أيها المسلمون في كل مكان: لا بد لنا إلاَّ أن نرجع إلى كتاب الله تبارك وتعالى , وسنة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم , ونجعل منهما ميثاقاً نجتمع عليه ونعضُّ عليهما بالنواجذ .
وهو أمر تترتب عليه أمور كثيرة عظيمة , يتوجب علينا أن نقوم بها , وأن نـُقدم عليها , من غير إبطاءٍ أو تحيين , فنعملَ على هدمها , واجتثاثها من جذورها , ومن بينها :
إنهاء وجود كافة التنظيمات والتكتلات والأحزاب والأشكال التجمعية القائمة على غير أساس الإسلام , وطنية ًكانت أو ديمقراطية ً, أو علمانية ً, أو اشتراكية ً, أوما شاكلها.
وعلى رأسها منظمة التحرير الفلسطينية التي تقوم على أساس علماني , وهي ما كانت لتكون إلاَّ من أجل تسليم فلسطين كلـَّها لليهود , ففرطت بدماء الشهداء , وآهات الجرحى , وعذابات المشردين .
إذن : لا بد من إنهاء وجودها وتدمير أساسها . حتى لا تقوم لها بعد اليوم قائمة , وهذا أمر مهم لا بد أن نقوم به , قبل السير نحو الذي يليه.
أيها الموحدون : كيف نرجع إلى كتاب الله ؟ وممثلنا مؤسسة علمانية ؟!
كيف نحتكم إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم, في واقع كهذا ؟!
ليس هذا وحسب , بل يجب أن يكون في الميثاق اجماع ٌمن أهل فلسطين على تعريف قضية فلسطين , ووصف واقعها وبيان حلولها من كتاب الله وسنة رسوله اللذين ينصان صراحة على أن أرض فلسطين كلـَّها أرض إسلامية وقفية لا يحل للمسلمين في فلسطين ولو اجتمعوا على رأي واحد , ولو انضم إليهم من هجروا منها , أن يقرروا بشأنها أمراً ولو اجتمعوا كلـُّهم في صعيد واحد , لأنها ليست ملكاً لأهل فلسطين الذين هم عليها وحدهم , ولا أولئك الذين هُجروا عنها , أو نـَزحوا منها . ولكنها أرض اسلامية خراجية وقفية للمسلمين جميعاً حتى تصيح الساعة .
مما يترتب عليه حرمة التنازل عن أي شبر منها ليهود أو لغيرهم ! ولو بشكل كما يسمى ـ تكتيكي ـ لأنها ليست حقاً لنا وحدنا حتى نتصرفَ بها , وإن لم نستطع تحريرها اليوم بعد استغاثاتنا بالمسلمين جميعاً وبخاصة أهلُ القوة والمنعة منهم من أجل خلاصها , فلنترك الأمر للأجيال القادمة حتى تقول كلمتها للأجيال القادمة حتى تقوم بتحريرها من أيدي يهود وتطهيرها من دنسهم , بدلاً من التفريط بها وتسليمها لهم لقمة سائغة فيلعننا الله والملائكة والأجيال القادمة والناس أجمعون على تهاوننا فيها والتفريط بها .
أيها المسلمون من أهل الرباط : لقد ابتلانا الله بالرباط على ثرى هذه الأرض المباركة الطهور, لنعطي هذا الرباط حقه ولا نتولى , فيجب أن تلغى وتنبذ وتوضع تحت الأقدام كل اتفاقيةٍ وُقـِّعت فيها اعتراف بحق يهود في الوجود , أو فيها إقرار لهم بأن فلسطين قسمة ٌبين المسلمين وبينهم , وهذا أمر مهم جداً , ففلسطين للمسلمين شئنا أم أبينا , وتأبى أن يُشاركها أحد من غير أصحابها الشرعيين أهل القبلة جميعاً , لذلك فلا بد وأن تلغى كافة الإتفاقيات المبرمة بين السلطة ويهود , وعلى رأسها اتفاقية الإعتراف المتبادل التي وُقعت عام 93 قبل توقيع اتفاقية أوسلو التي يجب أن تـُلغـَى كذلك .
