اشلاء مبعثرة
مسكين..مسكين..نعم كم هو مسكين ذاك القلب المفعم بالحب والعاطفة…
ينظر حوله,الكل قد عصفت بهم رياح التغيير والنسيان إلا هو ظل كما هو لم يتغير…
ما زال يشعر بالحنين والشوق لأول فتاة اسرته فكرا ووجدانا..وألهبته حبا وعنفوانا..وسقته اللذة أشكالا وألوانا.. فيا ليتها تعود إليه لتنبت برجوعها أزهارا وريحانا…
ينظر ليديه الصغيرتين فترتسم عليهما وجه ذاك الحبيب الصبوح…
يتذكر كم كانت تداعب رقبته بشفتيها الوردتين وهو غارق بين احضانها…
لقد غمرته بعطفها وحنانها..فكان قلبه يتسلل من ضلوعه ليستقر بين ثناياها…يتذكر عندما كانت تتمايل على ألحان البحر وأمواجه المتلهفة لاحتواء جسمها الناعم…
يعتصره الألم لفراقها..تمنى لو انه توفي قبل أن تكون لغيره..لقد اسودت الدنيا في عينيه..لقد تاهت مشاعره وتبعثرت إلى أشلاء بالية لا جدوى من جمعها..
بكى بكاء مريرا لفقدانها..مسكين..لقد حولت قلبه إلى بقعة سوداء تسم باقي جسده المنهك المتهالك…
لقد اصبح مجرد من كل حس وعاطفة..يحاول عبثا الهروب إلى خياله للإسعافه ولا يدري بأنه وواقعه قد اصبحا وجهان لعملة واحدة…
مسكين..مشتت الفكر..تائه البال..لا يعرف للأين المفر..لقد نقشت دموعه مجاري لن تجف إلا بموته..مجاري تستطيع من خلالها أن قراءة حكاية بؤسه ويأسه..مسكين..لقد مات وهو يحاول جمع اشلاء حبه المبعثرة.
المقنع الغريب
العرض الشجري
