فقيد رياضة الوطن (1925 - 2011م)
لن ننساك
يحزن القلب لفراق أخي وعميد أسرتنا الفاضل عبد الرحمن بن سعيد، تلعثم لساني، انحرق قلبي لفراقه، تثاقلت قدماي عند زيارته حتى لا ترى عيني ذلك الشامخ طريح الفراش متهالكاً مما أصابه من مرض...، هو أخي الأكبر له احترام وتقدير من جميع أسرة بن سعيد، يتمتع بفطنة حين نصافحه أو نتحدث معه فكل من يدخل عليه لا يريد أن يكون بالمقدمة لهيبته، رغم حنانه ونظراته المتفحصة ليستشف من هذا وذاك ما عنده، لم يجامل أحداً أو يثني على من قصّر بعلمه، كان صريحاً مرتاحاً مع نفسه، يتسع صدره لمن يحدثه عن العلم، فنرى الابتسامة تعلو وجهه حينما نذكر أن فلاناً تخرّج، لم تكن المواضيع السطحية تهمه سوى سماع أخبار الدراسة من عائلته الكبيرة، كان نقاشه المتكرر عن التفوق، فهو يبجل المتعلم الحائز على شهادة ويقرّبه بجنبه ويثني عليه، ويحفّزه على الدراسات العليا، مكرماً من حصل على الشهادة بهدية قيّمة، كان كريماً مصلحا للأسرة بأكملها، لا يرضى تطاول صغير على كبير، ولا يثمّن من يهمل في دراسته ويوبّخه علناً، يتمتع أخي بحب الناس، فمجلسه عامر منذ ستين عاماً وأكثر.
.. فسفرته جاهزة بشكل يومي كأنّ عنده عزيمة طوال ستين عاماً، لم يعتذر يوماً عن استقبال ضيف، تميّز بكرمه وجوده المستمر لمن يلجأ له، أو لمن يتحسّس أنهم بحاجة.
أخي عبد الرحمن الكرم من صفاته التي لا تتكرر في وقتنا هذا ( إلاّ ما ندر)، لأنه يعطي من ماله وهو يبتسم مع تكراره «إني مقصر»، مع استمراره بالعطاء والمساعدة لمن يحتاج ولا ينساهم، بل يتحسّس أحوالهم، ويحفّزهم لتسجيل أبنائهم بالمدارس والجامعات، ويذهب بنفسه ليتوسط لأناس لا ينتمون له بصلة سوى الطمع بالأجر،
وصادفنا الكثير ممن يردّدون «نحن على الله ثم أبو مساعد» ووالله لو كان حياً لمنعني أن أكتب عن ماذا عمل، لأنّ فلسفته في حياته أن لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ولكن أخذتها بمبدأ ذكر محاسن موتانا .. رحمك الله يا أخي وجعلها ليلة مباركة عليك لتكون مع النبيين والصديقين والشهداء، لتلحق بأبي رحمه الله، لتنعما بجنات الخلد، فكلما أردت أن أنهي كتابتي تذكّرت صفاتك التي لا تُعَد، فأنت المتزن حينما يخبروك أنّ هناك من كتب عنك بكلام لا يليق لترد بابتسامة وطيب نفس «هذه آراء الناس ومن حقهم أن يقولوا ما يقولوا، من ناحيتي أنا لا أملك إلا الصراحة والصدق لم أحرف تاريخاً كتبته بيدي وكل الأندية عندي (هلال) لأنها تمثل الوطن».
أخي عبد الرحمن أنت مفخرة لنا وللوطن، فحبّ الناس لشخصك ترجمه الإعلام والحشود المعزّية، فجزاهم الله ألف خير، ففعلاً اعتبروك والدهم ومؤسساً للكيان العظيم ( الهلال والشباب )، وساهمت في تكوين الرياضة بدمك ومالك ووقتك معتبراً نادي الهلال كأحد أبنائك، بوركت بأعمالك الطيبة جعلها الله في ميزان حسناتك، ومما يريح القلب الناس تدعو لك من قلوبهم بالرحمة والمغفرة وأجمل ما رأيت وسمعت ممن رعيتهم بدمك ومالك لم ينسوا فضلك أباً عن جد، وردّدوا «أبو الفقراء والمساكين مات أبونا عبد الرحمن بن سعيد رحمك الله رحمة واسعة كريمة».
