الفلتان الأمني
الحمد لله الذي أنعم علينا بنعمة الإسلام, وأشهد أن لا إله إلا الله قال وقوله الحق :
{أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ } .
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله قال وقوله الصدق:
( لتتبعنَّ سُنَن من كان قبلكم شبراً بشبر, وذراعاً بذراع, حتى لو سلكوا جُحرَ ضَبٍ لسلكتموه, قلنا : يا رسول الله اليهودَ والنصارى؟ قال: فمن؟)
كثيرةٌ هي الكلمات التي باتت تُثْقل القاموس السياسي في عصرنا هذا الهابط سياسياً والمنتكس فكرياً,
ومتنوعة هي الاصطلاحات التي يريدها أصحابُها حلولاً جزئية لِما نعيش من بلايا ومصائب,
ثمّ فادحةٌ هي النتائج المرجوة من جعل مصطلحات صنعها الكافرُ المستعمر على عين بصيرة منه,
لتدلهم بنا الخطوبُ وتتبعثر بنا الدروب.
واحدةٌ من تلك المصطلحات التي وُضعت كحلٍ للأزمات وهي بحد ذاتها أزمةٌ تُضاف إلى مجمع الأزمات ألا وهي :
( الفلتان الأمني )
ففي كل مرة فيها حوادث إطلاق نار أو قرصنة أو بلطجة إلى آخر تلك الأوصاف لِما نعيش من نكد العيش,
نقول في كلِّ مرة يخرج علينا ثلةٌ من المسيسين في مدارس الغرب ليعزوا تلك الأحداث وهاتيك المصائب للانفلات الأمني,
فإذا قتل الأخ أخاه قلنا فلتاناً أمنياً,
وإذا أسلم الأخ أخاه للعدو, قلنا فلتاناً أمنياً,
وإذا صار الغفيرُ وزيراً واختلس المالَ حتى انتفخت وجنتاه بالرِشا وتدلت أطرافُه من أثر المال فراح يصول ويجول ويعربد, قلنا فلتاناً أمنياً,
وإذا خرج نكِراتٌ من رَحِم الخيانة والإجرام وراحوا يقتلون الأطفال ويروعون النساء, قلنا فلتاناً أمنياً.
أيها الناس:
ما هذا الذي يحدث بنا, وأي التفاف عن جادة الصواب تسربلنا, وكيف بنا نركن للواقع, وحتّام نعمدُ إلى إصلاح الفرع وننسى الأساس, أوَ لم ندرِ بعدُ أن أعداء الإسلام يلهوننا باختلاف مسائل فرعية تكون مِشجَباً أو علاقة نعلق عليها أخطاءنا فلا نحن أصلحنا الفرع ولا الأصل صلح.
عبادَ الله:
اعلموا أن الانفلاتَ أنواعٌ وأن فلسطين ليست هي الوحيدة التي تعيش هكذا أجواء, فهناك انفلات اقتصادي وآخر سياسي, وثالث اجتماعي, انفلاتاتٌ بعضها فوق بعض, تحرق الأخضر واليابس, إذا ما أنعمت النظرَ في أسبابها أدركت يقيناً أن الحكام هم أصلها وهم أُسُّها, فهم الذين باعوا مقدرات البلاد الاقتصادية, وهم الذين ضيعوا الأمن والأمان, وهم الذين ركنوا للغرب, فربطوا إراداتهم السياسية بأيدي الغرب الكافر, فهلاّ أدركتم مكمن الداء لتبدأوا بتحضير الدواء.
أيها الإخوة:
ما كانت هذه الانفلاتات الأمنية ولا تلكم الخروقات القانونية لتوجد لو أن نظاماً صالحاً للتطبيق نـُحكِّمه في حياتِنا موجود بين ظهرانينا, وما كانت هذه لتكون لو أننا درسنا سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم في تطبيق الإسلام تفكراً وتدبراً ليكون الوصول للتطبيق أمراً سهلاً ميسوراً.
فما أحرى بنا اليوم وقد انحدرنا في مهاوي التخلف وقيعان الجهالة أن نعود فنتلمس طريقه صلوات ربي وسلامه عليه فنعمل لإقامة الخلافة الراشدة التي فيها إصلاح الناس وخلاصهم, والتي بها ننفلت من ربقة أمريكا وسِوار أوروبا,
فإلى هذا العمل العظيم ندعوكم أيها الناس. وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ
منقول
العرض العادي
