رؤية أنـــــس للفساد عبر العصور
أرجوا من الجميع التفاعل من بعد اذنكم سادتي
جلست قابع في سريري أحتسي عصارات الألم تتخبطني هواجس الرحيل ولا أعلم لأين تناشدني روحي بالخلاص ممن آلموها مطلقة زفرات الحسرة على هذا الزمن الملوث بنفوس وطبائع قاتلة مجرمة .
وسؤال في عقلي بعد أن عرف معنى الإياس ؟؟
إن نفضت يا صاحبي الغبار عن تلك العصور الغابرة وعدت للعيش فيها فهل ستنعم بسؤدد العيش سرعان ما أرتسمت إبتسامة على شفتي وكأنها تعطي الموافقة
فأغمضت عيوني داخل في حلم يقظة يفتح أمامي فوهة الزمن الهلامية المشعة تسحبني مسلوب الإرادة للدخول فيها فإذا بها تلفظني في عصر من الصور القديمة المقروء عنها بأنها عصور السعادة والراحة والمثل الجميلة
فدخلت قصراً جميلاً !
لأجد ترحاباً ساراً لازمني لحين وصولي الى الملك الجالس على عرشه وعلى يمينه وزيرته وعلى شماله رئيسة العاملين .
فبداية ما قام به معي هو الضيافة والكرم السخي بأشهى ما وجد في قصره ولإتمام المسرة أمر بمناداة الجواري الراقصة
فدقت المعازيف وتمايلت عليها قدود الجواري المستحوذة على عيون الملك
التي ما إن مالت بإتجاهي إنتهزت الفرصة لأخبره بالذي جاءبي إليه وعندما هممت بالكلام معه وإذا بعيونه تميل للجهة المعاكسة فأدركت بأنها تميل حيث مالت تلك الجواري !
فضحكت في داخلي ضحكة أستهزاءٍ على سكره بالمجون وعلمت حينها أنه ليس من المناسب الحديث معه في هذه اللحظات .
فقررت بالإنتقال الى وزيرته ذات الجلسة العنجهية والتي نمَت عن وضعها المتين في ذلك القصر وبانتقالي الى جانبها كانت بأصابعها تشير على جوارٍ
ذات جمال أخاذ وتهمس في أذن الملك لتتبع همساتها ضحكات صاخبة يغرق الملك فيها لتكون عيونها في وميض سريع قد عادت لمسح الضحك
لتظهر الملامح اللئيمة الحقيقة على وجهها .
فسرعان ما تراجعت عما قررت أن أفعله
وكأنه بدأ يولد شيء في داخلي من الحيطة والحذر ولم يبقى سوى الإنتقال لرئيسة العاملين لأفصح لها بالذي قادني
إليهم وبرنوة خاطفة لمحت يداها التي كادت تهترء لشدة تعاركها مع بعضها البعض وعيناها الممتلئة بالغيرة القاتلة
الفاضحة لحبها لصاحب الجلالة فعدلت عن ما كنت أنوي القيام به وقررت تأجيله لحين سؤالهم لي عن سبب مجيئي إليهم ...
وبكل هدوء لا يشعر أحد بتحركي أنسحبت لتعبي وإرهاقي طالباً من الخادم أن يقودني الى غرفة لأرقد بها
فبدا الإنزعاج على وجهه
وسار أمامي وبنظرة سريعة الى أرجاء القصر لاحظت بأن مظاهر الفخامة التي نسمع بوجودها في القصور قد غابت عن هذا القصر الغريب وأن خدامه
يفعلون ما يحلو لهم من دون خوف من عقاب ملكهم وصلت الغرفة ودخلت لأنام .
وسرعان ما غرقت في نوم عميق لم يدم بمجيء صوت مزعج أيقظني
جاعلاً الفضول يتسلل إلي ليرمي بي في رواق القصر باحثاً عما أقلقني
وقادني سمعي الى غرفه كبيرة المنبثق من بابها نور خافت فتسللت بنظري لداخل الغرفة ورأيت الوزيرة !!!!
تدق وتصنع أقنعة مختلفة في أشكالها وكلما وضعت قناعاً على وجهها تضحك وكأنها تريد أن تثبت لنفسها أنها الأقوى والمنتصرة .
فخرجت من دون إرادتي لهثة دهشة خفت أن تفضح أمري فتحركت بسرعة لأعود الى غرفتي وإذا تتهادى الى
مسامعي ضحكات هاربة من غرفة الملك ففرحت بسهره وذهبت للجلوس معه وبدخولي الى غرفته جحظت عيناي بوضعه المشين مع (رئيسة العاملين ) وبسرعة جنونية أدرت ظهري للهروب من الغرفة ذاك الهروب والإنسحاب لم يمنع غيظ رئيسة العاملين أن يصل لعيوني
فأدركت فوراً بأنه ليس من الممكن أن أطلب من الملك البقاء في القصر فما شاهدته لن تتركه عاشقة الملك ولا وزيرته أن يبقى موجوداً
ليفضحهما في القصر وستحاك المكائد ليتم إبعادي وطردي من هنا ...
وعند شروق الشمس ذهبت مع أمتعتي لقاعة صاحب الجلالة مقرراً شكره لحسن ضيافتي مودعاً إياه ..
فاستعجب لقراري بالرحيل قبل أن يعلم بسبب مجيئي !!
فطلب مني البقاء بإلحاح
قتلته صرخة رئيسة العاملين التي رافقتها ضكحة صفراء من ثغر الوزيرة
دعوا الضيف على راحتة ولا تجبروه على مالا يحب .
فضحكت في داخلي لعملي بسبب ما تقدمت به
ونادتني الوزيرة طالبة مني البقاء مرتدية قناعاً مزيفاً يخفي وراءه حقيقة رغبتها برحيلي ..
ونظرت للملك نظرة علقت في ذهنه الذي لم تبقى فيه مساحة لأي شئ لا يتعلق بالمجون والنساء وقلت له وداعاً ورحلت من القصر إذا بصوت الملك يناديني من بعيد مطالباً مني البقاء
فضحكت بحزن وقلت له تركت زمني لوجود الأناس والصفات اللاأخلاقية آملاً أن أجد ما ابحث عنه عندكم ولكنني
وجدت أنني ما فررت منه موجود في كل الأزمان فطلب مني البقاء واعداً بأن ألقى ما أحب ..
فسألته هل تغير ما تحب أنت وتبعد من حولك لتعيد بناء قصرك بمن هم الأجدر ببناءه ؟؟
فأحنى رأسه وقال لا أستطيع العيش بلا إناث
فقلت له ستبقى كما أنت وسأبقى أنا هارباً أحلم أن تشرق شمس المحبة والإخلاص والوفاء وكل ما يجمل الروح
وكلمة الأخيرة لك
أرثي لك يا صاحبي عبادتك لما لا يستحق أن يعبد
بقلم أنــــــس