أختك التي لن تنساك بالدعاء - مضاوي بنت سعد بن سعيد
وداعاً أيها الرجل الشهم ابن سعيد
الشيخ عبدالرحمن بن سعيد رحل عن دنيانا الفانية وترك آثارا وأعمالا يشهد له التاريخ بها وستظل يتذكرها الناس بكل الاحترام والتقدير، ابن سعيد.. قبل أن يرحل سطر اسمه بحروف من ذهب، فهو الرجل الذي شارك مع رجال آخرين كبار في بناء وإنشاء الركائز الأولى للرياضه ولكرة القدم على وجه التحديد في المملكة وكان أحد الرواد الأوائل الذين لهم الفضل في وضع حجر الأساس لكرة القدم في منطقة الرياض وله مشاركات وآراء ومساهمات إيجابية على مستوى الوطن حيث أسس نادي الشباب ورأس النادي الأهلي بجدة ودعم ماليا ومعنويا أندية عديدة منها الوحدة والنصر رغم التنافس الكبير بينه وبين الهلال ولم يثنه ذلك عن مد يد المساعدة والعون للنصراويين عندما طلبوا منه ذلك كما أنه أسس صرحاً وكياناً شامخاً ألا وهو نادي «الهلال» الذي يعد الآن مفخرة ومعلما من معالم الكرة السعودية، ابن سعيد.. هو الرجل الذي زرع وغرس بذرة (الحب) بين كافة الرياضيين في المملكة العربية السعودية متجاوزا الإساءات والميول والألوان والتحزبات، ابن سعيد.. هو الرجل الذي يقف أمامه القلم حائراً وعاجزاً عن وصف أخلاقه وكرمه وسماحته وحبه لعمل الخير ناهيك عن نبله وحكمته وهدوئه وقوة بصيرته، وهو صاحب حل وربط وقد كان يجهر بالحق لايخشى لومه لائم ولو استعرضنا أعماله النبيلة لما بلغنا كفايته... ولا اتسعت المساحة المحددة هنا لذكر كل مايتصف به هذا الرجل الشهم النبيل، ابن سعيد.. هو الرجل الذي لاأنسى مواقفه معي منذ أن التقيت به أول مرة في نادي الهلال بمحظ الصدفة فبادر لدعوتي للغداء في منزله العامر ووضعت المائدة التي تجسد من خلاها كرمه وفوجئت أن الدعوة كانت شخصية لي وحدي وشاركنا بعد ذلك زميلنا (إسماعيل) من جريدة الرياض وحكى عن بداياته في العمل العسكري وسرعان ما انتقل كاتب يحرر الرسائل المنوعة وكان لموهبته في الخط دور في ذلك حيث أعجب الملك (سعود) بخطه الجميل وأمر بأن يوظف في المالية وكاتب رسمي لكافة المراسلات وتحدث عن العديد من ذكرياته وإنجازته الكبيرة حيث واجه صعوبات ومعوقات جمة تجاوزاها بفضل قوة عزيمة ذكر ذلك لي وبتواضع بسيط وكأنه لم يفعل شيئاً.. وقد التقيته أكثر من مرة في العاصمة الرياض وحتى في مدينة جدة عندما كان يحضر في الإجازة الصيفية، ابن سعيد لن أطيل الحديث عن مآثره ولكنه الرجل صاحب القلب الطيب الذي ترك آثاره بهدوء في قلوب من عرفوه ورحل.. لتبقى إنجازاته خالدة أبدلدهر.