نعم , يجب إلغاؤها , وكل ما نتج عنها من اتفاقيات ومعاهدات ومبادرات ومؤتمرات ولقاءات ومشاورات وتفاهمات وورقات , وكل ما ترتب على ذلك من نتائج , لذلك تـُلغى هذه الإتفاقيات وتـُنبذ باعتبارها تفاهماً سياسياً بين أهل فلسطين وبين يهود , وعلى رأسه وجود السلطة الوطنية الفلسطينية , ومؤسسة المجلس التشريعي الفلسطيني , وكل مؤسسة أخرى نتجت وأُنشأت تحديداً وبناءً على هذا الإتفاق مع يهود كجزءٍ من حلٍّ سياسي سلمي لقضية فلسطين , ويجب أن يلغى وينتهي وتجتث أصولـُه وفروعُه لتموت جذورُه من بعده .
هذا من كتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم , أم أن بعضكم قد يقوم فيقول : إن في كتاب الله وسنة رسوله , أن فلسطين للمسلمين ولليهود !!!
لا وربي ! ما سمعنا بهذا في الأولين أبداً !!!
هل يكون حقٌّ لليهود في فلسطين فنتنازلَ ونقرَّ لهم عنها أيها المسلمون !!!
ـــــــــــــــــــــــــ
يتبع بإذن الله
أيها الإخوة الكرام : هذه مواثيق يجب أن يكون فيها بنود واضحة صريحة صادقة تحدد طبيعة علاقة المسلمين بعضُهم ببعض بأننا أمة واحدة, مصداقاً لقوله تعالى : ( إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ {92} ) الأنبياء .
ومصداقاً لقوله عليه السلام في وثيقته الخالدة التي ذكرها ابن هشام في سيرته حول صيغة الوثيقة العظيمة: بسم الله الرحمن الرحيم: هذا كتاب من محمد النبي صلى الله عليه وسلم، بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب ، ومن تبعهم فلحق بهم ، وجاهد معهم , إنهم أمة واحدة من دون الناس ... وإن المؤمنين لا يتركون مُفرحا ـ أي المثقل بالدين والكثير العيال ـ بينهم أن يُعطوه بالمعروف في فداء أو عقل .
وأن لا يحالف مؤمن مولى مؤمن دونه , وإن المؤمنين المتقين على من بغى منهم ، أو ابتغى دسيعة َظلم ظلم أو إثم أو عدوان أو فساد بين المؤمنين ، وإنّ أيديهم عليه جميعا ولو كان ولد أحدهم ... وإن المؤمنين بعضهم موالي بعض دون الناس ... وإن سِلم المؤمنين واحدة، لا يسلم مؤمن دون مؤمن في قتال في سبيل الله، إلا على سواء وعدل بينهم ... وأنه لا يحلُّ لمؤمن أقرّ بما في هذه الصحيفة، وآمن بالله واليوم الآخر أن ينصر محدثا ـ أي عامل جريمة ـ ولا يؤويه... وإنكم مهما اختلفتم فيه من شيء فإن مردّه الى الله عز وجل ، وإلى محمد صلى الله عليه وسلم .
وقوله: ( المسلمون تتكافأ دماؤهم , يسعى بذمتهم أدناهم ، ويُجيرُ عليهم أقصاهم ، وهم يد على من سواهم , يرد مُشدُّهم على مُضعِفهم ، ومسرعهم على قاعدهم , لا يقتل مؤمن بكافر، ولا ذو عهد في عهده ) .
نعم : هذا نص الوثيقة الخالدة للهادي عليه السلام إلى أن تقوم الساعة , وهذا هو حكم الأصل , وهكذا يجب أن نكون ـ أمة ًواحدة ًمن دون الأمم ـ في السراء والضراء , في العسر واليسر .
يترتب على ذلك أنه يتوجب على أهل فلسطين في ميثاقهم قطعُ كلِّ علاقة مع أيِّ دولة كافرة تحارب المسلمين فعلاً كأمريكا , بريطانيا , فرنسا , وبالتأكيد دولة يهود , لأن البعض من أهل فلسطين عندهم علاقات سياسية رسمية مع اليهود , فيجتمعون بهم ويفاوضونهم , نعم يتوجب أن تقطع كل العلاقات مع تلك الدول , كما ويجب أن تلغى كل القرارات التي أقرتها هيئة الأمم المتحدة , ومجلس الأمن , والهيئة العمومية , وأن تنبذ مواثيقهم ويضرب بها عرض الحائط , وكذلك جميع الهيئات والمؤسسات واللجان والبنود التي أُبرمت بحق المسلمين وبلادهم .
