وسأجعل أتحدث لكم عن والدتي وإصرارها العجيب على أن أتزوج ، وأفرّخ !! ، الوالدة – أطال الله عمرها – تريد أن ترى أولادي وأولاد أولادي ، بغض النظر عن الطريقة التي تحقق هذا الهدف ، فأخذت تخطب لي من القاصي والداني ، وصارت جلساتي معها مملة ولا تنتهي إلا بغضبة تغضبها ! ، ودعاء يسوقني للحتف ، بل أخذت تلمح للراتب ! ، وتقول بأن راتبك هذا كان يزوج 12 رجلاً ! ، نعم نعم يا أمي ، 12 رجلاً ، عندما كانت الشَبكة التي تقدم للعروس عبارة عن عقد من روث الإبل ، مطعم بأحجار غير كريمة ، والبيت التي تسكن فيه عبارة عن جحر ضب أصابه السيل ، و المهر 3 من الأغنام !! ، أي 12 رجلاً يا أمي ! .
يا والدتي العزيزة ، أرجو أن يصل إليك هذا الموضوع – وأشك في ذلك - ، وأن تقرئي ما فيه وأنتِ تمارسين هوايتك المحببة – صناعة البيوز - ، والتي على أثرها تناقصت أثوابي عاماً بعد عام ، حتى أني صرت ألبس الجينز في صلاة الجمعة وكأني مقاول ! ، أرجوك يا والدتي أن تتفهمي وضعي جيّداً ، وأن تكفي أنتِ وصديقاتك عن مسألة زواجي ، أتذكرين تلك الفتاة التي قلتِ عنها ( يا زينها ، حافظة القرآن ، وبنت أصل وفصل ، وش حليلها ، راعية بيت ، ظَفره ، حلوة ) ، حسنٌ لماذا لم تقولي وقتها بأن الفتاة هذه مصابة بعمى الألوان ؟ وأن تعليمها هو المتوسطة ، وصهباء ، وفوق هذا كله كانت تخرج مع صديقها في وقت صلاة التراويح ! وهي توهمكم بأنها تصلي في الصف الأول ! ؛ أرجوكِ يا أمي ارحميني فأنا أعرف معاييرك النسائية الباهتة ، أرجوكِ توقفي عن تقديم بنات النَّاس وكأنهن جواري ، وأنا الخليفة المستعصم بالله ثم بالعزوبيّة ، يا أمي ، صدقيني لا نيّة لي بالزواج أبداً ، لا أريد أن أُقدم مبلغاً يفوق 200 ألف ريال وعقد من الألماس لأجل امرأة ربما تكون مصابة بانفصام في الشخصيّة منذ أيّام المتوسطة عندما قالت لها الأبله ( ليه ما تلونين دفترك ) ، أو أنْ أقع بين براثن امرأة أصابها الجنون عندما كانت في الثانوية وبعد الحصة الرابعة بالتحديد عندما رفضت الأبله – الحلوة – أن توقع لها على الأوتجراف ، لا أريد أن أخسر يوم الأربعاء لأجل زيارة أهلها ، وكما تعرفيني فأنا لستُ مُبدعاً في مسألة التسوق ، وأيضاً لا يجهلك مقدار الغضب الذي يعتريني عندما أرى امرأة في السوق تجرُّ بعلها من خلفها وكأنها تحرث به السوق حرثاً ، أو حسناء تخجل مني لدرجة أنها ترفض النوم بجواري ، حقّاً يا أمي ، ما أقوله نابع من العقل ، أنا لا أريد تفويت أجمل أيّام عمري على مطاردات بين الصيدليات ويكون شغلي الشاغل ( موعد نفاذ السيريلاك ) ، أو أترقب الإعلانات التجارية لأقتنص نوعاً جديداً من الحليب ! ، أمي الحبيبة ، أنا ابنك الذي طالما أحببته وتغنيت لأجله ، لماذا تنوين الإيقاع بي بعد هذا العمر ، أهذا لأني لم أشتري لكِِ ماكينة خياطة جديدة ! ، أو لأنني ما عُدت أفصل شيئاً من الثياب ! ، الثياب التي تستمتعين بتمزيقهاً وتحويلها لبضاعة تكسبين من وراءها دخلاً زهيداً لا يكفي لشراء شبر من أقمشة الثياب ذاتها ، أنا أتنازل عن كل شيء جميل قد توفره الحياة الزوجيّة – إن كان هناك أصلاً - ، أرجوكِ لا تقولي ( أبغى أشوف عيالك ) مرة أخرى ، ألستِ مؤمنة ؟ ألستِ متوكلة على الله ، إن كنتِ كذلك فأعلمي أن أمر الله لا يرده شيء ، فإن هو كتب لي الأولاد فسيكون ذلك حتّى بلا زواج ، فهذا أمره سبحانه .
أمي ، أرجوكِ رِقي واعطفي عليَّ ، لا أريد أن تذكري خبر الزواج هذا أمامي ، أين أحاديثك القديمة ، عن الديار وعن الأسفار ، أين دعائك الحلو الذي يحملني منذ مغادرتي المنزل وحتّى أعود وكأنني في فلم ( ماتركس ري لود ) ، أين كل شيء ، هل تعلمين يا أمي لماذا لا أريد الزواج والاقتران بجهاز آخر ؟ ، هذا لأنني أتمتع وأُشاطر الوقت متعتي هذه ، لأنني عاقل لم يصبني مَسٌ مِن الشيطان بعد ، لا زلتُ أتمتع بكامل قواي العقلية والجسديّة ، هناك سبب آخر ، ربما يجهلك ، هو أنني لم أتخطى حاجز ال 30 في عدد مرات السفر ، أريد أن أرى العالم قبل أن يراني ! ، هذا يكفي كما أظن يا والدتي الحبيبة ، قبل كل شيء وبعد كل شيء أنا أحبك حباً جمّاً ، وستصلك عمّا قريب وعبر الفيديكس ماكينة جديدة للخياطة ، وأقمشة لم تريها من قبل – مع أني أشك في الأخيرة - .