العودة   منتديات الـــود > +:::::[ الأقسام العامة ]:::::+ > المنتدى العام
 
   
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 01-10-2003, 01:06 PM   رقم المشاركة : 1
تامر المدهون
( ضيف الــود )
 






تامر المدهون غير متصل

ما تبقى من دولة

ما تبقى من الدولة

د.عزمي بشارة نقلا عن موقع الجبهه الشعبية لتحرير فلسطين
لاسباب تستعصي بداهتها على الشرح ينقسم العقل السياسي المهزوم الى تحد للواقع بانكار وجوده اصلا وباعتبار اي تعاط معه تقبلا للهزيمة واستبطان لها من ناحية، وتعامل مع الواقع السياسي القائم يتقمص البراغماتية ويتألف من تراجع بعد الآخر في تقبل منطق الانسحاب امام القوة من ناحية اخرى، الامر الذي من شانه ان يعزز غطرسة القوة. ومن الفلسطينيين والعرب من روج علنا لفكرة الهزيمة كأننا امام حالة صراع جيوش وقوى متكافئة نوعا في نظر ذاتها او في نظر بعضها البعض، وكأن النضال ضد الاحتلال لا يجسد قضية عادلة، وكأن اسرائيل انتصرت في هذه المواجهة. وكان من الفلسطينيين من علل قبول وقف اطلاق النار ب: "أننا هزمنا".

ومن يدعي " اننا هزمنا" يفعل ذلك بنفس عقلية "اننا انتصرنا" في بيروت عام 1982 على شارون. ومن يدعي اننا هزمنا لا ينبغي ان يستغرب عندما يدعي موفاز ان قبول الفلسطينيين وقف اطلاق النار هو نتيجة لانتصار اسرائيل، ونتيجة لاصرارها ومثابرتها في افهام الفلسطينيين انه من الافضل لهم الانصياع للتفوق الاسرائيلي. والحقية انه لا يوجد معنى حربي للتفوق العسكري الاسرائيلي في سياق العلاقة بين المحتل والواقع تحت الاحتلال.

ولكن منطق التراجع امام غطرسة القوة لا يعتبر ما يقوم به تراجعا، وهو يجتهد ليحصي الانجازات. ولكي يكون بامكانه ذلك ما عليه الا ان يغير الهدف وينسي الناس ونفسه والقضية التي كانت مصدر شرعية التعاطي بالسياسة اصلا في اوساط شعب سلب وطنه ويقبع جزء آخر منه تحت الاحتلال: قضية التحرر. اما اذا اردت المساهمة في الحوار حول الخطوات الاخيرة بتفاصيل تفاصيل احاديث الاروقة والانجازات التي تمثلت بالاعجاب الامريكي بفلان او ما اثار ضحك او ابتسام الرئيس الامريكي، وما الفرق بين موقف الرئيس الامريكي من بناء الجدار في حضرة الضيف الفلسطيني وفي حضرة الضيف الاسرائيلي وغيرها، فما عليك الا ان تغير الموجة تماما وان تتبنى منطقا مختلفا لمنطق ذلك الموضوع التي تشتق منه شرعية التعامل مع السياسة اصلا في ظل الاحتلال. واذا لم تفعل ذلك فانك تصبح بالفلسطينية الدارجة مثل "الأطرش في الزفة"، والمقصود هو زفة العريس. تخيل نفسك عزيزي القارئ انك اصم في زفة عريس وانك ترى حركات وصخبا ولا تعرف علامَ؟ ولمَ؟ او للدقة: لمن؟ هكذا حال الشعب الفلسطيني..