كما ويجب كذلك أن تقطع العلاقات مع كل الدويلات القائمة في بلاد المسلمين بدون استثناء , لأنها كلـَّها حكومات تحكم بغير كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم , وتتآمر مع الكفار للنيل من أهل فلسطين وغيرهم , حتى إنها تتآمر مع الكفار المستعمرين على شعوبهم , ! فنحن لم نتخير حكامنا ولا أمراءنا ولا ساداتنا ولا زعماءنا ولا حتى كبراءنا , وإنما فرضوا علينا جبراً عنا , وسلطوا على رقابنا , لذلك فهم والله ليسوا منا , ولسنا منهم , وقد حكمونا بالكفر الصراح .
علاوة على أنهم ما وجدوا أصلاً إلاَّ لإبقاء الفرقة بين المسلمين , وعدم توحيدهم , عبر إذكاء النعرة القومية , والعصبية الطائفية , وإشعال الحروب وإذكاء نارها فيما بينهم على أطراف البلاد , فقتلوا الملايين من المسلمين , تماماً كما حدث إبان الصراع المصري السعودي اليمني , وكما حدث في الحرب الأردنية الفلسطينية , وما هو حاصل اليوم من اقتتال داخلي في لبنان , والحرب العراقية الإيرانية , وما البوليساريو والسودان والصومال وأفغانستان وكشميرعنا ببعيد , فلا يوجد بلد واحد من بلاد المسلمين إلاَّ واقتتل مع جيرانه , أو اختصم مع إخوانه .
وقد أدركنا بعد سنوات طوال بأن الذي يدافع عن يهود عِـبر مواجهته للأمة الإسلامية هي الكيانات المصطنعة التي أوجدها ابتداءً الكافر المستعمر على حدود أرض فلسطين , تلك التي أطلق عليها بدول الطوق , كالكيان السوري والمصري والأردني واللبناني , إضافة إلى حماية يهود من الداخل وهو الأمر الذي تكفلت به السلطة الوطنية الفلسطينية , والتي ما أنشأت أصلاً , إلا لقتل أكبر عدد ممكن ٍمن المسلمين , وللتنازل عن فلسطين ليهود الملاعين , فالحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه , فقد قاموا بهذه المهمة على أتم وجه وزيادة !
ولا تنسوْا إخوة الإسلام والإيمان : أن هؤلاء الحكام والزعماء ليسوا صادقين مع الله , وبالتالي فهم ليسوا مخلصين لشعوبهم أبداً , بل هم خائنون كذابون مدلسون , ألم يرفعوا شعاراتهم الطنانة , ويلقوا خطاباتهم الرنانة.
واليوم : ما عدنا والله نسمع هرطقاتهم تلك من مثل قولهم : صهيوني حضر حالك آجوا الثوار, فدائي ما بكلمهم غير بالرشاش والمدفع , فلسطين من النهر إلى البحر , وإنها لثورة حتى النصر حتى النصر حتى النصر , من يلقي السلاح فهو خائن , بالبحر حنرميكم , هنيئاً لك يا سمك البحر, كـُلوهم بأيديكم بأظافركم بأسنانكم .
ثم هل نسيتم الديباجة التي تغنى بها قاداتكم طويلا : لا صلح , لا اعتراف , ولا سلام مع المحتل , فما الذي تغير؟! وقد وصمتم المجاهد بالإرهابي , ورميتم من حمل السلاح بالخيانة !!!
إذن وكما أسلفنا فلا بد وأن تقطع كلُّ العلاقات الرسمية مع كل الدول , ليتم توثيق العلاقات عوضاً عنها مع الأمة التي أصبحت اليوم تنظر إلينا بأننا شعب يتصارع على السلطة , ويتفاوض مع يهود , ويسعى وراء المرتبات , والأدهى من ذلك كله والأمر, فتنة الإقتتال الداخلي ! تلك هي الحالقة التي لا أقول : تحلق الشعر وإنما تحلق الدين . وكلا الطرفين يسعى لإقامة دويلة بما يسمى بحدود سبعة وستين . مضيفين إليها ملحقاً إعلامياً يدغدغون به مشاعر الناس حين يقولون ـ وعاصمتها القدس الشريف ـ ونسي هؤلاء المساكين ! بل قل تناسوا أن هذه الدويلة ومن فوق سبع سماوات حرام إقامتها , حتى وإن كانت في فلسطين كلِّ فلسطين , لأنها ترسيخ للفرقة , وتقطيع لأوصال المسلمين , بإضافة رقم جديد يرسخ مشروع سايكس بيكو المشؤوم , مخالفين بذلك قول الحق سبحانه وتعالى : ( وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ {52} ) المؤمنون .
