هنري الثامن وفن التخلص من زوجاته
تخصص هنري الثامن ملك إنجلترا في التخلص من زوجاته الملكيات اللاتي اختارهن حبا أو عشقا أو
لمطامع سياسية وهن ست زوجات - غير أخريات لم يلتزم بشرعيتهن - فقطع رأس اثنتين أولاهما الزوجة
الثانية (آن بولين) وثانيتهما الزوجةالخامسة (كاترين هيوارد). أما الأخريات من الزوجات الشرعيات فقد
طلق ثلاثا منهن بينما دفنته (كاترين بار) سادس زوجاته بعد موته وتزوجت من حبيبها الأول قبل مضي
أسبوعين من تشييع جثمان الملك زير النساءالسفاح هنري الثامن !
كان هنري كما بدا في شبابه أنموذجا كاملالشاب من أمراء النهضة. كان يافعا غضا لا يزيد عمره على
ثمانية عشر ربيعا.. طويلا متورد الوجنتينتتفجر منه حيوية دافقة.. ماهرا في كل رياضات الرجال واتصف
بشهوة فائقة للصيد والقمار ومبارزةالفرسان وعشق النساء.
ما إن اعتلى هنري عرش أسرة التيودور حتىتزوج من (كاترين اوف ناراجون) وهي سيدة فاضلة جادة
دمثة الخلق تكبره بست سنوات. كانت كاترينأرملة لأخيه الأكبر آرثر الذي توفي فجأة في سن
السادسة عشرة بعد زواج دام أربعة شهور. وفي عام 1503 أصدر البابا يوليوس الثاني فتوى أقرت
الزواج من أرملة أخ متوفى وذلك رغم تعارضهذه الفتوى مع النص الرسمي في العهد القديم ببطلان
هذا الزواج.
طلاق الزوجة الأولى
أنجبت كاترين أوف أراجون للملك هنري بنتاعمدت باسم ماري. ولكنها لم تنجب له ولدا ذكرا. وحملت
المرة تلو الأخرى لتلد له أطفالا إلا أنهمماتوا أجنة أو بعد ولادتهم بوقت قصير, مما أورث الملك المتحرق
إلى وريث ذكر اعتقادا جازما بأن ثمة لعنةمتسلطة على زواجه. وراح هنري يسعى لدى البابا في روما
كي يقضي بتطليقه منها. فلما رفض البابا أنيجيبه إلى طلبه الظالم (اكتشف)الملك فجأة أنه هو وليس
البابا الذي يملك إصدار الفتاوى الدينية, لأنه يستحق لقب (حامي الإيمان) فأطلقه على نفسه. وعندها
هدده البابا بحرمانه من رحمة الكنيسة.
لم يجد هنري أمامه بدا من أن يحتال للأمرفدعا البرلمان إلى مساندته في نضاله مع الكرسي البابوي.
وأقر المجلس موقف الملك وقرر أنه أحقبالرئاسة الكنسية في إنجلترا عن البابوية في روما, وأقر أن
من حق الملك أن يفعل ما يشاء بما في ذلكالطلاق الذي يريده وزواجه من الفتاة التي يريدها. ونص
القرار على أن زواج الملك من كاترين كانولايزال باطلا من أساسه. وأقر البرلمان الذي كان يسيطر
عليه رجال الملك ومتملقوه أن من يرفضالاعتراف علنا بأن الملك هنري الثامن هو حامي الإيمان ورئيس
الكنيسة يعتبر مرتكبا لجريمة الخيانةالعظمى. وهكذا أعلن بطلان الزواج وتلاشت حياة كاترين في
معتزلها الشمالي الذي أرسلها إليه الملك,
مأساة آن بولين
في يناير 1533 تم زواج الملك من آن بولينالتي كانت حاملا منه قبل أربعة شهور. وأعلن كرامر بصفته
رئيس أساقفة كانتربري أن آن زوجة شرعية للملك الذي أرسل وقتها إلى زوجته الأولى كاترين بأن ترد
إليه الجواهر التي كانت قد ارتدتها بصفتهاملكة وأعطاها لآن بولين التي ركبت بعد ثلاثة أيام وهي تتزين
بالجواهر وترتدي الديباج لكي تتوج ملكةلإنجلترا في احتفال ملكي مهيب. في الوقت نفسه أعلن بابا
روما كليمنت بطلان الزواج الجديد وأنالأولاد الذين سيكونون ثمرة له غير شرعيين, وحرم الملك من
غفران الكنيسة, ولم يهتم هنري لذلك القرارالبابوي وأصدر قانونا من مجلسه النيابي نص على أن أي
شخص يجادل في صحة زواج هنري من آن بولينيستحق أقسى عقاب. وقضى القانون بأن يحلف جميع
الإنجليز رجالا ونساء يمينا بالولاء للملك. وأكد سيادة الملك على الكنيسة والدولة في إنجلترا, وعمدت
الكنيسة الوطنية الجديدة باسم (الكنيسةالإنجليكانية) وقد حكم بالإعدام بالمقصلة على عدد كبير من
الرهبان الذين رفضوا حلف اليمين !
إذا كان هنري الثامن قد أحب آن بولين لرقتهاالتي بدت عليها أيام كان الملك قد وقع في هواها. فإنها
بعد أن أصبحت ملكة أصابها الغرور, وكانطبعها الحاد وثورات غضبها المتسمة بالصلف ومطالبها التي
تبعث على الضجر قد جعلها تخسر الملك. وكانأول ما أثار ضجره أنها عينت عمتها مربية لابنته ماري التي
حبسها في بيت غير بعيد عن أمها كاترين. ولمتراع آن بولين اهتماما بابنته وأمرت عمتها بأن تمنع الفتاة
من زيارة أمها وأن تلزمها حدها (بلكمة علىالأذنين بين آن وآخر حتى كاد يصيبها الصمم). ورأى هنري
أن لسانها السليط يتناقض مع رقة كاترينالمهجورة. وفي اليوم الذي دفنت فيه كاترين ولدت آن بولين
طفلا ميتا مما أثار الملك الذي كان لا يزاليتلهف على ولي العهد. وبدأ هنري يفكر في طلاق آخر أو في
بطلان الزواج الجديد. وروي عنه أنه قال إنزواجه الثاني تم تحت إغراء السحر ومن ثم فهو باطل. وبدأ