من الأمور البديهية المسلّم بها في هذا الكون العظيم ، أنه ما من شيء موجود الا وله واجد مبدع ، فعظمة هذا الكون وتهيأته لعيش الانسان فيه، دليل مفعم بالدلائل على وجود خالق عظيم مبدع مصور.
فنحن نرى الشمس تشرق تدريجيا ، تسير بخطوات هادئة حتى تغمر الدنيا بأشعتها ، ليقوم الناس بأعمالهم ، فما تلبث الا وتودع بقعة من الارض بغروبها الجميل ، والمتأمل على شاطيء البحر ، يرى وكأنها تغرق في اعماق البحار ، لتنام في هدوء اعماق البحر وسكونه ، ليظهر القمر في السماء ، الذي يشبعنا حنانا و عطفا ، نتغنى به ، و نصف الحبيب برونقه الصافي ، وتتوالى الايام في تصارع بين الشمس والقمر ، ليخيل للأنسان أنهما شحنتان متشابهتان في العطاء ، لذى يستحال تواجدهما معاً .
قال تعالى:( يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل )
وقال:( لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار
نرى هذه السماء صامدة هادئة ، سقف للبشر بلا أعمدة ، مالذي يمنعها من السقوط ؟ ما الذي يمسكها ؟ لتتجلى عظمة الخالق في الرد على هذا السؤال في قوله (بغير عمد ترونها )
ترونها أي هناك أعمدة ولكن لا نراها ، متمثلة في الجاذبية الارضيه ، ما اعظمك يالله.
نرى الارض التي نمشي عليها كالبساط الممدود ، وهي حقيقة كرة تدور حول نفسها ، وتدور حول الشمس
قال تعالى:(والارض مددنها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج )
قال تعالى:(والى الارض كيف سطحت )
هذا قطرة من بحر بديع وحسن خالق هذا الكون .
نعتز بعظمة هذا الاله وبقوته ، هذا الاله الذي ينزل آيات عظيمة ، يأمر فيها بالتأمل لهذا الكون ، لنرى عظمته .
يقول جل شأنه:(أفلا ينظرون الى الابل كيف خلقت )
وكثير آيات يحث الله فيها الانسان الى النظر والتأمل . وفي هذه الايات بيان لعظمة الله في الاسلوب والطرح للمواضيع ، حيث يتجلى اعجاز القران الذي هو كلام الله ، وصيغ البلاغة الرائعة التي تضمنت قدرة الله في الكون ، والحكمة من خلقه للناس ، والوعيد والجزاء والعقاب .
يقال أن سيد قطب كان يلقي محاضرة في بلاد الكفر ، وكانت محاضرته تتضمن آيات قرانيه ، مما دفع امرأة للوقوف أعجابا لهذه الايات ، فلم يلفت انتباهها الا آيات القران ، هزتها لأنها من عظيم بارع مبدع .
كما تجلت عظمة الله في الانسان نفسه ، فمجرد التفكير في هيئة الانسان ومكوناته تظهر تلك العظمة ، فكيف يتصور الانسان أنه بمجرد أمر من العقل الى حاسة من الحواس لتقوم بعملها على الوجه الاكمل .
قال تعالى:(هل أتى على الانسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا * إنا خلقنا الانسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا )
فها هو الان ينطلق لساني ، وتكتب يداي ، لتعبر بحروف عما يجول في عقلي ، أنه لمن الصعب التفكير في هذا الامر .
فما أعظمك يالله ، ما أعظمك كلمة يقولها لساني ، ويدق لها قلبي ، ويقف لها عقلي حائرا ، ولكن لك هذه الكلمة يكون لها معنى عندي .
أنا لا أقول ذلك كون أيماني يفرض علي ذلك ، وإنما أقولها بعقلي ، وبنظري لما شهدته من بديع خلقه .
فها هو بروفسور شهير في مؤتمر كبير يعقد في أحد الدول الغربيه لمناقشة أحد ظواهر الكون ، ليبحث المختصين لايجاد حل لتلك الظاهره ومعرفة سببها ، ليقوم رجل مؤمن حامل كتاب الله في قلبه ، متسلح بسلاح العقيدة ، قارئا آية من آياته قال تعالى:(رب المشرقين ورب المغربين )
ليستدل على وجود شمسان لكوكب آخر غير الارض .
قال تعالى:(رب المشارق ورب المغارب )
دلت على وجود عدة شموس لكوكب واحد غير الارض .
كما قال تعالى :(كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها )
جاءت الابحاث بعد عدة قرون لتثبت أن موضع الاحساس عند الانسان هو الجلد ، فبذهابه ينعدم الحس عند الانسان ، وقد سبق القران ذلك كله . وبعدما قرأ ذلك الرجل تلك الآيات آمن كل من في المؤتمر .
كما أن العالم الحقيقي لابد وأن يأتي يوم من الايام ليؤمن بالله ، أو يكتمه في قلبه ، أو قد يتكبر خشية منصب معبن .
وتلك الامثلة التي ذكرتها ماهي الا جزء صغير يكشف عن عظمة الله في الكون ، واعجازه في القران في بلاغته و في علمه .
فما اعظمك
تحياتي للجميع