ومخالفين هدي الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم وقد سعى من أول يوم لبعثته إلى توحيد الناس على العقيدة الإسلامية , وجمعهم تحت راية حاكم واحد , وهذا هو الأصل مصداقاً لقوله عليه السلام : ( إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما ) .
فإذا كان في الأرض خليفتان يحكمان بالإسلام ! فقد أوجب الشارع قتل الثاني منهما .
ولقوله صلوات ربي وسلامه عليه : ( من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه بالسيف كائناً من كان ) .
ــــــــــــــــــــــ
فكيف بالله عليكم ببضع وخمسين عبداً يحكمون بغير ما أنزل الله !!!
ويحتكمون للطاغوت , وهم والله العبيد والنواطير لحماية الكفار المستعمرين , والحفاظ على مصالحهم والدفاع عنهم .
وبناء على ما تقدم فوالله لن يرضى الله عنا إن سكتنا عنهم ورضينا بحكمهم .
ولن ينصرنا إن بقوا على كراسيهم التي يتشبثون بها , حتى أضحت بالنسبة إليهم بمنزلة الروح من الجسد .
وأما مفهوم الحديث الثاني : فهو ينصُّ على وجوب وحدة الأقاليم الإسلامية , وتحريم فرقتها وجعلها دولاً أو دويلات عديدة , من جمهوريات ومشيخات ومملكات وسلطنات ! بناء على أمر من الكفار المستعمرين .
وهذه كلها ليست كما أراد الله للمسلمين من وحدة فكرية , ووحدة شعورية .
وقد سبق ذلك كلـَّه وحدة العقيدة التي تجمع المسلم التركي مع أخيه المصري , والحجازي مع الباكستاني , والفلسطيني مع اليمني , يفرح لفرحه , ويغضب لغضبه , ويتألم لألمه , كيف لا يكونون كذلك وقد وحدتهم عقيدتـُهم , تحت راية لا إله إلاَّ الله محمد رسول الله .
ثم كيف لا يكونون كذلك وهم يعون قول نبيهم الهادي عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم وقد قال: ( لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بيع بعض وكونوا عباد الله إخوانا، المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره، التقوى ها هنا - ويشير إلى صدره ثلاث مرات - بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم ، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه ) .
نعم أيها الإخوة الكرام : يجب أن نعمل على توثيق علاقاتنا مع الأمة من أجل تحريضها تحريضاً صريحاً مباشراً علنياً ليتمردوا على حكامهم , ويُطيحوا بحكوماتهم القائمة في جميع بلاد المسلمين من أجل توحيدها , وتسيير الجيوش لتحرير فلسطين والعراق , وتطهير سائر البلاد المستعمرة القديم ِمنها والحديث .
نعم هذا هو الصوت الذي يجب أن يكون في ميثاقنا , وأن يخرج من أرضنا صوتاً مسموعاً في الأمة .
إخوتي في الله وأحبتي : لقد أكرمني الله وأنعم علي بزيارة لبيتهِ الحرام قبل سنوات , وقد اجتمعت خلال تلك الزيارة بشيخ وقور تظهر على مُحياه سمة ُالصالحين , وقد كان قدِمَ للحج من بلاد بعيدة , ثم سألني بعدما تناولنا أطراف الحديث فقال : من أي البلاد أنت أخي الكريم ؟ فقلت : من بيت المقدس , وهنا ! هالني ما رأيت من شدة بكائه وغزارة دمعه وقد بكى حتى ابتلـَّت لحيته , ثم أخذ يتملس بي وكأنني ولي من أولياء الله الصالحين , ثم ضمني إليه ضماً عنيفاً , كمن يودع عزيزاً يخشى إن فارقه أن لا يلقاه , ولم يَمكـِّني من تركه حتى أقسم علي أن أصليَ ببيت المقدس ركعتين هبة ًله , واستحلفني بأن أدعو الله له بخير حال عودتي لبيت المقدس . هذا الموقف وأمثاله قد حصل مع الكثيرين غيري , أتعلمون لماذا كلُّ هذا ؟ لأن أهل بعض البلاد الإسلامية عندما يلتقون بزوار من أهل فلسطين في الحجِّ أو العُمُرةِ مثلاً , فإن أهل تلك الأقاليم إذا ما قدَّمُوا لأهل فلسطين طعاماً وأكل أهل فلسطين منه جاؤوا إلى فضل طعامهم , فجعلوه في أوعية ليطعموا منه أبناءَهم
فهم يرون في أهل فلسطين أنهم : أهل الرباط , وأهل الثغور, وأحفاد الصحابة , وأهل الجهاد في يهود ألدِّ أعداء الله في الأرض ,
ولكن ومقابل هذا كله !
