وفى غزل النساء هذه مقطوعات تراوح بين العفة والمجون ، وبعضها لايقل روعة عن شعر الرجال الغزليين من ذلك قول خولة بنت ثابت فى الوليد بن المغيرة :
ياخليلى نابني سهدى
.....لم أنم ليلي ولم اكد
غير أنى لا اتوب ولا
....اشتكى ما بي الى احد
كيف تلحاني على رجل
....فت من تذكاره كبدي
مثل ضوء الشمس صورته
.....ليس بالزميلة النكد
ومن ذلك قول خيرة بنت أبى ضيغم وكانت من اظرف النساء، وفى قولها عفة وترفع :
وبتنا خلاف ألحى لانحن منهم
......ولا نحن بالاعداء مختلطان
نذود بذكر الله عنه من الصبا
.......وان كان قلبانا يردان
ونصدر عن ري العفاف وربما
.....نقعنا غليلا لنفس بالرشفان
وقول خلية الحضرية فى هوى لها:
لهجرك لما ان هجرتك اصبحت
........بنا شمتا تلك العيون الكواشح
فلا يفرح الراشون بالهجر ربما
.....أطال المحب الهجر والحبيب ناصح
وتعدو النوى بين المحبين والهوى
........مع القلب مطوى عليه الجوانح
ومن اروع ما عبرت به المرأة عن اصرارها على حبها قول بنت حباب فى يحيى بن حمزة وقد ضربت بالسوط بسببه :
أأضرب في يحيى وبيني وبينه
......تنايف لو تسرى بها الريح كلت
الا ليت يحيى يوم عبهل زارنا
.......وان نهلت منا السياط وعلت
وقولها:
اقول لعمر والسياط تلفني
......لهن على متني شر دليل
فأشهد يا غيران أنى احبه
.....بسوطك لا اقلع وانت ذليل
وقولها :
خليل ان اصعدتما او هبطتما
......بلادا هوى نفسي بها فاذكرانيا
ولا تدعا ان لامني ثم لائم
......على سخط الراشين ان تعذرانيا
فقد شف قلبي بعد طول تجلد
......احاديث من يحيى تشيب النواصيا
سأرعى ليحيى الود ما هبت الصبا
......وإن قطعوا عمدا بذاك لسانيا
والثبات على الحب والاخلاص له ، مثلما يبرز فى الابيات السابقة سمة من سمات المرأة فهي اصدق مشاعر من الرجل واكثر ثباتا فى مواقفها الوجدانية والمرأة اكثر اندفاعأ فى حبها من الرجل : واقدر على تصعيد احاسيسها عفة وسموا.
ومن يقرأ قول ام الضحاك المحاربية يلمس هذه الحقيقة وكانت تهوى رجلا يدعى عطية ، فاستخونته ، تقول فى الحب :
أرى الحب لايفنى ولا يفنه الالى
......احبوا وقد كانوا على سالف الدهر
وكلهم قد خاله فى فؤاده
........باجمعه يحكون ذلك فى الشعر
وما الحب إلا سجع اذن ونظرة
......وجنة قلب عن حديث وعن ذكر
ولو كان شىء غيره ففي الهوى
.....وبلاه من يهوى ولو كان من صخر