السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .
هذه المرة سأورد لكم فتوى حول ( العصبية القومية )
...
( السؤال )
اشرح لنا من الاحاديث النبويه فی مسأله القوميه (العصبيه)
للذين اشتد حبهم للقوميه...
الـجواب :
العصبيـة القومية مذمـومة ، وقد جاءت النـصوص بِذَمّ العصـبيات أيًّا كانـت .
ففي الصحيحين من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : ( كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة ، فكسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار ، فقال الأنصاري : يا للأنصار . وقال المهاجري : يا للمهاجرين . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما بال دعوى الجاهلية ؟ قالوا : يا رسول الله كسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار فقال : دعوها فإنها منتنة ) .
فالنبي صلى الله عليه وسلم اعتبرها من دعاوى الجاهلية عِلما بأن الانتساب إلى شيء محمود ، وهو الهجرة والـنُّصْرَة : يا للأنصار .. يا للمهاجرين ..
وقال عليه الصلاة والسلام : ( من قُتِل تحت راية عُمِّيَّة ، يدعو عصبية أو ينصر عصبية ، فَقُتِل فَقِتْلَةٌ جاهلية ) . رواه مسلم .
وإنما يُذمّ في هذا الباب أحَد أمْرَين :
الأول : أن يتعصّب لِقَبِيلته بحيث يَكون معها في الخير والشرّ ، على حد قول الشاعر :
وما أنا إلاَّ مِن غُزية إن غَوَتْ *** غَويت ، وإن تَرْشُد غُزية أرْشُد !
الثاني : أن يَحمِل هذا الحب للقبيلة صاحِبه على ازْدِراء الناس واحتِقارهم ؛ فهذا ضَرْب مِن الكِبر ، ونوع مِن الخيلاء ، وهو دَعْوى الجاهلية التي جاء الإسلام بِذمِّها .
فإذا كان الانتِساب للقبيلة وحُبّها يَحْمِل صاحبه على الطَّعن في أنساب الناس ، أو التفاخُر عليهم بِحيث يَتعالَى عليهم ؛ فهذا مِن أمور الجاهلية التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن بقائها في الناس .
قال عليه الصلاة والسلام : ( أربع في أُمَّتي مِن أمْر الجاهلية لا يتركونهن : الفَخْر في الأحساب ، والطعن في الأنساب ، والاستسقاء بالنجوم ، والنياحة ) . رواه مسلم .
وأما كُرْه بعض القبائل ، فإن كان لِشيء تُعاب به القبيلة مِن أمور الجاهلية ، فَلَه وَجْه . وإن كان لِغير ذلك ، فلا وَجْه له .
لأن الأصل أن تكون المحبة والموالاة والمعادَاة للمؤمنين بِغضّ الـنَّظَر عن أصولهم . لأن الميزان الشرعي هو التقوى ، لقوله تبارك وتعالى : ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ )
ولقوله عليه الصلاة والسلام : ( لا فضل لعربي على أعجمي ، ولا لعجمي على عربي ، ولا لأحمر على أسود ، ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى ) . رواه الإمام أحمد .
وقال عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع : ( ألاَ كُل شيء مِن أمْر الجاهلية تحت قدمي مَوضوع ) . رواه مسلم .
وقال عليه الصلاة والسلام : ( إن الله عز وجل قد أذهب عنكم عِبّية الجاهلية وفخرها بالآباء ، مؤمن تقي ، وفاجر شقي ، أنتم بنو آدم ، وآدم من تراب ، ليدعن رِجال فخرهم بأقوام إنما هُم فَحم مِن فَحم جهنم ، أو ليكونن أهْون على الله من الْجُعْلان التي تَدفع بأنْفِها الـنَّـتَن ) . رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي .
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم
عضو مركز الدعوة والإرشاد