ما الذي قدمناه نحن ؟
هل قدمنا صورة مشرقة للأمة في هذه الأيام كعهدهم بنا دائماً ؟!
أنظروا ماذا قدمنا : صراع على سلطة لم نتمكن منها بعد , لا توجد لنا دولة !
ولا حكومة !
ولا رئاسة حقيقية أبداً ,
كما ولا يوجد لنا سلطان على أرضنا التي لم يتم تحريرها بعد ,
ونحن نتفاوض عليها مع يهود ,
والأصلُ فينا إذا كان الناس ينظرون إلينا نظرة خاصة فيها الشجى والشـِّيَم فيجب أن نكون عند حُسن الظن بنا , كيف لا نكون كذلك ونحن كالشامة في الجسد , ويجب علينا أن يكون صوتنا صوتاً خاصاً ذا نكهة مميزة , وأن يكون نبراساً يهدي الأمة إلى الطريق السوي الداعي إلى الإنقضاض على الحكام العملاء وإزالة عروشهم , واجتثاثهم من جذورهم , صوت يخرج من بيت المقدس ينادي الأمة والجيوش وأهل القوة والمنعة والحركات والجماعات والتكتلات وجميع الأطياف , يناشدونهم العمل مع العاملين المخلصين من أبناء المسلمين ليقيموا الدولة الإسلامية التي وَعَدنا الله ورسولـُه بها , لتتوحد تحت رايتها بلاد المسلمين حتى تتمكن من تجييش الجيوش والقضاء على كيان يهود , وأمريكا وحلفائهم , وتطردهم من بلادنا شرَّ طردة , مذلولين خائبين وخاسرين, وتقضي كذلك على مصالح أمريكا وبريطانيا وفرنسا وسائرِ بلاد الكفار المستعمرين في بلاد المسلمين .
نعم أيها الإخوة الأفاضل : هذه هي المواثيق التي يجب أن نجتمع عليها .
وفيها بند هام أساسي بحرمة المسلم على المسلم وحرمة إهراق دمه , لقوله صلى الله عليه وسلم : ( كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وأن لا يُظن به إلاَّ خيرا ) .
هذا ما يجب أن يكون في ميثاقنا إيماناً وعملا , أنقتل بعضَنا على ما يريد الكفار منا أن نقتتل فيه ؟! عوضاً عن أن نرجع إلى كتاب الله القويم , وتطبيق ميثاق رسوله الكريم ,
وليكن في هذا الميثاق : تحريمٌ للرشوةِ في الدين , ولذلك يحرم على أهل فلسطين في ميثاقهم الذي ندعوكم إليه , أخذ أي دعم مادي خارجي يكون رشوة في الدين , من مثل ما تقدمه الدول الأوروبية وأمريكا , فهو رشوة في الدين وتسييرٌ لمصالح الكفار المستعمرين , وصدق الله العلي العظيم إذ يقول : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ {36}) الأنفال .
ومحظور علينا أن نأخذ المال حتى من الدول العربية التي تقدم لنا الدعم ليس حباً في الله !
أيها الإخوة الأكارم : لا يُقالَّ أحدكم عمله الذي يبذله في سبيل دعوته إلى الحق ,
واعلم أخا الإسلام أنك لو دعوت أخاك في بيتك فأمرته بمعروف ونهيته عن منكر اعلم أن الله سبحانه وتعالى يؤتيك بفضل هذا ما قد وعد , وهو القائل : ( فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ .... {116} ) هود .
يقول تعالى ذكره : فهلا كان من القرون الذين قصصتُ عليك نبأهم في هذه السورة الذين أهلكتهم بمعصيتهم إياي , وكفرهم برسلي من قبلكم . { أولو بقية} يقول : ذو بقية من الفهم والعقل، يعتبرون مواعظ الله ويتدبرون حُججه ، فيعرفون ما لهم من الواجبات وما عليهم من الحقوق , كما وعليهم الإنكار على العصاة ليبرؤوا أمام الله { ينهون عن الفساد في الأرض } يقول : ينهون أهلَ المعاصي عن معاصيهم , وأهل الكفر بالله عن كفرهم به في أرضه. { إلا قليلا ممن أنجينا منهم } يقول : لم يكن من القرون من قبلكم أولوا بقية ينهون عن الفساد في الأرض إلا يسيرا ، فإنهم كانوا ينهون عن الفساد في الأرض ، فنجاهم الله من عذابه ، حين أخذ من كان مقيما على الكفر بالله عذابُه ، وهم أتباع الأنبياء والرسل , ثم الذين يلونهم , ثم الذين يلونهم , إلى قيام الساعة .
