قيادة المرأة للسيارات
يحد من الحوادث والاختناقات المرورية
ويخلصنا من استقدام العمالة الرديئة والخلوة غير الشرعية
الإيجابيات والسلبيات
لا شك أن المرأة في الأسرة- كما يقال عادة- تكون نصف الأسرة الذي يعتمد عليه، في استقرارها وتنميتها، كذلك هي في المجتمع تكون نصف المجتمع في تنشئته وتنميته، إضافة إلى دورها في تنشئة أبنائنا وفلذات أكبادنا وهم شباب المستقبل، والمقصود بالمشاركة في التنمية تلك الجهود والإسهامات التي تبذلها المرأة، والتي تؤدي إلى إحداث التغيير في الأسرة وفي المجتمع وتساهم في تحقيق درجة ما من درجات التقدم الاجتماعي، وتؤكد العديد من الدراسات على أن من بين مؤشرات تقدم المجتمع مساهمة نسائه في النشاط الاجتماعي والاقتصادي والثقافي.
وبما أن المرأة تمثل نصف المجتمع في أي بلد والتنمية الحقيقية لا تتم إلا بحسن استغلالها ومشاركتها في عملية التنمية لا يعني فقط خروج المرأة للعمل، فالمرأة بصفة عامة والخليجية بصفة خاصة وبحكم الحاجة الاقتصادية والمساهمة في سد احتياجات الأسرة كانت تعمل طوال النهار وجزء من الليل في الحقول والبيوت في العراء وفي البحر حتى وان لم يعترف بها أحد حتى اليوم بأنها منتجة ويحق لها الحصول على الأجر.
والجزء الأخطر أن كثيرا من العادات والتقاليد والقيم تعوق المرأة بشكل واضح على مستوى المجتمع والفرد، فعلى سبيل المثال إن اكتساب المرأة حق قيادة السيارات في المجتمع الحضري قد لا يوصل المرأة إلى اكتساب السلطة أو الاستقلال داخل الأسرة، بل بالعكس قد يزيد هذا الوضع من عبوديتها عندما يستحوذ ذكور الأسرة على ثمار جهدها وتزيد أعباؤها ولا شك أن كل ذلك يحد من اندفاع المرأة للعمل ويزيد من حجم الإحباطات والمعوقات النفسية السيكولوجية التي تواجهها.
فلا يخفى على أرباب الأسر مثلنا أن مساهمة المرأة في الدخل وما لها من إيجابيات في تقليل الهالك من الدخل على مستوى الأسرة والمجتمع والدولة، وتوفير مليارات الريالات التي يتم تحويلها سنوياً والتي قدرت بحوالي أكثر من 1.2 بليون ريال، نظراً لتواجد العمالة الوافدة في مجتمعنا وما نواجه من عادات وتقاليد تخرج عن مجتمعنا الإسلامي، ومنها على الوجه الأخص هو وجود السائق في المنزل والذي اعتبرناه من الضروريات الضرورية لتوصيل الزوجة والأولاد إلى المدرسة ومقر العمل. والبديل عنها هو الاعتماد على أطفالنا وشبابنا في استخدام السيارات لنفس الغرض أو لقضاء الاحتياجات اليومية للمنزل مما دعاهم إلى استخدامها بشكل سيء نتج عنه الكثير من الحوادث المرورية، والتي أقيمت العديد من الدراسات والبحوث العلمية والمؤتمرات الدولية وغيرها لدراسة الأسباب والحلول والمقترحات ومدى تأثيرها على المجتمع من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والتي أشارت بأن عدد وفيات حوادث المرور بالمملكة العربية السعودية يفوق عدد وفيات حوادث المرور في بريطانيا بالرغم من الفارق الكبير في عدد السكان علماً أن عدد السيارات في بريطانياً حوالي 25 مليون سيارة بينما عدد السيارات في المملكة حوالي 3,000,000 فقط.
