العودة   منتديات الـــود > +:::::[ الأقسام الثقافية والأدبية ]:::::+ > الإبداعات الأدبية
 
   
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 29-06-2005, 08:32 AM   رقم المشاركة : 1
عبود الرياض
( ود جديد )
 





عبود الرياض غير متصل

كيف تكتب كلمة " أحبك " ..؟؟

كيف تكتب كلمة "احبك"..؟

تعودت كل ليلة أن امشي قليلا ، فأخرج لمدة نصف ساعة ثم أعود..وفي خط سيري يوميا كنت أشاهد طفلة لم تتعدى السابعة من العمر.. كانت تلاحق فراشا اجتمع حول إحدى أنوار الإضاءة المعلقة في سور أحد المنازل... لفت انتباهي شكلها وملابسها .. فكانت تلبس فستانا ممزقا ولا تنتعل حذاء.. وكان شعرها طويلا وعيناها خضراوان .. كانت في البداية لا تلاحظ مروري .. ولكن مع مرور الأيام .. أصبحت تنظر إلى ثم تبتسم ..
في أحد الأيام استوقفتها وسألتها عن اسمها فقالت أسماء.. فسألتها أين منزلكم .. فأشارت إلى غرفة خشبية بجانب سور أحد المنازل .. وقالت هذا هو عالمنا ، أعيش فيه مع أمي وأخي بدر.. وسألتها عن أبيها .. فقالت أبى كان يعمل سائقا في إحدى الشركات الكبيرة .. ثم توفي في حادث مروري.. ثم انطلقت تجري عندما شاهدت أخيها بدر يخرج راكضا إلى الشارع ..فمضيت في حال سبيلي.. ويوما مع يوم.. كنت كلما مررت استوقفها لأجاذبها أطراف الحديث .. سألتها : ماذا تتمنين ؟ قالت كل صباح اخرج إلى نهاية الشارع ..لأشاهد دخول الطالبات إلى المدرسة .. أشاهدهم يدخلون إلى هذا العالم الصغير..مع باب صغير.. ويرتدون زيا موحدا ... ولا اعلم ماذا يفعلون خلف هذا السور.. أمنيتي أن أصحو كل صباح .. ألبس زيهم .. واذهب وادخل مع هذا الباب لأعيش معهم و أتعلم القراءة والكتابة .. لا اعلم ماذا جذبني في هذه الطفلة الصغيرة .. قد يكون تماسكها رغم ظروفها الصعبة .. وقد تكون عينيها .. لا اعلم حتى الآن السبب.. كنت كلما مررت مع هذا الشارع .. احضر لها شيئا معي.. حذاء .. ملابس.. العاب.. أكل.. وقالت لي في إحدى المرات .. بأن خادمة تعمل في أحد البيوت القريبة منهم قد علمتها الحياكة والخياطة والتطريز.. وطلبت مني أن احضر لها قماشا وأدوات خياطة .. فأحضرت لها ما طلبت .. وطلبت مني في أحد الأيام طلبا غريبا
.. قالت لي أريدك أن تعلمني كيف اكتب كلمة احبك.. ؟ مباشرة جلست أنا وهي على الأرض .. وبدأت اخط لها على الرمل كلمة احبك.. على ضوء عمود إنارة في الشارع .. كانت تراقبني وتبتسم .. وهكذا كل ليلة كنت اكتب لها كلمة احبك.. حتى أجادت كتابتها بشكل رائع .. وفي ليلة غاب قمرها ... حضرت إليها .. وبعد أن تجاذبنا أطراف الحديث .. قالت لي اغمض عينيك .. ولا اعلم لماذا أصرت على ذلك.. فأغمضت عيني .. وفوجئت بها تقبلني ثم تجري راكضه .. وتختفي داخل الغرفة الخشبية .. وفي الغد حصل لي ظرف طارئ استوجب سفري خارج المدينة لأسبوعين متواصلين .. لم استطع أن أودعها .. فرحلت وكنت اعلم أنها تنتظرني كل ليله .. وعند عودتي .. لم اشتاق لشي في مدينتي .. اكثر من شوقي لأسماء.. في تلك الليلة خرجت مسرعا وقبل الموعد وصلت المكان وكان عمود الإنارة الذي نجلس تحته لا يضيء.. كان الشارع هادئا .. أحسست بشي غريب.. انتظرت كثيرا فلم تحضر.. فعدت أدراجي .. وهكذا لمدة خمسة أيام .. كنت احضر كل ليلة فلا أجدها.. عندها صممت على زيارة أمها لسؤالها عنها.. فقد تكون مريضه .. استجمعت قواي وذهبت للغرفة الخشبية .. طرقت الباب على استحياء.. فخرج بدر .. ثم خرجت أمه من بعده.. وقالت عندما شاهدتني.. يا إلهي .. لقد حضرت .. وقد وصفتك كما أنت تماما.. ثم أجهشت في البكاء.. علمت حينها أن شيئا قد حصل.. ولكني لا اعلم ما هو؟؟؟؟ وعندما هدأت الأم سألتها ماذا حصل؟؟ أجيبيني أرجوك .. قالت لي لقد ماتت أسماء .. وقبل وفاتها .. قالت لي سيحضر أحدهم للسؤال عني أعطيه هذا وعندما سألتها من يكون ..قالت اعلم انه سيأتي.. سيأتي لا محالة ليسأل عني؟؟ أعطيه هذه القطعة .. فسألت أمها ماذا حصل؟؟ فقالت لي توفيت أسماء.. في إحدى الليالي أحست ابنتي بحرارة وإعياء شديدين .. فخرجت بها إلى أحد المستوصفات الخاصة القريبة .. فطلبوا مني مبلغا ماليا كبيرا مقابل الكشف والعلاج لا املكه .. فتركتهم وذهبت إلى أحد المستشفيات العامة .. وكانت حالتها تزداد سوءا..فرفضوا إدخالها بحجة عدم وجود ملف لها بالمستشفى.. فعدت إلى المنزل .. لكي أضع لها الكمادات .. ولكنها كانت تحتضر.. بين يدي.. ثم أجهشت في بكاء مرير.. لقد ماتت .. ماتت أسماء.. لا اعلم لماذا خانتني دموعي.. نعم لقد خانتني .. لأني لم استطع البكاء.. لم استطع التعبير بدموعي عن حالتي حينها.. لا اعلم كيف اصف شعوري .. لا أستطيع وصفه لا أستطيع .. خرجت مسرعا ولا اعلم لماذا لم اعد إلى مسكني.بل أخذت اذرع الشارع .. فجأة تذكرت الشي الذي أعطتني إياه أم أسماء..... فتحته ... فوجدت قطعة قماش صغيرة مربعة.. وقد نقش عليها بشكل رائع كلمة احبك.. وامتزجت بقطرات دم متخثرة .. . يا إلهي .. لقد عرفت سر رغبتها في كتابة هذه الكلمة .. وعرفت الآن لماذا كانت تخفي يديها في آخر لقاء.. كانت أصابعها تعاني من وخز الإبرة التي كانت تستعملها للخياطة والتطريز.. كانت اصدق كلمة حب في حياتي.. لقد كتبتها بدمها .. بجروحها .. بألمها.. كانت تلك الليلة هي آخر ليلة لي في ذلك الشارع .. فلم ارغب في العودة إليه مرة أخري.. فهو كما يحمل ذكريات جميلة .. يحمل ذكرى ألم وحزن .. يحمل ذكرى أسماء.. احتفظت بقطعة القماش معي.. وكنت احملها معي في كل مكان اذهب إليه .. وبعدها بشهر.. و أثناء تواجدي في إحدى الدول.. وعند ركوبي لأحد المراكب في البحر الأبيض المتوسط.. أخرجت قطعة القماش من جيبي.. وقررت أن ارميها في البحر ..لا اعلم لماذا ؟؟ ولكن لأنها تحمل أقسى ذكرى في حياتي.. وقبل غروب الشمس.. امتزجت دموعي بدم أسماء بكلمة احبك.. ورفعت يدي عاليا .. ورميتها في البحر.. وأخذت ارقبها وهي تختفي عن نظري شيئا فشيئا .. ودموعي تسألني لماذا ؟؟ ولكنني كنت لا املك جوابا ؟؟ أسماء سامحيني .. فلم اعد احتمل الذكرى؟؟ أسماء سامحيني.. فقد حملتني اكبر مما أتحمل؟؟ أسماء سامحيني فأنا لا استحق الكلمات التي نقشتيها .. أسماء سامحيني..

عبود الرياض






التوقيع :
abdullah-5640@hotmail.com

 

مواقع النشر (المفضلة)
   


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:32 PM.




 


    مجمموعة ترايدنت العربية