سعدالعصيمي- مكة
فقيد رياضة الوطن (1925 - 2011م)
(الجزيرة) تكشف جانباً من تاريخ ومسيرة فقيد الرياضة عبد الرحمن بن سعيد
70 عاماً قضاها في خدمة الحركة الرياضية وأسس أكبر أندية المملكة
إعداد: خالد الدوس
فقدت الحركة الرياضية في المملكة رمزها الكبير وشيخها الوقور خلقاً وقيماً وعطاءً وسلوكاً عبد الرحمن بن سعيد الذي وفته المنية يوم الثلاثاء عن عمر يناهز 85 عاما بعد معاناته المرضية تغمده الله بواسع رحمته.
رحل شيخ الرياضة والرياضيين ورائدها العصامي الذي خدم هذه الحركة 70 عاماً وانفق ثروته من أجل بناء بعض الأندية السعودية متجاوزاً بحكمته وكياسته العادات التي كانت تحارب الأندية في تلك الأيام الخوالي واستطاع - رحمه الله - أن يقنع مجتمعة بممارسة الرياضة، فضلاً عن مساهمته الفاعلة في البناء الرياضي داخل أسوار هذا الوطن الغالي.
(الجزيرة) تسلط الضوء على جانب من تاريخ هذه القامة العملاقة التي ضحت بجهدها ومالها وصحتها من أجل رياضة الوطن.
-البداية مع الموظفين
بدأت علاقة الشيخ عبد الرحمن بن سعيد - رحمه الله - بالرياض عبر فريق الموظفين - في النصف الأول من الحقبة الستينية - الذي يعد أول فريق رياضي يمارس كرة القدم بالمنطقة الوسطى حيث لعب في صفوفه مع الجيل الأول جيل حمزة جعلي, ومحمد بن عبد الله الصايغ, وعبد الله بن أحمد وصالح ظفران - رحمه الله - وحامد نزهت ومحمد أحمد صايغ وعبد الله حسن أخضر ومحمد أمين ومحمد إبراهيم مكي, وغيرهم من الرعيل الأول واستمر مع الموظفين حتى عام 1367هـ, وبعد الانقسام الأول عندما أسس أبو مساعد فريق شباب الرياض البلدي (الشباب حالياً) انضم إليه عدد من لاعبي الموظفين ومنهم عبد الله بن أحمد وصالح ظفران ومحمد أحمد صايغ ومحمد إبراهيم مكي... حيث اختار الاسم بعد استقلاله وانتقاله من الموظفين في حين اختار صالح ظفران الشعار المكون من اللونين الأخضر والأبيض الذي كان يمثل شعار الوطن, وأصبحت هذه المجموعة تزاول تدريباتها في ملعب بجوار ملعب الصايغ الذي كان يتدرب عليه لاعبو الموظفين عصر كل يوم جمعة.
ويعتبر عبد الرحمن بن سعيد أول مدرب لفريق شباب الرياض وقد أشرف على مرانه وفق إمكاناته الفنية وخبرته الجيدة التي اكتسبها في بداياته الرياضية مع الموظفين في حين احتوى هذه المجموعة الشبابية بالكرات والملابس وأمور الصرف على الرغم من محدودية الإمكانات في صورة رائعة تعطي مدلولاً على حبه وعشقه للرياضة...!
استمر شيخ الرياضيين في رئاسة الشباب حتى عام 1377هـ، حيث أعلن انفصاله عن شباب الرياض وتأسيس ناد آخر تمثل في فريق الأولمبي (الهلال حالياً) وقد انضم إليه عدد من اللاعبين الشبابيين كمبارك العبد الكريم وصالح أمان - رحمه الله - والموزان ومهدي بن عبد الله القحطاني والكوش وعبد الله بن جمعان فتزعمه وتولى رعايته وهو في مهده حتى أضحى اليوم واحداً من أكبر وأشهر الأندية المحلية والعربية والقارية!!
وفي عام 78 - 1379هـ سافر أبو مساعد للمنطقة الغربية وتولى رئاسة فريق الثغر (الأهلي حالياً)، حيث كان مهدداً بالحل والشتات نظراً للمشكلات الإدارية والمالية ونجح شيخ الرياضيين في بقائه في دائرة الضوء قبل تحويل اسمه للأهلي.
