إذا وضع العبد في قبره جاءته ملائكة على صورة منكرة، فجاء في حديث البراء بن عازب عن الرسول صلى الله عليه وسلم ( فيأتيه ملكان [ شديدا الانتهار] فـ [ينتهرانه] ويجلسانه ، فيقولان له : من ربك ؟ ما دينك ؟ من نبيك ؟ وهي آخر فتنة تعرض على المؤمن ، فذلك حين يقول الله عز وجل ( يثبت الله الذين آمنوا في الحياة الدنيا ) ، فيقول: ربي الله ، وديني الإسلام ، ونبي محمد صلى الله عليه وسلم ، فينادي مناد من السماء : أن صدق عبدي) ، وقال في العبد الكافر أو الفاجر ( ويأتيه ملكان[ شديدا الانتهار ، فينتهرانه ] ويجلسانه ، فيقولان له : من ربك ؟ فيقول هاه ، هاه لا أدري . فيقولان له : ما دينك ؟ فيقول: هاه ، هاه لا أدري ، فيقولان : فما تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فلا يهتدي لاسمه ، فيقال : محمد ، فيقول : هاه ، هاه ، لا أدري ، [ سمعت الناس يقولون ذاك ، قال : فيقولان :لا دريت ولا تلوت فينادي مناد من السماء أن كذب عبدي]ه
وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن العبد إذا وضع في قبره ، وتولى عنه أصحابه ، إنه ليسمع قرع نعالهم ، إذا انصرفوا: أتاه ملكان فيقعدانه ، فيقولان له : ما كنت تقول في هذا الرجل ، محمد ؟ فأما المؤمن ، فيقول : أشهد أنه عبدالله ورسوله ......... وأما الكافر أو المنافق ، فيقول : لا أدري ، كنت أقول ما يقول الناس فيه ، فيقال : لا دريت ولا تليت ........ ) رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي
ولم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم في أول الأمر أن هذه الأمة تفتن في قبورها ، ثم أوحى الله له بهذا العلم ، فقد حدث عروة بن الزبير عن خالته عائشة، قالت : دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعندي امرأة من اليهود ، وهي تقول : هل شعرت أنكم تفتنون في القبور ؟ قالت : فارتاع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : ( إنما تفتن اليهود ) ، قالت عائشة : فلبثنا ليالي ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( هل شعرت أنه أوحى الله إليّ أنكم تفتنون في القبور ) قالت عائشة : فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد : يستعيذ من عذاب القبر. رواه مسلم
يقول بن القيم ( وقد تواترت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثبوت عذاب القبر ونعيمه لمن كان لذلك أهلا ، وسؤال الملكين ، فيجب اعتقاد ثبوت ذلك والإيمان به ، ولا نتكلم في كيفيته ، إذ ليس للعقل وقوف على كيفيته لكونه لا عهد له به في هذه الدار........فإن عودة الروح إلى الجسد ليس على الوجه المعهود في الدنيا بل تعاد إليه إعادة غير الإعادة المألوفة في الدنيا )ا
وقال في موضع آخر ( واعلم أن عذاب القبر هو عذاب البرزخ ، فكل من مات وهو مستحق للعذاب ناله نصيبه منه ، قبر أو لم يقبر ، أكلته السباع أو احترق حتى صار رمادا ونسف في الهواء ، أو صلب أو غرق في البحر وصل إلى روحه وبدنه من العذاب ما يصل إلى المقبور ، وما ورد من إجلاسه واختلاف أضلاعه ونحو ذلك، فيجب أن يفهم عن الرسول صلى الله عليه وسلم مارده من غير غلو ولا تقصير )ا
وقد وردت إشارات في القرآن تدل على عذاب القبر ، قال تعالى ( سنعذبهم مرتين ثم يردون إلى عذاب عظيم ) وقال ( وحاق بآل فرعون سوء العذاب ، النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب) ، ومن افشارات القرآنية الواضحة في ذلك قوله تعالى ( يثبت الله الذين آمنوا في الحياة وفي الآخرة )ا
***