وقد كشفت الصحف عن دراسة مرورية متخصصة أجريت مؤخراً أن الوفيات من الحوادث المرورية في المملكة تقدر بنحو خمسة آلاف شخص كل سنه ومجموع الحوادث المرورية العام الماضي بلغ (233.816) حادثاً، وأن نسبة (11%) من المصابين تقل أعمارهم عن (18) عاماً. فكيف يمكن الحد من الحوادث المرورية؟ وهل تكفي حملات التوعية الأمنية والأسابيع المرورية وهل تساهم العقوبات المرورية المفروضة على السائقين في وقف الدماء النازفة وخفض الخسائر المادية الجسيمة؟.
ومن النتائج المؤكدة في هذه الدراسات أن العامل الأساسي في حوادث السيارات تكون من قائد المركبة نفسه لعدم التقيد بالسرعات الموضوعة على الطرق، وإهمال قواعد القيادة، وإساءة استعمال المركبة، والتجاوزات الخطرة التي يجريها بعض السائقين وحالات السكر والإرهاق.
ومن هذه الدراسات التي أجرتها العديد من الدول حول العالم يتضح أنها لم تؤكد أو تشير أن قيادة المرأة للسيارات له أي دور في الحادث بل أن الحوادث تنتج عن فئة من الشباب الذين يقل أعمارهم عن 18 سنة بسبب السرعة والرعونة وعدم المبالاة والإهمال بقواعد وسلامة الطريق، وهذه الأسباب غير متواجدة في المرأة الشرقية بوجه عام والخليجية بوجه خاص فهي معروفه بالالتزام والهدوء وحسن التصرف والأداء في مثل هذه الحالات وحالات كثيرة.
كما أن الآثار الناجمة عن حوادث السيارات لا تترك أثرها على الفرد وأسرته بل تمتد لتشمل المجتمع بأسرة والاقتصاد الوطني بما تخلفه من إعاقات للمصابين وبما تحتاجه من كلفة اقتصادية لعلاج ضحايا حوادث المرور فهي بذلك تشكل خطراً أعم وأشمل تجعل منها مشكلة وطنية لأي دوله.
وبما أن هناك تشريع في قانون المرور بعدم قيادة السيارات للشباب من دون 18 سنة ولا يصدر له رخصة قيادة قبل هذا السن، مما أدى الحال إلى استخدام أولادنا وفلذة أكبادنا في قيادة السيارات قبل بلوغهم السن القانونية واستخدام العقل والمنطق في قيادتهم لهذه السيارات، هذا عوضاً عن استخدام السائق، على الرغم من أننا في حالة استخدام المرأة لقيادة السيارات لن يكون استخدامها على الشكل الحالي أو المتوقع أو كما نراه في الدول الأخرى، بل سنجد القيادة الهادئة والمثالية والمتفقة مع قواعد المرور وسلامة المواطن والمواطنين والتي لا تؤدي بها الوقوف أمام رجل المرور في الطريق لارتكابها أحد المخالفات المرورية لأن المرأة بطبيعة حالها وكما خلقها الله سبحانه وتعالى هادئة وتحسن التصرف حفاظاً على أنوثتها ومظهرها الاجتماعي كامرأة فلن تقود المركبة إلا في حالات الضرورة التي تستدعي ذلك كتوصيل الأبناء إلى مدارسهم في أمن وأمان والحفاظ عليهم لأنها الأم وليست السائق الأجنبي الذي لديه يقين أنه في حال حدوث أي طارئ أو حادث فله تعويض مثله مثل السيارة التي يقودها ويعمل عليها.