ومع مجيء حركة تصنيف وتسجيل الأندية رسمياً تم إدراج فريق الهلال ضمن الأندية المصنف في الدرجة الأولى (الممتاز حالياً) أوائل عقد الثمانينات وترأسه ابن سعيد رسمياً وفي عام 1381هـ دخل الفريق الأزرق عالم البطولات حين انتزع أول بطولة على مستوى المملكة وتمثلت في كأس الملك بعد فوزه على الوحدة 3 - 2.
وفي عام 1384هـ أضاف الهلال إنجازاً تاريخياً غير مسبوق بعد فوزه بكأسي الموسم وكأس الملك وكأس ولي العهد كما وصل لنهائي كأس الملك لموسم 1388هـ وخسر أمام الاتفاق 4 - 2 فاحتل مركز الوصافة وهذه الإنجازات والمكتسبات تحققت في عهد رئاسته.
والشيخ عبد الرحمن بن سعيد كشخصية رياضية اجتماعية معروف بأخلاقياته الرفيعة وطيبته المتناهية، كان يتميز بالتفاني والإخلاص فبجانب تأسيسه فريقي الشباب والهلال... كما أشرت آنفاً... لم يتوقف دعمه وعطاؤه السخية على هذين الناديين العريقين بل امتد أيضاً لكل فرق وأندية المنطقة الوسطى حتى الأندية المنافسة دعمها ووقف معها بصورة تنم عن حبه وانتمائه الصادق للرياضة بل إن الكثير من المعاصرين رياضة الوسطى في بداياتها التأسيسية يؤكدون على أن أبو مساعد يعتبر الداعم الأكبر لهذه الحركة وهي في مهدها.
يقول قائد النصر في الثمانينات وهدافه ميزرامان في لقاء الذكريات الذي نشر في الجزيرة بعددها 10767 في 8 - 1 - 1423هـ إن الشيخ عبد الرحمن بن سعيد دعم فريق النصر وهو في مرحلته التأسيسية حيث كانت له إسهامات طيبة في مساعدته ودعم بعض لاعبيه في إطار خدمته واهتمامه بالرياضة في المنطقة الوسطى وهذا ليس بغريب على أبو مساعد الذي ضحى بوقته وجهده وماله من أجل تأسيس ونشر ودعم رياضة الوسطى في حقبة لم تكن الرياضة مقبولة اجتماعياً عند المجتمع النجدي، بيد أن شيخ الرياضيين نجح بحنكة وسياسة في إقناع المجتمع بجدوى وفوائد الرياضة.
عشق أزلي
قصة عبد الرحمن بن سعيد - رحمه الله - مع تاريخ كرة القدم بدأت عندما كان واحداً من أهم الذين أسهموا في إدخال لعبة كرة القدم إلى المنطقة الوسطى وكان أحد الأعضاء في فريق الموظفين أول فريق انشأ في الرياض (العاصمة) في الستينيات الهجرية وكان - رحمه الله - يسافر بحكم طبيعة عمله في الديوان الملكي في عهد الملك سعود إلى المنطقة الغربية ويمارس هذه اللعبة العريقة مع الفرق التي كانت منتشرة في تلك الحقبة في مدينة جدة، ثم يعود إلى الرياض بفكر رياضي قيادي ليؤسس نادي الشباب عام 1367هـ أول ناد يؤسس بالمنطقة الوسطى على الرغم من الضغوط التي يتعرض لها الرمز الراحل لاعتبارات ثقافية واجتماعية ودينية بالمجتمع النجدي آنذاك إلا أنه بحكمته وكياسته نجح في إقناع المجتمع النجدي بجدوى قيام الرياضة لفوائدها الصحية والنفسية والفكرية.
