أيها الإخوة ، إذاً الهداية منوعة ، هداية استنباطية ، استقرائية ، استدلالية ، وهداية إخبارية ، فالقرآن يمثل الهداية الإخبارية ، وصف للجنة ، للنار ، أمر ، نهي ، وصف لأنبياء الله السابقين ،
والكون هداية استنباطية .
يمكن أن تهتدي بفطرتك ، ويمكن أن تهتدي بخلق الله ، ويمكن أن تهتدي بكلامه ، ويمكن أن تهتدي برسوله ، جعل الأنبياء أعلامًا ، جعلهم قمم البشر ، منحهم الحكمة ، والعلم ، إذاً والأنبياء أيضاً أحد أكبر وسائل هداية العباد .
عندنا شيء آخر ، أحياناً الله عز وجل يهدي عباده بالمعالجة النفسية ، بالانقباض أو الانبساط ، يقول لك أحدهم : أنا متضايق ، يبحث عن السبب ، أحياناً يري عبده المؤمن رؤية تحذيرية ، أو يريه رؤية تبشيرية ، فالرؤى أيضاً نوع من الهداية ، هداك بالكون ، هداك بخلقه ، هداك بكلامه ، هداك بأفعاله ، هداك برسله وأنبيائه ، هداك بالدعاة الصادقين ، هداك بالفطرة ، هداك بالانقباض والانبساط ، هداك بالرؤى ، إذاً :
( سورة البقرة الآية : 282 ) .
معنى الآية : لأن الله يعلّمكم ، يعلمكم بأساليب منوعة وكثيرة ، إذاً :
( سورة الحشر الآية : 282 ) .
لكن قال بعضهم : الهداية أربع مراتب :
أولاً : هداك إلى مصالحك ، حينما يأكل الإنسان طعاماً ساماً يتقيؤه ، فالتقيؤ رفض الطعام المؤذي ، وحينما تنام يتولى عنك تشغيل أجهزتك ، فالتنفس آلي ، ولسان المزمار آلي ، والتقلب آلي ، والهضم آلي ، الهداية الأولى : هداك إلى مصالحك ، ومنعكس المص في الوليد آلي ، وليس هناك قوة في الأرض يمكن أن تعلم مولوداً ولد لتوه كيف يضع شفتيه على حلمة ثدي أمه ، ويحكم الإغلاق ، ويسحب الهواء ، إنها آلية معقدة جداً ، سماه العلماء منعكس المص .
فأول هداية : هداك لمصالحك ، تقف لأن عندك جهاز توازن ، لو مِلت قليلاً تصحح الميلان ، هذا الجهاز لا يبدأ عمله عند الطفل إلا بعد الشهر الثالث ، أما قبل الشهر الثالث لو وضعته أمه في حجرها ، ومال يتابع الميل حتى يقع ، لكن بعد الشهر الثالث إذا مال قليلاً صحح ، صار عنده جهاز توازن ، والحديث عن خلق الإنسان شيء لا يكاد يصدق ، هداك إلى مصالحك ، هذه الهداية الأولى .
وهدى الحيوانات ، رأى أحدهم في بستان قنفذًا يأكل أفعى ، كلما أكل منها قطعة ذهب إلى نبات وأكله ، هذا البستاني ـ وأقول :سامحه الله ـ قلع هذه النبتة ، فتابع الأكل ، وذهب ليأكل من هذه النبتة فلم يجدها فمات ، القنفذ ، هداه إلى نبات يعينه على هضم الأفعى ، هذا شيء في الحيوانات واضح جداً .
إذاً هداك إلى مصالحك ، هذه أول هداية ، مثلاً : العظام إذا انكسرت تلتئم ذاتياً ، ليس هناك إنسان تذهب إليه وقد كسر جزء في مركبته يقول لك تلتحم وحدها ، هذا مستحيل ، أما الله عز وجل صمم العظام بطريقة أن الخلية العظمية إذا هجعت ، ثم كان الكسر تستيقظ ، ويلتئم العظم المكسور .
لي قريب كان يرفع حاجة ثقيلة ، فقطع الوتر في عضلة اليد ، وقد ركِب من حوله الهمُّ ، فذهب إلى الطبيب ، قال له : يلتحم بعد حين ذاتياً ، وهذا الذي حصل .هداك إلى مصالحك .
ثم هداك بالوحي إلى ذاته ، هناك وحي ، هناك قرآن ، هناك إنجيل ، هناك توراة ، هناك زبور ، هناك صحف موسى ، صحف إبراهيم ، هداك بالوحي ، هذه الهداية الثانية.
الآن :
( سورة فصلت الآية : 17 ) .