عاش شابٌ في بلدٍ لا يعرف لغة أهله . صار غريباً يتكلم .... لا يُفهم ..... حاول أن يتخاطب معهم بالإشارة والرموز ...... ولكن القوم لا يفقهون لغة الرموز !!! . إحتار وحار ومع حيرته وضياعه مازال رافضاً أن يتعلم لغتهم ويتكلم بكلامهم !!! بدأ الإحباط يساوره .... لكنه لم يأبه و أصر على أن يتكلم بالرموز !!!
كان يقف في ميدان البلده يخاطب أهلها . والعجيب أنهم لا يفهمون شيء مما يقول ومع ذلك كانوا يصفقون له !!!
في يومٍ من الأيام , وبعد أن إنتهى الشاب من كلامه للجموع وبعد التصفيق كما إعتادوا أن يفعلوا تقدم نحو الشاب شيخ كبير على وجهه أثر الوقار والحكمة - وكان يبدوا أنه ليس من أهل البلد - وشكره على كلامه وكان يخاطب الشاب باللغة التي يفهمها الشاب مما أبهره , فقال له : من أين أنت أيه الشيخ ؟ . فقال له الشيخ : إرحل لتبقى !!!!
تعجب الشاب من الرد وسأل سؤالاً أخر فقال له الشيخ : إرحل لتبقى !!!! ثم سأله مرة أخرى وكان الشيخ يرد بقوله : إرحل لتبقى !!!!
تعجب من أمر الشيخ و أحس بضيق شديد في الصدر جعله يكره أن يبقى في مكانه , فإنصرف من عند الشيخ وقصد مكان هادئ خارج البلدة عند غدير الماء . هناك جلس الشاب و نظر لصفحة الماء الصافي لينظر إنعكاس صورته. كان ينظر إلى صورته و كان كلام الشيخ " إرحل لتبقى !!!" يدوِّي في رأسه ويتردد . وهنا و بعفوية نزلت من عينه دمعة سقطت على سطح الماء فإضطربت صورته بإضطراب الماء. عندها وقف الشاب وسار مبتعداً عن البلدة مقرراً الرحيل . وظل في ذاكرته ذلك الدرس الذي تعلمه من الشيخ فحين تتكلم ولا تُفهمُ لغتك ,,,,,,,, أصمت ,,,,,, فالصمت تفهمه جميع اللغات !!!