وكان معه من الرموز الكبار حمزة جعلي ومحمد مكي وصالح ظفران وعبد الله اخضر وعلى الرغم من الخلاف الحاصل حول مؤسس الشباب فمنهم من قال محمد إبراهيم مكي ومنهم من قال ابن سعيد غير أن المصادر الأولية والوثائق التاريخية أكدت أن المؤسس الحقيقي للشباب هو الرمز الراحل عبد الرحمن بن سعيد - رحمه الله -.
وبعد تأسيس الشباب 1367هـ اتجهت بوصلة التأسيس نحو حي الظهيرة عام 1377هـ ليؤسس - رحمه الله - نادي الهلال بعد أن حصل الانقسام التاريخي الثاني (1957م) فأسس أبو مساعد فريق الأولمبي الذي تغير بأمر من جلالة الملك سعود - رحمه الله - إلى اسم الهلال, الذي يعد أكبر الأندية السعودية في وقتنا الراهن حصداً للبطولات والإنجازات الذهبية في مسيرة زعيم الأندية التي تجاوزت العقد الخامس بخمسة أعوام.
وبعد أن انتقل ابن سعيد - رحمه الله - لتأسيس الهلال وترك الشباب عاش شيخ الأندية مرحلة صعبة عقب ابتعاد مؤسسه ورئيسه الأول، حيث تعرض الشباب للحل وتفرق لاعبوه من جراء ابتعاد المؤسس لولا الله ثم جهود الشبابي المخضرم محمد بن جمعه الحربي الذي أقنع ابن سعيد بإقامة مناورة ودية تجمع شباب الرياض (الشباب حالياً) والهلال, عام 78 - 1379هـ ووافق الرمز الراحل على طلب ابن جمعة وكان يهدف من وراء إقامة هذه المناورة الحبية إعادة ترتيب البيت الشبابي, وإعادة لاعبيه ورجالاته من الإداريين وعلى رأسهم الشيخ الراحل عبد الله بن أحمد, وبالفعل أقيمت هذه المناورة التاريخية في ملعب الصايغ بالرياض ونجح ابن سعيد بحكمته وعشقه الأزلي لرياضة المنطقة الوسطى من إعادة الاستقرار والتوازن إلى البيت الشبابي وعاد ابن أحمد لتولي رئاسة النادي العاصمي الذي كاد أن ينحل نهائياً لولا جهود وتضحيات رموزه الكبار ومنهم الشيخ عبد الرحمن بن سعيد - رحمه الله -.
تضحيات ابن سعيد
الشيخ الراحل عبد الرحمن بن سعيد - رحمه الله - كان يمثل رمزاً من رموز الحركة الرياضية بالمملكة الفاعلين ممن ضحوا وقدموا الشيء الكثير والكثير لرياضة المنطقة الوسطى تحديداً ورياضة المملكة بشكل عام, فشيخ الرياضيين - رحمه الله - أسس الشباب والهلال, كما أشرنا آنفاً وتزعمهما في فترات مختلفة ولم يتوقف دعمه عن محطة هذين الناديين, بل امتد عطاؤه وسخاؤه لفرق المنطقة الوسطى الأخرى, إذ سجل مواقف بطولية تاريخية في دعم كثير من هذه الأندية, ولعل أبرزهم نادي النصر الذي شمله هذا الدعم في أصعب مراحله, وتحديداً في أوائل الثمانينات الهجرية من القرن الفائت, يقول الرياضي المخضرم محمد رمضان الذي عمل في إدارة الهلال بمنصب سكرتير عام 80 - 1381هـ كان النصراوي المعروف أحمد البربري يأتي لمنزل ابن سعيد ويطلب منه دعمه بالكرات والملابس والأبوات ويأخذ كل شيء باسم نادي النصر, وأيضاً رئيسه السابق عبد الله مختار - رحمه الله - كان يزور شيخ الرياضيين في بيته ويأخذ منه بعض الاحتياجات والمستلزمات الرياضية لصرفها على لاعبي النصر انتهى كلام رمضان, ولا غرو في ذلك فالرمز الراحل كان - رحمه الله - يفتح منزله للاعبين للرياضيين بمختلف الشعارات والانتماءات ويقيم لهم الولائم في صورة جسدت كرم وشهامة وأصالة الرمز الراحل، بل إن دعمه وعطاءه امتد حتى الأندية المنافسة ليؤكد مدى اهتمامه وحرصه وحبه لرياضة المنطقة الوسطى ودعمها في أحلك ظروفها من أجل استمرار مسيرتها دعماً لرياضة الوطن.
