اقترب وقت المغيب وإنا جالس على صخرة قرب شاطئ البحر...
فكم أعشق ذلك العالم العميق الرائع...وكم أحب الجلوس بجواره..
أرمي له بهمومي فتأخذها الأمواج بعيدا وتعود وتضرب بها على الصخور فتفتتها..
أفكر بمد البحر وجزره...
مهما ابتعد عنك محبوك وأعزائك...وغاصوا في الدنيا,سيأتي يوم ويعودون...
.ورفعت رأسي قليلا لأرى تلك النجمة النحاسية....
رأيت الشمس وهي تغيب فضحكت!!؟
تذكرتها وهي تشرق في الصباح وتنشر نورها,وتبدد الظلمات وتعلن بداية يوم جديد...
ومع الظهر وهي في كامل قوتها,تلفح وجوه الناس.وتجبرهم على الهرب من هجيرها.
هاهي تغيب وهي في ضعف ويأس فشعاعها لم يعد يخيف أحد..
ونورها بدأت تأكله ظلمات الليل..
.ولكنها تغيب وتحتضر وهي في أحلى صوره.
.نعم فمنظرها وهي تغرق في أعماق البحر,
وخيوطها ممتدة على سطحه,يأسر العقل ويأخذ الروح.
ها قد ماتت الشمس..وهاهو الليل قد اقبل بسواده الجميل..
.لتبدأ سهرة النجوم..وتضيء وتزين السماء كاللؤلؤ المنثور..
ولكن هناك ضيف جديد قادم....نظرت إلى مغيب الشمس ورأيت نورا لامعا....
.يزداد شيئا فشيئا...و ما هي إلا لحظات حتى سطع القمر في السماء....بكامل نوره وبياضه..
ارتفعت كل الأبصار إليه بإعجاب...والأيادي جميعها تلوح له.
.وهو ينظر بإعجاب إليهم وقد ملأه الغرور..
وأخذ يمشي ويشق رحلته في عرض السماء
,وكأنه سيستغرق الدهر كله...تركته وغروره..وصرت انظر إلى البحر..
وقد انعكست عليه أضواء القمر فأخذ قلبي بالرجفان من جمال المنظر..
وأخذت بي الأفكار والأحلام بعيدا..وعادت إلي ذكريات جميله وأيام لا أنساها
.ومع مرور الوقت نظرت مجددا إلى ذلك المغرور وقد أوشك على المغيب...
.فبعد كل ذلك التبختر لم ينفعه جماله وبريقه.
فهو في طريقه إلى المغيب أو بالأحرى إلى الموت.
وكأني به يصرخ بلا صوت..ويبكي بلا دموع...
إن البحر بوسعه والشمس بقوتها,والقمر بجماله,
ما هم الا نقطه من دنيا الحب.فالحب أروع واقوى وأوسع من هذا كله.
فقلب المحب هو الشاطئ التي تتكسر عليه هموم وأحزان محبوبه....
وروح الحبيب هي القمر بجماله وطيبته وحنانه...
وعقل المحبوب هو كقوة الشمس في التفكير في حبيبيه وفهمه...