كيف نفهم ان اطلاق سراح السجناء الفلسطينيين بالنمط الاسرائيلي الاخير هو انجاز؟ اولا، علينا ان ننسى ان اسرائيل تنظم بالجملة حملات اعتقالات ادارية تحولها الى قضية تمكنها من تقديم "مبادرات حس نية" من هذا النوع. ثم علينا ان نفترض انه لا وقت عند "العالم" لتفاصيل من نوع ان قسما كبيرا منهم كان سينهي فترة اعتقاله الاداري خلال فترة وجيزة على اية حال، وليس لدى اسرائيل تهما محددة ضده تمكن من محاكمته، وان هنالك مشكلة ازدحام في السجون الاسرائيلية. ثم علينا ان نتذكر ان اسرائيل تعلن يوميا ان الهدف من اطلاق سراح المعتقلين هو مساعدة القيادة الفلسطينية الجديدة في الشارع الفلسطيني: "نحن ندرك كم قضية المعتقلين حساسة بالنسبة لهم"، (المقصود دائما هو الضيوف الفلسطينيين الذين التقاهم المسؤول الاسرائيلي لتوه) " وقد اوضح الطرف الفلسطيني حساسية قضية المعتقلين بالنسبة له" . واذا اعيد تحديد الهدف بهذا الشكل، اي لتقوية وترسيخ مكانة القيادة الفلسطينية التي باشرت او بوشر بها في خارطة الطريق يصبح اطلاق سراح المعتقلين انجازا. وكذلك زيارة البيت الابيض بحد ذاتها انجاز، لماذا؟ لانه يشتم منها طرف مقدمة بداية طريق عودة الى اشهر العسل الامريكية الفلسطينية. وغالبا ما عنعن وتبجح مجتمع السياسة الفلسطيني ان ياسر عرفات سجل ارقاما قياسية فلسطينية في دخول البيت الابيض مقارنة ببقية زعماء العالم قاطبة، وذلك بغض النظر عن مشاغل رئيسه النسائية اثناء انتظار الوفود لدخول الغرف البيضوية او المستطيلة او الشيطان يعرف لماذا يجب ان نعرف هندستها.

على كل حال الامَ انتهت اشهر العسل تلك؟ كانت المؤسسة الفلسطينية كما يبدو منشغلة ومسحورة بمجرد زيارة البيت الابيض لكي تدرك او تقيِّم سياق العلاقة الأمريكية الفلسطينية ولكي تقرر اذا ما كانت الزيارة بحد ذاتها انجازا سياسيا فعلا.

ويواجه الفلسطينيون الان وضعا شبيها اذ يحاول البعض حصر افكاره او عصرها لكي يجد الانجاز السياسي الفلسطيني منذ قبول خارطة الطريق بدون قيد او شرط وبحماس فلا يجد الا مجرد الزيارة والوعود بالتمويل. الزيارة هي انجاز الحكومة الجديدة بصفتها هذه، اي انها تشكل تعزيزا لمكانتها وعلاقاتها الدبلوماسية وشرعيتها الدولية لغرض واحد هو تمكينها من تنفيذ حصتها من خارطة الطريق. لا اكثر ولا اقل. وهي تفهم ذلك خلافا لعرفات الذي اخطأ في قراءة مغزى زياراته للبيت الابيض، لم يفهم عرفات ان المقصود منها مكافأته على انه تغير وتشجيعه على الاستمرار. ولم يكن المقصود التدليل ان البيت الابيض قد تغير، وبالتأكيد لم يكن المقصود "تدليل" ياسر عرفات. وقد كلف هذا الخطأ ياسر عرفات كثيرا عندما بدأ "يتدلل" ويرفض في كامب ديفيد.

وغني عن القول ان الاموال الموعودة تخدم ايضا الغرض ذاته من ناحيتين. الاولى تمكين الحكومة الجديدة من اقامة اجهزة امنية قادرة على حفظ " الامن والنظام" ومن توظيف فئات عاطلة عن العمل وكسب ود شرائح اجتماعية اوسع في ظروف ركود اقتصادي شديد الوطأة على الفئات الفقيرة والوسطى على حد سواء.

ما هو ثمن هذه الانجازات المتعلقة جميعها بتمكين القيادة الفلسطينية من القيادة او تمكينها من التمكن؟ الثمن هو اختزال المشروع الوطني الفلسطيني الى مشروع دولة باتت واضحة المعالم بينة الحدود والادوات. لقد بدأت على مستوى الشعار سلطة وطنية فلسطينية على اي منطقة تحرر، ثم اصبحت دولة على اي منطقة تحرر، ثم دولة فلسطينية في حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس الشريف متجاورة متعايشة في نفس الجملة مع حق العودة دون ان ينظر شق الجملة الواحد في عيني الآخر، الى ان وصلنا الى دولة شارون وجورج بوش، وشروطهما لتنفيذ عملية اقامة هذه الدولة ومنها الاعتراف بان المقاومة الفلسطينية هي ارهاب يتم التعامل معه بالحوار فلسطينيا وبالقمع اسرائيليا انتظارا لتمكن السلطة من بسط سلطتها وتنفيذ نفوذها قبل ان ينفذ صبر اسرائيل.