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول : ( الخيرُ فيَّ وفي أمتي إلى يوم القيامة ) .
فالنجاة َالنجاة َأيها المسلمون :
ولنرفع لواءً ,
ولنخط شعاراً ,
ثم لنحمل شمعة تنيرُ الطريق أمام التائهين في عتمة الليل البَهيم ,
وظلمة الدجى السَّخيم ,
وليقول كل منا : لا وربي !
لن ينال الكفار المستعمرون ولاءنا ,
ولن تحوز مواثيقهم مرضاتنا ,
ولن نعطي الدنية في ديننا .
ولنرفع علم التوحيد ,
وننادي لا شرقية ولا غربية , بل خلافة راشدة مهدية على منهاج النبوة ,
يكون فيها المسلمون أمة واحدة , تحت راية واحدة ,
وخليفة واحد , يكون فيها الخلاص لأهل فلسطين ,
وليكن صوتنا مدوياً حتى يعمَّ أرجاء الدنيا ,
ويخرج من حناجر المضطهدين ,
وأنـَّات المكلومين ,
صوتاً يزلزل من بسمعه صمم , وبقلبه درن .
حين ينادي المخلصون : هلموا وقوموا واعملوا معنا لخلاصنا وخلاصكم , لنحييَ به الموات ,
صوتاً يدعوا إلى إقامة دولة إسلامية , دولة الخلافة بقيام دولة الإسلام ,
لا صوتاً يدعوا إلى دولة فلسطينية في الأراضي المحتلة عام سبعةٍ وستين تنفيذاً لخطة أمريكية معدة من خمسينيات القرن الماضي .
وقد صارت اليوم مطلباً يمثل جُـلَّ مواقفنا السياسية , يعني الحد الأقصى للبرامج السياسية للقيادات والحركات والأحزاب الموجودة في فلسطين وما هي ؟ إقامة دولة فلسطينية عام سبعة وستين ,
نعم هذه خطة أمريكية ,
وهذا والله ليس إنجازاً سياسياً نرغبه أو نصراً نطلبه ,
وليس هدفاً أو شعاراً ,
ولا يمكن أن يكون ,
ولن يأتي بخير للمسلمين أبداً !
فالإنجاز والمطالبة ,
والهدف والشعار والراية التي نحب أن ترفع مطالبة أهل فلسطين بإقامة دولة خلافة إسلامية راشدة على منهاج النبوة في الأرض جميعها .
وفي الختام : نسأله تعالى أن يكون هذا اليوم قريبا بإذنه , وما ذلك على الله بعزيز .
اللهم انصر الإسلام والمسلمين , واعل بفضلك كلمة الحق والدين , وانصرهم على أعدائك أعداء أمتك أعداء الدين , واقض على الكفرة والمشركين .
اللهم انصر من كان لدينك ناصراً , واخذل من كان لدينك خاذلا , وقنا مولانا والمسلمين من الوقوع في كيد يهود الملاعين , وحقد أهل الصليب الضالين , ومكر الشيوعيين الملحدين ,
اللهم واجمع المسلمين هنا بفلسطين , وفي كل مكان وحين , أجمعهم على كلمة الحق المبين , ونسألك مولانا أن تولي أمورنا خيارنا , ولا تولها شرارنا ,
اللهم لا تجعل بأسنا بيننا شديداً , واجعل ثأرنا على من ظلمنا , اللهم سدد رمينا لصدور أعدائنا , ولا تجعله تجاه إخواننا .
وأذن مولانا بقيام دولة الخلافة على منهاج النبوة يا أكرم الأكرمين , اللهم اجعلنا ممن يقولون فيصدقون , ويعملون فيحسنون , ويدعون فيخلصون , ثبت اللهم أقدامنا , وأنزلن سكينة علينا , واشدد بملائكتك أزرنا, واجعل الدائرة لنا , ولا تجعلها علينا .
اللهم نصرك اللهم دينك , اللهم نصرك اللهم دينك , اللهم نصرك اللهم دينك
اللهم آمين اللهم آمين اللهم آمين ,
ربي , رب العالمين .
ـــــــــــــــــــــــــ