ويؤكد التاريخ الرياضي بالمملكة الموقف البطولي الذي سجله الرمز الراحل عبد الرحمن بن سعيد مع النادي الأهلي بجدة, عندما تعرض لأزمة مالية وإدارية عام 1379هـ وقد تخلى عنه رجالاته وأصبح إزاء ذلك مهدداً بالضياع والشتات, بيد أن الرمز الراحل شد الرحال إلى المنطقة الغربية في تلك الأيام الخوالي متصدياً للأزمة الأهلاوية بكل شجاعة وبراعة عندما تزعم البيت الأهلاوي ونجح في إعادة الاستقرار والهدوء داخل أروقته وأنقذه من مرحلة كادت أن تدخل قلعة الكؤوس إلى مرحلة النسيان. ولأن موقف الرمز الكبير عبد الرحمن بن سعيد موقف بطولي وتاريخي فقد حفظ الأهلاويون لهذا الشيخ الوقور حقه الوفائي عندما كرمه مرتين, الأولى في احتفالية اليوبيل الذهبي عام 1407هـ بحضور الرمز الأهلاوي الكبير الأمير عبد الله الفيصل - رحمه الله - والتكريم الأكبر عندما حظي أبو مساعد بتكريم تاريخي من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - في احتفالية النادي الأهلي الذي أقيم بمناسبة فوزه ببطولات المملكة للألعاب المختلفة.
الإنجازات الهلالية وشيخ الرياضيين
منذ انطلاقة المسابقات المحلية في النصف الثاني من عقد السبعينيات الهجرية من القرن الماضي, وفرق المنطقة الغربية كانت فارضة هيمنتها على بطولاتها الذهبية, في الوقت الذي شهدت فيه الساحة الرياضية غيابا اضطراريا لفرق المنطقة الوسطى وكذا المنطقة الشرقية لعدم اكتمال نموها الطبيعي من الناجية التأسيسية آنذاك. غير أن هذا الغياب لم يستمر طولياً إذ نجح ابن سعيد في قيادة هلاله الصغير ذي الأربعة أعوام من عمره التأسيسي نجح في انتزاع أول لقب في تاريخ رياضة الوسطى عندما كسب كأس الملك لأول مرة عام 1381هـ بعد فوزه على الوحدة 3 - 2 سجلها مهاجمه الراحل رجب خميس, ثم كسب الفريق الأزرق بقيادة مؤسسة ورئيسه العصامي ابن سعيد أكبر إنجاز تاريخي تحقق لهلال الثمانينات عندما نجح العقل الكبير أبو مساعد في صنع هذا الإنجاز الإعجاز المتمثل في فوز الهلال بكأس الملك وكأس ولي العهد عام 1384هـ كأول فريق بالمنطقة الوسطى ينال هذا اللقب التاريخي وعمره التأسيسي سبعة أعوام, لتتوالى الإنجازات الهلالية بعد أن سلم شيخ الرياضيين راية الزعامة لرجال الهلال الأوفياء الذين تعاقبوا على رئاسته حتى أصبح النادي العاصمي الكبير يتبوأ مركز الصدارة والزعامة من حيث بطولاته الـ 52.