وبمنطق جورج بوش فان الدولة الفلسطينية هي المكافأة التي تنتظر الفلسطينيين في نهاية الطريق، او النفق سمه ما شئت، اذا ما استجابوا للشروط الاسرائيلية والامريكية. ولكنهم، من ناحية اخرى، اذا فعلوا ذلك سوف يفقدون اي قدرة للتاثير على القرار المتعلق بهذه الدولة طبيعتها وحدودها وتعايشها مع الاستيطان على ارضها وعلاقاتها مع محيطها العربي. وسوف تقرر الولايات المتحدة واسرائيل حدود هذه الدولة في مفاوضات بينهما.

اسرائيليا، فسرت البراغماتية الفلسطينية المدعاة حتى الآن كانتصار لمنطق شارون. وفي غياب مشروع بديل لدى حزب العمل غير مشروع الجدار العنصري الفاصل، ومع استمرار شارون في نهج استثمار القوة و" الصمود" امام الضغط الفلسطيني غير المنظم والقادم في موجات متلاحقة مبعثرة لا تحكمها استراتيجية لا في الهجوم، ولا حتى في الانسحاب عندما يتطلب الامر، يبدو شارون الفاشل امنيا واقتصاديا للمجتمع الاسرائيلي موفقا في سياسته لان الفلسطينيين يقابلونها بتراجع. ولا يبدو هذا التراجع تكتيكيا نابعا عن اخذ ظرف دولي بعين الاعتبار، بل يبدو كأنه صعود خطاب فلسطيني بديل على انقاض خطاب هزم. هذا ناهيك عن التراجع العربي غير المنظم وغير المبرر بالشأن الفلسطيني بعد حرب الخليج، وناهيك عن انه بعد ان فشل شارون طيلة الفترة الممتدة منذ عمليات الحادي عشر من ايلول بالربط بين النضال الفلسطيني والارهاب، قام الفلسطينيون انفسهم بالربط.

ولا ادري كيف يفسر البعض هذا الرضى الاسرائيلي كأنه تغير في الخطاب السياسي الاسرائيلي. الرضى الاسرائيلي عن مصداقية القيادة القلسطينية الحالية هو تأكيد للتغير في الخطاب السياسي الفلسطيني. واما عدم الرضى المتبادل الذي يبدو في الخبر الصحفي المنثور المنزع من اي سياق كأنه هجوم اسرائيلي على القيادة الفلسطينية ، او على صورة اجتماع فشل او تم تأجيله، فهو تعبير عن نفاذ صبر المؤسسة الاسرائيلية الحاكمة مع تردد الحكومة الفلسطينية في ترتيب وضع الاجهزة الامنية والبدء في مكافحة الفصائل المسلحة التي تعتبرها خارطة الطريق ارهابية، وتعتبرها القيادة الفلسطينية كذلك في خطابها الرسمي بالانجليزية وفي قبولها غير المشروط لخارطة الطريق. هذه الخارطة التي يتعهد فيها الطرف الفلسطيني بنزع سلاح المقاومة. ويغضب الطرف الفلسطيني لان اسرائيل لا تعطيه ما في الكفاية ليتوجه به الى مجتمعه.

