العودة   منتديات الـــود > +:::::[ الأقسام الثقافية والأدبية ]:::::+ > الإبداعات الأدبية
 
   
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 20-08-2002, 05:25 AM   رقم المشاركة : 1
موجه البحر
(ود مميز )
 
الصورة الرمزية موجه البحر
 






موجه البحر غير متصل

ترك صديقه لمصيره المجهول

ترك صديقه لمصيره المجهول
ترك صديقه لمصيره المجهول


في الغرفة كان عمر يدور حول نفسه يضرب الهواء بقبضته ويركل كل ما يقع تحت قدمه، يواجه المرآه فيخفي وجهه كي لا يشاهد وجوها تمد له ألسنتها ساخرة، يضغط على أذنيه خوفا من سماع قهقهات مستهزئة، يبحث عن وسيلة يعطل فيها حواسه ليتخلص من الألم الذي يعانيه، لم يكن ينزف دما ولكن جرح نفسه امتد عميقا، خرج من غرفته وتناول ماءاً بارداً وصبه فوق رأسه المشتعل غضبا وقهرا، اتصل بصديقه سالم وبصعوبة حاول أن يبدو صوته طبيعيا وطلب منه مقابلته لأمر خاص، وافق سالم وكأنه يعرف جيدا ما يعانيه صديقه عمر، وفور وصوله ركبا السيارة وانطلق عمر يقود سيارته بسرعة جنونية وكأنه بذلك يجاري جنون أفكاره وصلا إلى مكان خارج المدينة حيث اعتاد الأ أن يدهسه، فهل يفعل ؟!!

لم يكن عمر ميالاً للعنف وفي بداية شبابه كان خجولا ومنطوياً ولم يكن يختلط كثيرا بأصدقائه الشباب إلا بعد التحاقه بالجامعة حيث أخذ يشارك في النشاطات التي يقيمها الطلبة ومن خلالها تعرف على (شلة) من الأصدقاء تقرب منهم وتوطدت علاقته بهم وكان سالم أبرز هؤلاء الأصدقاء لكنه كثير الكلام عن نفسه ومغامراته إلى حد النرجسية ويفاخر بأساليبه التي لا تفشل في الوصول إلى مراده مهما كان صعبا، كانت أخبار الإنترنت من الموضوعات التي بدأت تسيطر على أحاديث (الشلة) والتي وجد فيها الأصدقاء مادة جديدة للتسلية، في حين كان عمر يجد فيها أكثر من التسلية ولكنه ما إن يجاهر برأيه حتى يسمع من أصدقائه تعليقات ساخرة، وطبعا كانت مواقع (الدردشة) من أكثر موضوعات الإنترنت جذبا لهم وكان الجميع يبحث فيها عما يفتقدونه من حياتهم العادية، أما عمر فكان يمارس نشاطا واضحا في النقاشات التي تدور في أرجاء منتديات المواقع العربية وكان يرتاد أحيانا بعض مواقع (الدردشة) ويتحدث في موضوعات جادة وهادفة ومن خلال أحد هذه المواقع تعرف عمر صدفة إلى (ظبية) أدهشته بجرأتها وحماسها في طرح آرائها في القضايا الاجتماعية خاصة !!

وكان يعجب لتوافق رأيها معه، فيقول لنفسه : لا بد أنها تقرأ أفكاري، أو أنها تسمع أحاديثي مع أصدقائي واستمر الاثنان لفترة في إدارة الحوار فيما يطرحان من مسائل مما وطد الصداقة بينها، وعندما أعلنت أنها ستتوقف عن المشاركة بسبب قرب الامتحانات شعر بالضيق وتردد كثيرا قبل أن يتجرأ ويطلب منها أن يستمرا في المراسلة عبر البريد الإلكتروني فوافقته، ثم بدأت صداقتهما تأخذ منحى جديدا وخاصة عندما وجد عمر نفسه شحنة عاطفية كامنة صار يبثها عبر مفاتيح صماء فتلقى القبول من الطرف الآخر، لم يذكر عمر لإصدقائه شيئا لأنه يعرف تعليقاتهم مسبقا.

قال الشاعر : {والأذن تعشق قبل العين أحيانا} ولكن في أسلوب الحب عبر الإنترنت {لاعين ترى ولا أذن تسمع} وبالتالي يصبح من الضروري إيجاد البدائل ليتأكد الشخص إلى من يبث عواطفه، لم يغب ذلك عن بال عمر فأرسل للفتاة صورته وطلب منها الشيء نفسه، ولكنها اعتذرت بحجة الوضع الاجتماعي والعادات لا تسمح بذلك، وأمام تلك الحجة المبررة طلب منها أن تحادثه عبر الهاتف فوافقت شرط أن يترك لها اختيار الوقت، وبالفعل اتصلت به وارتاح كثيرا لسماع صوتها، وكررت الاتصال عدة مرات وفي كل المرات كانت تتصل من هاتف عمومي وبررت السبب بظروف خاصة لا تسمح لها بالاتصال من البيت، كان كل مايهمه أن يتأكد أنه أحب إنسانا من لحم ودم، ومرة أخرى أخذت الأمور تأخذ منحى تصاعديا عندما طرح عليها فكرة التعارف وجها لوجه بهدف الخطوبة !!!

