بعد أن جفت الامكنه والازمنه ، وبعد أن تعبت من كثرة التفكير ، لم اعد ارغب في شيء فقط أريد أن انفرد بنفسي وألوذ بوحدتي وابتلع صمتي ، واجلس في مكان لا يراني فيه احد ، ولا أريد أن أرى أحدا فيه .. مكان انظر فيه إلى السماء والبحر لأكون هادئة مع ذكرياتي، لا أريد من يقطع أفكاري أو يخرجني من هدوئي.. أريد أن اقتحم أغواري والقي بذاتي في رحاب ذاتي ، واحدث نفسي وأحاورها ، مادامت هي الوحيدة التي لا يستطيع احد أن يسلبها مني سوى خالقها ، لأحاول أن أعيد صياغة جوانحي من جديد .. ما أشقى ذاكرتي، وما أتعسها، فكل ذكرياتي يلفها الصمت وتسحبني إلى الركود في القاع، فتفلت الأصوات والوجوه مني..
لا ، لست ميتة ، فانا أتنفس ، ولست متشائمة ، بل على العكس ، فانا أتميز بالتفاؤل المطلق ، وليس ما بداخلي كرها للحياة ، ولكنه أيضا ليس بالحب لا هو بالتسامح ولا هو بالحقد ، لا اكترث بالفرح ولا بالحزن ، لم أجد في ذاكرتي أي إجابة لأي سؤال ، حتى الحلم لم اعد أحلمه ، وحتى لو حلمت تظهر أحلامي بدون أصوات أو صور ، فكل شيء هادئ في أعماقي ، فذاكرتي تحيا في سكون قاتل ، وهناك ظلال لصور غير واضحة لأحداث لا ادري أهي سعيدة أم حزينة ! ولا توجد بداخلي همسة أتذكر بها لقاء مفرحا أو فراقا مبكيا، عدا صوت يدوي في قوقعتي بدون صوت..
تعبت من سجن وحدتي المنفرد ، الم يحن الوقت لأخرج من هذا السجن والتقي بوجوه جديدة ؟!..
رغم أن حياتي مليئة بالأعمال التي لا تنتهي ، لكن يلفني صمت داخلي يجعلني أحيا في ممرات مظلمة .. فكم طالت غيبة الحب عن حياتي ؟؟!.. فعدم شعوري بهذا الإحساس يسبب لي أزمة نفسية ومعنوية وعاطفية، فانا انتظر بلهفة حدوث انقلاب لكياني، أريد أن أحس بذلك الشجن الذي يشعرني بأحلى إحساس ليجتاحني.. ماذا أقول ؟؟! .. فبعد أن رفضت كل شعور حاول أن يتسلل لحياتي في الماضي ولم اشعر بالحرج أو الندم في ذلك الوقت ، ورفضت كل إحساس حاول أن يتسلل خلسة ليلامس مشاعري تجبرت وعاندت مشاعري وما انتابها بحلوها ومرها ، أما الآن فانا بحاجة إلى التصالح من أنوثتي وكياني وأخشى أن يكون الأوان قد فات .. انه شعور ينزعني قسرا من مكاني وزماني وظروفي ووضعي إلى زمان ومكان آخر في ظل ظروف متغايرة فأحاول أن لا أثير ذكرياتي ، وأسدل الستار على الماضي ، حتى لا انزلق في متاهات أحرج فيها عواطفي بعد أن استغنيت عنها بدون اكتفاء ... فقلبي لا يزال ينبض ، ما زلت ابحث عن الحب وكلما ضعفت مقاومتي شجعني واقعي على التمرد وانتابتني ثورة عارمة تحرضني على اتخاذ القرار الحاسم بدون تردد حتى لا تتغلب عليّ شخصيتي القديمة ، ويعود ضعفي ، وحتى لا اخسر كل شيء ، علي أن احتفظ بالأمل ... لماذا لم أصل إلى مرحلة التمرد هذه من قبل ؟؟.. ولماذا لم اندم على سنوات الجفاف التي منحت فيها أنوثتي إجازة مفتوحة وأنا في ربيع عمري ؟؟!!.. لذا قررت أن أتعامل مع الصبر ، لعلي ازرع في أنحائي خطة للانتقام من معاناتي ، وسأبذل جهدي لأنمي خططي وأرعاها حتى اخرج من محنتي بسلام ، فليس هناك من ينتشلني للأفضل إلا نفسي ، فلا احد غيري يصنع قراراتي ، ولابد أن أواجه فشلي وأخطائي وضعفي وان أتحرر من السلبية التي ليس لها داع والتي تأتي دائما على حساب تعبي وأعصابي ، لابد أن احمي نفسي وكياني وحياتي من الوحدة والانعزال ...................