العودة   منتديات الـــود > +:::::[ أقسام الأسرة والمجتمع ]:::::+ > عالم الأسرة والطفل
 
   
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 13-04-2012, 02:19 AM   رقم المشاركة : 1
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور
► حقوق الأبناء على الآباء: تأديبه بالأدب الإسلامي‎


السلام عليكم ورحمة وبركاتة ..
بسم الله الرحمن الرحيم
حقوق الأبناء على الآباء: تأديبه بالأدب الإسلامي - وصايا لقمان لابنه.
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد ، الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علما ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين

.


أيها الإخوة المؤمنون... لا زلنا في موضوع الحقوق ، ولا زلنا في موضوع حقوق الأبناء على آبائهم ، وقد تحدَّثت في الدرس الماضي عن بعض هذه الحقوق ، وفي هذا الدرس نتابع الحديث عن هذه الحقوق
.

فمن هذه الحقوق : أن يُعَلِّمُ الأب ابنه القرآن الكريم ، هذا حق الابن على أبيه ، فقد ورد في حديثٍ شريف رواه البيهقي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :
" حق الولد على الوالد أن يعلمه الكتابة والسباحة والرماية ، وألا يرزقه إلا طيبا " .
(من الجامع الصغير : عن " أبي رافع " )
هذا الحديث الذي رواه البيهقي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ورد في الجامع الصغير في الجزء الأول .
أيها الإخوة الأكارم... القرآن الكريم لماذا وجَّهنا النبي عليه الصلاة والسلام كي نعلمه لأبنائنا ؟ لأن القرآن الكريم منهجٌ تفصيليٌ للإنسان ، تعليمات الصانع ، فأيَّة حركةٍ في مضمونها ، وفي شكلها تكون خارج هذا الكتاب ، فهي حركةٌ ليست مجدية بل إنها مؤذية .أي أن الله سبحانه وتعالى خلق الخلق وخلق الخلق وفق سننٍ ثابتة ، وخلق الإنسان وفطره على فطرةٍ ثابتة ، وربنا سبحانه وتعالى نظَّم تنظيماً دقيقاً علاقة الإنسان بأخيه الإنسان ، فما دام الإنسان وفق هذا المنهج فعمله ينجح ، فإذا خرج عن هذا المنهج فلا بدَّ من أن يشقى .
والمقولة التي تعرفونها جميعاً هو أنه ما من مشكلةٍ على وجه الأرض إلا بسبب خروج عن منهج الله ، وما من خروج عن منهج الله إلا بسببِ جهلٍ به ، إذاً كل مصيبةٍ ، كل مشكلةٍ أساسها الجهل وعلاجها العِلم ، والقرآن الكريم كتاب الله عزَّ وجل ، فيه هذا كتاب مقرر ، فيه تعليمات الصانع ، فمن أخذ به فقد أمسك مفتاح النجاح ، ومن أهمله فقد جانب النجاح ، ومن هنا قال الله عزَّ وجل :
﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً﴾
( سورة مريم )
وقد لقي المجتمع الذي جعل هذا المنهج وراء ظهره وانغمس في شهواته ، لقي هذا المجتمع الغَي كما وعد الله عزَّ وجل .
إذاً في تعليم الابن القرآن الكريم هناك أهدافٌ لا تعدُّ ولا تحصى ، أول هذه الأهداف أن القرآن الكريم فيه النُظُم التي لابدَّ من تطبيقها في الحياة ، فربنا عزَّ وجل في هذا الكتاب ذكر أشياء ، وسكت عن أشياء ، وأقرَّ بعض الأشياء ، وبعض الأشياء تركها مَرِنَة ، فالشيء المَرِن هو الذي يمكن أن يتطور وفق الزمان والمكان ، والشيء الذي بَتَّ القرآن فيه هو الشيء الذي لا علاقة له لا بالمكان ، ولا بالزمان ، ولا بالبيئة .والشيء الذي سكت عنه القرآن الكريم هو الذي لا يتعلق بسعادة الإنسان ولا باتصاله بخالقه .
فحينما يعلِّم الأب ابنه كتاب الله عزَّ وجل ، يكون قد أدى ما عليه من حقوقٍ تجاه الدين ، لكن هنا ملاحظة مهمة جداً :
