالم ويشتهر ويتكدس، وحصلت تلك المفارقة الكبرى وذلك التناقض الكبير بين صورتنا في الداخل وصورتنا في الخارج. اسمحوا لي... فلا يمكن أن أتفق مع الذين يقولون إن ما حصل لأبنائنا في البحرين نهاية الأسبوع الماضي أثناء حفلات رأس السنة الميلادية وبالتحديد ما بين الثانية عشرة والرابعة صباحاً من اعتداءات وضرب وحرق للسيارات وإتلاف للجوازات وإيذاء مدبر منظم من قبل عشرات الشباب البحرينيين... أقول لا يمكن أن أعتبر ذلك مجرد انعكاس لما حصل بين لاعبينا ولاعبي منتخب البحرين في المباراة التي تمت بين الفريقين في دورة كأس العرب الأخيرة في الكويت... لا أبداً... لسبب بسيط هو أن تلك المشاحنات التي حصلت بين اللاعبين السعوديين والبحرينيين ليست هي الأولى بل كانت ظاهرة تتكرر وقد بدأت منذ أول دورة لكأس الخليج، وبالتالي فهي عرض لمرض... وهذا المرض هو الذي نتج عنه أيضاً تلك الاعتداءات الأخيرة على أبنائنا في البحرين... ضمن من تم الاعتداء عليهم. هو مرض في تقديري نواجهه منذ عشرات السنين أي منذ بدأت طفرة النفط لدينا ومنذ أن توفرت المادة والقدرة على الحركة لشبابنا بحيث يتم البحث عن ساحة بعيدة خفية تتفجر فيها نقاط الضعف. وهذه الساحة الخفية التي ينشر مع الأسف الآن شبابنا غسيلنا فيها ليست هي البحرين وحدها، بل دول أخرى غيرها، ولست في حاجة لأن أعدد وأفصّل وأكشف المستور، فالرائحة مع الأسف أشد من أن أحتاج إلى الإشارة إليها وأشد من أن يستطيع أحد تجاهلها، وهي رائحة لا نتحمل نحن كل أسبابها بل يتحمل القائمون على تلك السياحة المفتوحة في بعض تلك الدول المجاورة وغير المجاورة كثيراً من تبعاتها، ولكن هذا لا يعفينا من مسؤولية إيذاء الكثيرين الذين كرهونا من أجل ذلك، فالكراهية لا تأتي من أولئك الذين فتحوا السياحة وأولئك الآخرين الذين أرادوا أن يستفيدوا منها وإنما تأتي الكراهية من تلك الطبقة العريضة التي لا ناقة لها في ذلك ولا جمل، فتلك الطبقة العريضة ليست هي التي تفتح باب سطوح منازلها لأبنائنا لينشروا غسيلهم فيها، وبالتالي فلا بد أن تشعر بالكراهية وهي ترى وتراقب وتتضايق. يا لها من مشكلة كبرى... ويا له من مرض اجتماعي واقتصادي خطير... أتدرون ماذا يقول الخبر...؟ يقول إن أكثر من خمسين ألف مواطن سعودي عبروا جسر البحرين للاشتراك في إحياء حفلات رأس السنة... وهل تعلمون ما حقيقة الأمر...؟ حقيقة الأمر أن كل دولة مجاورة تريد تطوير السياحة فيها لا بد أن تأخذ شبابنا في اعتبارها... ولا بد أن تستفيد من تناقضاتنا... أي نعم تناقضاتنا... لا بد أن نعترف الآن بذلك... نعم. نعم... تناقضاتنا... فلدينا الآن تناقضات صارخة. آسف إذا كان هناك حدة أو تجاوز في لغتي... فالمشكلة كانت تؤرقني منذ أمد بعيد، وقد تفجرت الآن في نفسي وأنا أرى هذه الاشتباكات مع شبابنا في دولة هي الأكثر قربا لنا وهي البحرين... وقد رأيت أنه من الضروري أن أشير بإصبعي بكل صراحة إلى المشكلة وأقول ها هي مشكلتنا... تلك المشكلة التي جعلت فئة قليلة منا تستطيع أن تضع اللون الأسود على كل أسوارنا من الخارج ليبدو هذا اللون صارخاً جداً أمام المجتمعات الأخرى في حين أننا منشغلون في الداخل وحريصون ومبالغون ونحن نضع اللون الأخضر في كل مكان... وأنا أيها الأحباب أعرض المشكلة ولا أعرض الحل لأنني بصراحة لا أعتبر نفسي مؤهلاً لذلك، لأن البحث عن حل لها أكبر من اجتهاداتي وقدراتي، ولذلك تروني أكتفي بالإشارة لها بإصبعي وأقول هاهي مشكلتنا وهاهو مرضنا إذا أردتم الحل والعلاج، وأنا أخاطب الآن القادرين على بحث المشكلة وإيجاد حل لها وهم أهل الحل والعقد من الساسة والمصلحين، فهل نحن الآن بصراحة مكروهون حتى في دول الخليج؟ وأرجو ألا يفهم من هذا أني أبحث عن أعذار لمن تعرضوا لأبنائنا في البحرين، فالاعتداء مرفوض ولا يمكن قبوله بحجة مثل هذا المبرر، ولا بد لكل من اعتدى أن ينال عقابه ولا بد من رد الحقوق لأصحابها، ولكنني أعرض مشكلة ومرضا لا بد أن نعترف به لأنه بصراحة خطير جداً وفي حاجة لعلاج عاجل.
كاتب سعودي
____________________
مارأيــــــــكم أنتظر تعليقاتكم الجاده على الموضوع وتعليقي عليه سيأتي لاحقا ........
ودمتم سالمين