عضوية أبي مساعد
وقد ترأس عبد الرحمن بن سعيد مجالس إدارات نادي الهلال لفترات طويلة، وإضافة إلى تأسيس الأندية شارك بن سعيد في اللجان والإدارات الرياضية.. فكان عضواً في اللجنة الرياضية منذ انتقال الشؤون الرياضية إلى وزارة المعارف في عام 1380هـ (1960م) وهذه اللجان كانت بمثابة اتحادات فرعية لكرة القدم, ثم شغل منصباً رفيعاً في الإدارة العامة لرعاية الشباب, ثم موظفاً كبيراً في الأمانة العامة لمجلس الوزراء, ثم أصبح ابن سعيد المؤسس وعضو شرف نادي الهلال, وإضافة إلى هذا فإن ابن سعيد له مساهمات تاريخية واسعة في الصفحات الرياضية ولديه قدرات جيدة في تسجيل ورصد الأحداث الرياضية أولاً بأول.
من اللجان التي شارك فيها عضو اللجنة الرياضية الأولى المشكلة بتاريخ 27 - 4 - 1381هـ حيث كانت وزارة المعارف يومئذ المشرفة على النشاط الرياضي الأهلي بالمملكة العربية السعودية.
وكان ابن سعدي عضو اللجنة الرياضية بوزارة العمل والشؤون الاجتماعية بتاريخ 15 - 9 - 1382هـ حينما انتقل إليها الإشراف والإدارة على النشاط الرياضي الأهلي بالمملكة.
كما أن ابن سعيد كان عضواً في إدارة الصندوق الرياضي مع كل من الأستاذ عمر عبد ربه من المنطقة الغربية والأستاذ ناصر القلاف من المنطقة الشرقية برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل المدير العام لرعاية الشباب آنذاك.
وعضو في اللجنة المشكلة للمشاركة في معسكرات دورة المغرب العربي التي أقيمت في تونس.وعضو في اللجنة المكلفة بدراسة وتحديث اللوائح والأنظمة الخاصة برعاية الشباب في عام 1393هـ. حتى أصبح عضواً في اللجنة الأولمبية السعودية.
منح ابن سعيد وسام الرئاسة العامة لرعاية الشباب باعتباره أحد الرواد المؤسسين للحركة الرياضية في المملكة العربية السعودية في حفل أقيم لجميع الرواد المؤسسين في مدينة جدة أثناء فعاليات الدورة الإسلامية الأولى عام 1426هـ.
!شيك ابن سعيد
احمد العجلان
طلب مني أحد الأصدقاء في يوم من الأيام، وعطفاً على علاقاتي - كما يقول - في الوسط الرياضي المليء برجال المال والأعمال، البحث عن مساعدة مالية من أجل مشروع خيري يحتاج للدعم.. ورغم حساسيتي من مثل هذه الطلبات التي أخشى أن تفسّر بشكل خاطئ، إلاّ أنّ ذلك الصديق أقنعني تماماً بالفكرة مشدداً على أنّ (الأجر) سيكتبه الله بإذن الله.. بحثت وبأمانه، مع أكثر من شخص، البعض وعدني دون التنفيذ وقد يكون لديهم بالتأكيد ظروفهم، وآخرون اعتذروا من البداية.. ذهبت لمؤسِّس الهلال الشيخ عبد الرحمن بن سعيد في مزرعته وأخبرته بالقصة، وعن ذلك المشروع الخيري الكبير (مدرسة تحفيظ قرآن)، فلم يتردد أبو مساعد إطلاقاً فأحضر دفتر الشيكات وكتب الشيك باسم الجهة الخيرية، وكان مبلغاً سخياً جداً ساعد كثيراً في إتمام المشروع، وبعد ما كتب لي الشيك قدّمت له شكري الكبير فوبّخني، وقال الشكر لله ثم لك أن دلّيتني على فعل الخير يا ابني، وإن شاء الله سيكتب الأجر لنا ولك، هذا هو ابن سعيد باختصار الرجل المحب للخير المحافظ على صلاته وواجباته، القريب من الخير دائماً والسبّاق إليه.. أسأل الله العظيم ربّ العرش العظيم، من رفع سبع سماوات، وسوّى الأرض، أن يتغمّد الشيخ عبد الرحمن بن سعيد بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته، ويجعل قبره روضة من رياض الجنة ويثبِّته عند السؤال ... آمين.