يربي الأب ابنه فهذا عمل يختلف اختلافاً كلياً عن أي عمل آخر ، فمثلاً أن تمسك بقطعة خشب وتنجِّرها وفق ما تريد ، فهذا أمر سهل لأن قطعة الخشب مطواعةٌ لك ، فأنت تفعل بها ما تشاء ؛ تقطعها ، تنجِّرها ، تصلها بأختها ، ولكن الابن له اختيارٌ مستقلٌ عن أبيه ، فكأن الأب مطالب أن يبذل العناية الكافية ، ولكن ليس على الأب أن يحقق النتائج المرجوة في ابنه، فهذا فوق مقدور الإنسان ، لأن الله عزَّ وجل ضرب بسيدنا نوح مثلاً ، ابن سيدنا نوح ، ومن هو سيدنا نوح ؟ نبيٌ كريم قال :
﴿ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ(42) قَالَ سَآَوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ﴾
( سورة هود )
وبعد بضع آيات قال :
﴿ وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقّ ُ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (45)قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾
( سورة هود )
أنا ذكرت هذا الكلام حتى يبذل كل أب أقصى جهده في تربية ابنه ، ولكن أحياناً مع بذل غاية الجُهد وأقصى العناية والتوجيه ، فالابن قد يأخذ موقفاً آخر لأن الابن مخَيَّر ، من هنا قال الله عزَّ وجل للنبي عليه الصلاة والسلام :
﴿لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ﴾
( سورة البقرة : من آية " 272 " )
وهذه آيةٌ ثانية في الموضوع ذاته :
﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ﴾
( سورة القصص : من آية " 56 " )
وآيةٌ ثالثة :
﴿وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ﴾
( سورة هود )
وآيةٌ رابعة :
﴿فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21)لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ (22)إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ﴾
( سورة الغاشية )
فعلى الإنسان أن يسعى وليس عليه إدراك النجاح ، هذا الكلام أريد أن أذكره لئلا يتألَّم أبٌ بذل قصارى جهده في تربية ابنه ، وفي تعليمه ، وفي إرشاده ، وفي توجيهه ، فرأى هذا الأب ابنه في طريقٍ آخر ، وفي وادٍ آخر ، ولم يستجب له . النجَّار علاقته بقطعة الخشب شيء ، والأب علاقته بابنه شيءٌ آخر ، لو أن عناية الأب وحدها كافيةٌ لهداية الابن لما نشأ ابنٌ عاقٌ عند أبٍ مؤمن .
ولكن كما يُمسك الطبيب مريضاً فيبذل الطبيب قصارى جهده في معالجته ، وتشخيص دائه ، ووصف الدواء المناسب ، ثم تنتهي مهمة الطبيب عند بذل العناية ، ولذلك أجمع الفقهاء على أن أجرة الطبيب ليست من المعاوضات ، ما هي المعاوضات ؟ أي حينما تشتري بيتاً تدفع العِوَض ، تستلم المَبيع وتدفع الثمن ، فهذا عقد معاوضة ، الإيجار والبيع وما شاكل ذلك، ولكن أجرة الطبيب والمحامي سمَّاها العلماء جُعالة ، أي أن الطبيب يستحقها لا عند شفاء المريض ولكن عند بذل العناية الكافية ، يأكل الطبيب أجرته حلالاً مائة في المائة إذا بذل العناية الكاملة للمريض ، أما أن يشفى المريض أو أن لا يشفى فهذا شيءٌ آخر بتقدير الله وبعلمه .
إذاً شأن الأب ، كشأن الطبيب هناك بعض المهن تكون العلاقة خلالها بينك وبين الإنسان الآخر علاقة عناية وبذل جهدٍ ليس غير ، لكن بالمقابل هناك أخطاءٌ كثيرةٌ عند الأبناء سببها تقصير الآباء ، وكل إنسانٍ يعلم بالضَبط ما إذا كان قد بذل العناية القصوى أو لم يبذل ، والله سبحانه وتعالى يقول :