وكان قد أعلم أصدقائه بأن هناك مفاجأة سارة تخصه سيعلنها لهم بعد فترة ألح عليه الأصدقاء لمعرفة ما يخفي ولكنه رفض بإصرار قائلا : كل شيء بأوانه، بشوق ولهفة كان ينتظر رد الفتاة على مشروعه المستقبلي ولكن جاءه الرد مساءً مثيرا للإحباط فقد ادعت بأن الأمر قد حدث بسرعة غير مدروسة، ثم أنها ما زالت في السنة الأولى في الجامعة وهي تفضل أن تكمل دراستها وبعد ذلك تفكر في الزواج، وطلبت منه أن يفكر بهدوء ويبعد هذا المشروع من ذهنه، صدمته تلك الاجابة ولم يتمكن من استيعابها، ولساعات طوال أخذ يراجع كل الأحاديث التي دارت بينهما ليجد أنها هي شجعته على السير في هذا الاتجاه فما الذي حصل كي يأتي ردها بهذه الطريقة الغريبة، كتب لها طالبا تفسيراً لهذا التناقض في مواقفها بين الأمس واليوم، أجابت بأنها أخطأت في تقدير مشاعرها، وعندما واجهها بسؤال عن كل أحاديثها العاطفية التي كانت ترسلها اعتذرت وأعلنت له أن لديها ظروفا عائلية خاصة لا تستطيع شرحها وأنها مضطرة للإنسحاب من حياته ولن تراسله ثانية، وهكذا تسربت من حياته تاركةً إياه في وضع نفسي لايحسد عليه، لم يعد ينام، وساءت حالته وبدأ يتغيب عن كليته ولم تفلح كل المحاولات التي بذلها أصدقاءه لمعرفة أسباب هذا التغير المفاجئ في حياته وبعد أيام وصلته رسالة عبر البريد الإلكتروني كشفت له سرا أفقده صوابه، تقول الرسالة : أن الفتاة التي أحبها واهما ما هي إلا صديقه سالم الذي أراد أن تكون مزحة تنتهي بسرعة ولكن يبدو أن اللعبة استهوته فتابع إلى الحد الذي يعرفه، وأضافت أن الفتاة التي تحدثت معه عبر الهاتف هي من طرف صديقه، كان يمكن أن يعتبر عمر الرسالة ملفقة ومغرضة لولا ثقته بأنه لم يذكر لأحد من أصدقائه شيئاً عن قصته وكان الأمر سراً بينه وبين الفتاة، وبمراجعة الأحاديث التي كانت تدور بينهما تأكد من اللعبة القذرة التي لعبها بحقه صديقه سالم، كان يستفزه ويعارض آراءه نهارا ليؤيده ليلاً باسم تلك الفتاة التي كان بسذاجة كبيرة يدهش لتوافق آرائها معه، ما دفعه للاعتقاد بقدرتها على قراءة أفكاره، اتضحت له الصورة القاتمة إذاً، وما زادها سوءاً اعتقاد عمر أن جميع أفراد (الشلة) على علم ولا بد أنهم كانوا يقضون سهراتهم التي لا يتواجد فيها معهم يضحكون ساخرين منه، قضى عمر أياما عديدة وهو يفكر في الطريق الأنسب للانتقام إلى أن اهتدى إلى الاتصال بصديقه سالم بحجة أنه يريد أن يستشيره في أمر خاص، ولبى سالم دعوته غير مدرك لما ينتظره من عقاب وفي اعتقاده أنه سينقذ عمر من الوضع الحرج الذي كان قد وضعه به !!

ربما لثقته الكبيرة بنفسه بأنه يستطيع أن يتلاعب بذكائه بمصائر ومشاعر الناس، عندما انطلق عمر بسيارته واتجه بها يطارد سالم كان الأخير قد فقد قدرته على الحركة نتيجة لما تعرض له من ضرب مبرح وكان يصرخ بصوت مبحوح : لقد كانت مزحة أرجوك أن تسامحني، انعطف عمر يمينا عائدا إلى البيت تاركا صديقه لمصيره المجهول.
تحياتي موووووووووجه







التوقيع :
[FL=http://bardabd.jeeran.com/images/mm2.swf] width = 300 height = 160 [/FL]

 

مواقع النشر (المفضلة)
   


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:25 PM.




 


    مجمموعة ترايدنت العربية