على ما يبدو أن انتشار الأوبئة والأمراض المعدية بات أمراً لا مفرّ منه، وبخاصة أننا نعيش عصر التغيرات المناخية والكوارث الطبيعية، ونتذكر العلاج النبوي لمثل هذه الأوبئة....
نعيش اليوم على شفا انتشار وباء جديد إنه "أنفلونزا الخنازير" ومع أن العلماء يصرحون بأن أكل لحم الخنزير آمن ولا يضر، إلا أننا كمسلمين نعتقد أن أكل لحم الخنزير هو السبب في انتشار هذا الفيروس. فلولا الاهتمام بالخنازير ورعايتها وتربيتها والاحتكاك بها لم يصل هذا الفيروس إلى شكله القاتل.
وعلى كل حال يعتبر هذا الفيروس وباء مثله مثل أنفلونزا الطيور، والسارس، وجنون البقر... وكلها أوبئة جديدة لم يكن لأحد علم بها من قبل. ولكن العلماء يؤكدون أن أي الفيروسات لديها القدرة على التطور وتغيير شكلها ومقاومة الأدوية. ولذلك كانت هذه الفيروسات وباءً حصد أرواح المليارات من البشر عبر التاريخ.
هذا هو أحد الفيروسات الكبيرة القاتلة، إنه جندي من جنود الله تعالى سلَّطه على البشر، فالمعاصي لا يمكن أن تمر هكذا بدون عقاب في الدنيا قبل الآخرة، ومع أن حجم هذا الفيروس لا يتجاوز جزءاً من عشرة آلاف جزء من الميليمتر! هذا الكائن المتناهي الصغر قادر على تدمير الاقتصاد العالمي، وقادر على قتل عشرات الملايين من البشر... إنه مجرد جندي صغير من جنود الله تعالى، القائل: (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ) [المدثر: 31].
والنبي صلى الله عليه وسلم أمر باتخاذ إجراء وقائي يدل على أنه رسول من عند الله! ففي زمنه لم يكن لأحد علم بطريقة انتشار الأوبئة أو أنه من الممكن أن يحمل الإنسان هذا الفيروس ويبقى أياماً دون أن يشعر بوجوده. ولذلك فالمنطق يفرض في ذلك الوقت أن يأمر الناس أن يهربوا من الطاعون، ولكن ماذا قال عليه الصلاة السلام؟
يقول عليه الصلاة والسلام: (الطاعون بقية رجز أُرسل على طائفة من بني إسرائيل، فإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها فراراً منه، وإذا وقع بأرض ولستم بها فلا تهبطوا عليها) [رواه البخاري ومسلم]. وانظروا معي إلى هذه الوصفة النبوية الرائعة، وهي ما يسميه العلماء بالحجر الصحي.
حتى الإنسان الذي يبدو صحيح الجسم وهو في بلد الوباء، لم يسمح له النبي صلى الله عليه وسلم بمغادرة هذا البلد حتى انتهاء الوباء. وهذا ما يقوله الأطباء اليوم، بل إنهم يمنعون السفر والتنقل بين البلد الموبوء والبلدان الأخرى حرصاً على عدم انتشار الوباء. ولو تأملنا اليوم كل الإصابات التي انتشرت في أوربا أو آسيا أو في بعض البلدان العربية، نجدها صادرة من أناس قدموا من أمريكا أو المكسيك حيث تقع بؤرة المرض.
ولذلك فإن هذا الحديث الشريف يمثل معجزة نبوية نراها ونلمسها في عصرنا هذا، ويمثل طريقة صحيحة في الطب الوقائي، ويمثل سبقاً علمياً يشهد على صدق هذا النبي وعلى صدق رسالة الإسلام. والطاعون: هو أي مرض معدي قابل للانتشار بسرعة.