فالجهود التي بذلت من أجل تنمية المرأة الخليجية والتي بدأت بالتعليم ثم امتدت لتشمل التدريب الفني والمهني والتأهيل والتثقيف الذي يتواكب ومستجدات العصر من علوم وتكنولوجيا ومعلومات والذي برزت فيه بشكل فعال، فلا نجعلها تقف حائرة أمام وجود سائق من عدمه ليمكنها من أداء واجبها تجاه أسرتها وأولادها ووطنها. ففي حال عدم وجود سائق تضطر الأسرة إلى استخدام سيارات الأجرة فيزيد ذلك من الأعباء المالية أيضاً فيصبح ما اكتسبته المرأة من عملها إما أن يُدفع نصفه إلى السائق المستقدم وما يتبعه من مصروفات إقامة وسفر وإجازة وخلافه أو في استخدام سيارات الأجرة أو اختيار الحل البديل والمتبع حالياً والذي ظهرت آثاره السلبية جراء تسليم الشباب من دون سن (18) مفتاح السيارة لقضاء حاجة المنزل وبالتالي له الحق في التنزه بالسيارة.
كذلك بإمكاننا سن القوانين اللازمة لحماية المرأة من التحرش بها أثناء قيادة السيارة والتي منها الحبس والجلد والتشهير به في الصحف والمجلات حتى يكون عبرة لمن تساوره نفسه في التحرش بالنساء أثناء السير بالطريق، إضافة إلى سن قانون يمنع قيادة المرأة للسيارة دون سن 25 عاماً وهذا السن في اعتقادي أنه مناسب لتحملها مشقة قيادة السيارة، ويضاف إليها أيضاً تحديد مواعيد قيادة السيارات للمرأة والتي تبدأ من الساعة السادسة صباحاً وتنتهي عند السادسة مساءً وأعتقد أن هذه المواعيد تناسب احتياجاتها لقيادة السيارة، وفي غير هذه الأوقات يكون في وجود رب الأسرة وهو الذي يتولى قيادة السيارة. ناهيك عن حفلات الزفاف والعرس والزيارات الأسرية والاجتماعية المختلفة والتي تمتد إلى أوقات متأخرة في الليل ولكن لا ولن تكون بمفردها وإنما بصحبة أسرتها (صحبه آمنه) أفضل من الاعتماد على السائق والتعرض إلى الخلوة غير الشرعية.
وينعكس ذلك بشكل إيجابي على استئذان الرجل من عمله يومياً ليتمكن من اللحاق بأسرته مع وقت خروجهم من المدرسة والعمل والجامعة وتوصيلهم إلى المنزل ومن ثم العودة إلى العمل لإكمال الدوام الرسمي، مما يهدر من الوقت والجهد الكثير فهذه فرصة لإتاحة الفرصة للمرأة لتحمل هذه المسؤولية على عاتقها فتنظم وقتها من وقت دخول أولادها المدرسة إلى وقت خروج أولادها من المدرسة ويستمر رب الأسرة في عمله دون تعطيل.
لذا وجب علينا العمل على تخليص المرأة من قيود العادات والتقاليد المتخلفة المضروبة حولها والمعيقة لمشاركتها في تنمية مهاراتها وقدراتها ومن ثم تنمية المجتمع ككل.
فالمرأة العربية تسير اليوم إلى الأمام، وقد تحقق لها المزيد من الحقوق والمساواة وإثبات الذات عن كفاءة وجدارة، وهذا لا يعني أن المرأة في كل الدول العربية قد قطعت الشوط نفسه في سبيل تحقيق أهدافها فهناك اختلاف في المكتسبات حسب طبيعة بيئتها ومجتمعها, إلا أن الأكيد أن صوت المرأة العربية قد بات أكثر امتداداً وقوة عما كان علية في الماضي، اليوم هي أكثر علماً وانخراطاً في الإنتاجية وفي الشأن العام وفي تقرير مصيرها, ولكن الطريق أمامها ما زال طويل وهناك العديد من التحديات التي مازالت تواجهها والتي ترتبط ارتباطاً مباشراً بحالة الفقر بمعناه الواسع.
فالمرأة تفتقد إلى الدافع الحقيقي لبذل المزيد من الجهود في سبيل تطوير قدراتها ومهاراتها الفنية والحرفية والإدارية وغيرها، فهي نادراً ما تحلم بأن تستولي على منصب قيادي في مجتمعات تستبعدها عن مثل هذه المهام التي تعتبر ملكاً للرجل دون منازع.
مصري خدوم جدع جدااا