﴿ بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14)وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ﴾
( سورة القيامة )
الأب يعرف ، إذا كان انحراف ابنه أو تقصيره بسبب تقصير الأب أو إهماله ، أو بسبب إصرار الابن على اختيارٍ معين ، هذا الشيء يعلمه الأب وحده دون غيره ، فلذلك المسؤولية تنتهي حينما تبذل قصارى جهدك مع ابنك ، وإذا أكرم الله عزَّ وجل أحد الآباء بابن طيِّع بار ، فأنا أنصحه نصيحةً غالية أن يسجد لله عزَّ وجل ، ويشكر الله على هذه الموهبة ، أقول على هذه الهبة لأن الله سبحانه وتعالى قال:
﴿وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ﴾
(سورة العنكبوت : من آية " 27 " )
وهبنا ، ومعلومٌ لديكم أن الهبة بلا مقابل ، فإذا كان عند إنسان ابن صالح مؤمن ، دَيِّن ، مطواع ، بار ، فهذا من فضل الله عليه ، وأنا أنصحه مرةً ثانية ألا يعزو هذا إلى تربيته ، ولا إلى ضبطه ، ولا إلى توجيهه ، ولا إلى حَزْمِهِ ، ولا إلى شدته ، يجب أن يعزو هذا لفضل الله وحده . فكم من أبٍ منحرفٍ ، سيءٍ ، ضالٍ ، مضلٍ ، جاءه ابنٌ صالحٌ كأنه مَلَك ، وكم من أبٍ مؤمنٍ مستقيمٍ جاءه ابن منحرف ، فهذا الحال جزء منه ، داخل باختيار الإنسان ، وجزءٌ آخر داخلٌ بتقدير الله عزَّ وجل ، ولذا أنصح أن يتأدب الإنسان مع الله عزَّ وجل ، فإذا عزوت هذا إليك ، إلى قدراتك ، إلى حزمك ، إلى خبراتك في التربية ، فهذا من الضلال ومن الشرك
إذاً :
" حق الولد على الوالد أن يعلمه الكتابة والسباحة والرماية ، وألا يرزقه إلا طيبا " .
( من الجامع الصغير : عن " أبي رافع " )
الإمام الشافعي رحمه الله تعالى يقول : "ليس بعد الفرائض أفضل من طلب العلم ، فهو نورٌ يهتدي به الحائر " . أي كما تعلمون مني سابقاً أن هذه القيَم التي يتفاضل الناس بها في الدنيا ؛ القوة ، الغنى ، الوسامة ، الجمال ، الذكاء ، الصحة ، هذه القيَم قد رفض القرآن الكريم أن يعتمدها قيماً مُرَجِّحَة ، إلا قيمةً واحدة هي قيمة العلم والعمل به ، فلذلك قال الله عزَّ وجل :
﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾
( سورة الزمر : من آية " 9 " )
وقال الله عزَّ وجل :
﴿وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً﴾
( سورة طه )
والفرق الدقيق الدقيق بين الإنسان الذي أكرمه الله بالعلم ، وبين الإنسان الذي بقي جاهلاً هو فرقٌ كبيرٌ جداً فهما لا يستويان ، فلذلك على الأب أن يحرص على تعليم ابنه ، في الدرجة الأولى المنهج الإلهي الدقيق ، فمرة ثانية ، وثالثة ورابعة ، إذا كانت لديك آلة معقدة جداً ، غالية جداً ، ذات نفع عظيم جداً ، وأئت حريصٌ عليها حرصاً بالغاً ، إذا كنت حريصاً عليها ، وإذا كان ثمنها باهظاً ، وإذا كان نفعها عظيماً فما عليك إلا أن تقرأ كتاب التعليمات المرافق لهذه الآلة وإلا خسرتها.
والقرآن الكريم في جوهره تعليمات الصانع لهذا الإنسان الأول ، لذلك إذا جاء الأب بابنه وأحضره ليعلمه القرآن الكريم ؛ ليعلمه تجويده ، ليعلمه تفسيره ، ليعلمه أحكامه ، ليعلمه إعجازه ، هذا الوقت الذي يبذله الأب ، أو يمضيه الأب في تعليم ابنه القرآن الكريم هو توظيفٌ الموقت واستثمارٌ له ، وليس تضييعاً كما يتوهم جهلة الناس







التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

 

مواقع النشر (المفضلة)
   


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:03 AM.




 


    مجمموعة ترايدنت العربية