اذا لم يحمك شعبك , لن يحميك اسيادك

[نونو]

هل يمكن ان يتخيل المرء طفلا او شاعرا او رساما او رجل فكر او شعبا مسالما يدعو الى الحرب ؟
وضد بلده ؟
كان هذا السؤال يوما طرفة وكوميديا رخيصة وشيئا من الخيال !
غير انه اليوم اخر انتاجات التاريخ العربي والاسلامي وانجازات الشعوب العربية التي اوصلها الاختناق والموت والياس وفقدان الامل بالثوار والسياسين والمجالس العليا والعسكريين والرصاصة الطائشة التي تنقذ امة من شخص !
تراث الياس هذا لايمكن ان يمر مرورا عابر.. فهو درس بليغ لكل الشعوب التي تمهل وتهمل في افساح المجال للطارئين على الحياة لان يقودوا مصائرهم .. وتتخلى عن التنبيه والتحذير والتكاتف للعمل على الاصلاح والتغيير .
الدول والشعوب التي تكافح ضد (الاحتلال) و(الاستعمار) و(العدوان) انما تكافح ضد عدو خارجي معروف ..
فيما الشعوب المحكومة بالدكتاتورية تصل مرحلة تكافح عندها ضد نفسها باقوى الاسلحة مثلما يكافح جسد مريض بالمشارط والات الجراحة !
فهل تدفع حالة شاذة كهذه شعوبا اخرى مكبلة بانظمة مستهترة ببلدانها وشعوبها تنتهك حقوق وحياة ابنائها وتسرق اقتصادها وترهن مستقبلها وثرواتها بيد الاخرين لان ترضى بمنقذ من الخارج مهما كان حجم الثمن الذي يقبضه ؟
هذه الحقيقة (المرة) العسيرة على الهضم .. حقيقة المراهنة على الغامض والغيبي وغير الموثوق به لاقامة (العدالة) بعيدا عن ثورات الشعوب التقليدية .. حقيقة ستغير وجه التاريخ فعلا !
وستدفع دول المنطقة برمتها الى مواجهة مستقبل هو في واقعه ( مستنقع ) اذا لم تتنبه الى اصلاح حالها ..
وتوبة الحكام لشعوبها عن القمع واثارة الفتنة ونهب الثروات والتضليل قبل ان يشطر الفاس الراس !
كما هو حاصل الان مع يقين الانسان العراقي الذي بات مقتنعا بان صدام حسين هو المسؤول عن شن الحرب وافراغ العراق من قوته وتاثيره وتحطيم ركائز التضامن العربي واهانة الناس وثوابتها الفكرية والسياسية والدينية والقتل والتهجير وجلب الحصار وجعل لجان التفتيش يفتشون بيوته ومواخيره ومخابئه وهو مازال في بزته العسكرية دون خجل او قيراط كرامة تدفعه للاعتراف او ترك البلاد الى ابنائها يضمدون جراحهم وجراحها معا .
هذا الرجل قاد العراق مثلمل يقود متهور عربة فاخرة فيلقي بها وبركابها وبنفسه الى التهلكة !
ذلك اذن هو المطاف المخيف .. وتلك الحرية التي امتصها نظام صدام مع دماء ابناء جلدته .. يتوقون اليها وان كانت على اسنة الحراب !
ذلك الاختناق والاذلال والخضوع غير المشروط وكبت الراي الذي مارسته السلطة على الناس تحظى بمثله الان من قبل من هو اقوى !
ولعل في الامر للاخرين عبرة اذا لم يحمك شعبك , فلن يحميك اسيادك , بل سياتي اليوم الذي ينقلبون فيه عليك ).
ولعل في الامر للاخرين عبرة ان صلاحك ليس في وجود من هو اسوا منك , بل ان صلاحك في صلاحك )..
كي لاتحول شعبا حرا كريما الى شعب عليل لاحول له ولاقوة .. يفتش في الظلام عن النور .. ولو كان نارا!!