ان ما يحكم اي "تنازل" اسرائيلي في هذه المرحلة فيما عدا التصورات والثوابت المتفق عليها ضمن الاجماع الاسرائيلي هو مساعدة القيادة الفلسطينية على مساعدة ذاتها لتنفيذ التزاماتها من خارطة الطريق باتجاه تنفيذ الشرط لقيام الدولة الفلسطينية في حدود تصورات بوش وشارون. وبنظر اسرائيل يفترض ان تتحكم هذه "الاجواء الايجابية" ايضا بسلوك الطرف الفلسطيني، اي ان عليه ان يظهر "نضوجا" يليق بوضعه الجديد يجعله على مستوى استقبال "التنازلات الاسرائيلية" مثل الافراج عن اموال الضرائب، والافراج عن عدد من المعتقلين، وتسهيل وصول المعونات المالية، وتسهيل عملية بناء الاجهزة الامنية وتسليم الفلسطينيين ادارة هذه المدينة او تلك امنيا وصولا الى وضع شبيه بما قبل اكتوبر 2000 بشكل معدل يصلح اساسا لدولة فلسطينية مرحلية لفترة طويلة على اربعين بالمائة من الضفة الغربية مقابل التنازل عن حق العودة. اما الحقوق الاخرى فلن تقبلها اسرائيل طبعا ولكن لن يطالب احد الفلسطينيين بالتنازل عنها في الخمس عشرة سنة القادمة.

وسيترك الامر لواقع المركب الخطير بين الدولة الفلسطينية والبيروقراطية الامنية الناشئة المرتبطة بها وبالحفاظ على النظام فيها من ناحية، والاستيطان الاسرائيلي من ناحية اخرى ليكون كفيلا بخلق حقائق جديدة خلال العقد القادم. لدينا حالة دولة فلسطينية لا تحل حتى مشكلة الاستيطان.

لقد كان البراغماتيون، او للدقة، مدعو البراغماتية يؤكدون على انه اذا لم يقبل الفلسطينيون ما عرض عليهم في اوسلو، والآن في الخارطة عودة الى الطريق التي ضاعت في متاهات اوسلو، فلن يبقي الزمن والاستيطان على شيء، وانه كلما اجَّل الفلسطينيون القبول بما يطرح عليهم كلما زادت المستوطنات. فماذا حصل؟ قبل الفلسطينيون بما عرض عليهم وزاد الاستيطان بشكل غير مسبوق. لقد تضاعف النشاط الاستيطاني وتضاعفت المستوطنات منذ اوسلو. وما يجري حاليا هو تأكيد لنفس المنطق.

واذا كانت الدولة الفلسطينية الموعودة لا تتضمن حلا لاهم عناصر القضية الفلسطينية وتعويضا عن الغبن التاريخي الذي لحق بالشعب الفلسطيني فما الذي يتبقى منها كمشروع وطني فلسطيني؟ وما الذي يميز بين الصراع على السلطة والصراع على الدولة حاليا؟ الفرق غير واضح والعلاقة بين هذا الصراع وبين العدالة للشعب الفلسطيني اقل وضوحا.

لا علاقة للاجابة على هذه الاسئلة بكون الصراع عنيفا ام لا، فقد يكون الصراع على السلطة عنيفا ودمويا، وقد يكون الصراع على الدولة صراعا سلميا في ظروف استنفاذ الاستعمار لذاته او لادواته القديمة او في ظرف رأي عام استعماري متقدم جدا في حساسيته كما في حالة الانجليز في الهند. قد يكون الصراع عنيفا وراديكاليا ودمويا في وسائله ومحافظا ورجعيا و"معتدلا" في اهدافه. الموضوع ليس وسائل النضال ضد الاحتلال الاسرائيلي فهذه تحددها طبيعة الهدف وموازين القوى وطبيعة الاحتلال ذاته وطبيعة رايه العام، وهل هو احتلال استيطاني يبغي البقاء ولو بثمن باهظ. الموضوع حاليا هو طبيعة المشروع الوطني الفلسطيني. الدولة المطروحة امريكيا واسرائيليا، ولا وجود لدولة اخرى في خارطة الطريق، ليست مشروعا وطنيا تحرريا باي معنى من المعاني. هذه هي الغابة التي لا ترى الآن من كثرة الأشجار، هذه هي القصة التي ضاعت في فوضى الخبر الاعلامي الذي ضيع العلاقة بالسياق، هذه هي الصورة التي امتصت التفاصيل ملامحها
المصدر : الجبهه الشعبيةلتحرير فلسطين
http://www.pflp-palestine.org/neda/issue_10/







التوقيع :
تامر المدهون

 

مواقع النشر (المفضلة)
   


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:50 AM.




 


    مجمموعة ترايدنت العربية