يحضر جهاز نبض القلب .. يشتغل الجهاز .. يظهر المـؤشر ..
ـــــــــــــــــــــــــــ .. لا أثر ولا لأي نبـضه
البقـاء لله .. أمكم ماتـت !!
كـان هـذا آخر ما استوعـبته في ذلـك الصبـاح ..
جدتي .. توفـت !!
حـاولت جمع ما تبقـى من أشـلاء أعصـابي
وبقـايا الهـمه التـي تاهت وضاعـت ..
وما تركـه لي دينـي وإسـلامي .. من ترجـل وتحمـل للموقف
أول ما لفظت به ..
إنا لله وإنا اليه راجعون . االلهم اجرنا في مصـيبتـنا واخلفنا خير منهـا
النحـيب يتصـاعد .. الدمـوع تكـاد تُغـرق البـيت !!
ويأتي الكبـار بعقـولهم ودينهـم إلينا ..
أبي وبعض أعـمامي
ليس للمواساة فقـط .. بل لشحذ الهمم
منـذ زمـن .. لم نمـر بمثل هذه حـاله
بل وأيم الله ..
إنه توفـى في عهـدي عمـ أبـي وخـاله وأناس كثيرون .. من معارفـ أبي وأعمامي وعماتي
لكن .. أمهم غـير
وجدتـي غير !!
كل ما أتـذكر ..
إنـي لم أرها منذ أسبـوعين .. ازداد حرقه
وكل ما أتذكر ..
اني اخلصت النـيه .. في زيارتـها فور انتهاء الاختبارات
وتقـطعني الظـروف عن إتمام نـيتي .. ازداد بكـاء وندمـ
يا لهذه الظروف .. كم كرهـتها ولم أكرهـها من ذي قبـل ..
مرت أول ساعتـين ..
أتت الساعه الثامنه
الحمدلله ..
الحمدلله ..
الحمدلله ..
كل شي تجهـز سريعـاً ..
تمت وبقدرة الله سبحانه .. تسهيلات وإجرائات الدفـن والغسل واحضار النعش والكفن وما إلى ذلـك ..
واتُّفق على ان يكون الدفـن .. بعد صلاة الجمعه
والكـل مبتـسم .. راضـي بقـضاء الله
خصـوصا ..
بعـد أن علمنـا من عمـتي القصه كامـله
( جلست جدتـي طوال الليل ترعى جدي وتقوم على خدمته حتى أذن الفـجر .. فقامت تصلي على كرسـيها الشامخ الأبي .. وبعد صلاتهـا طلبـت من عمـتي إحضار * كاسه زمزم * أتت بها عمـتي
فقط .. ( بلت ريقهـا ) من أول شربه .. وطلعتها .. ومال رأسهـا نحو اليمـين
صرخه من عمتي .. أيقظت جمـيع أبنائها .. جرى أكبر ابنائها * اسامه * نحـو شقة عمـي الأصغـر في الأعـلى .. وليته لم يذهب إليه
نتفاجأ أن عمـي كان ساهرا حتى منتـصف ليل البارحة بجوارهـا
قال له ( جدتي.. شربت جغمه مويه وطلعتها واتوقف نفسها و ..
لم يكمل .. نحّـاه عمي جانبـاً ونزل مسرعـاً كالخـيل العاديه .. أمي .. أمي
تصـرف كالطفـل الرضيع .. الباحـث عن حنـان أمه إذا حس بقشعريرة خـوف
إتصل بكل أخوته واخوانه ( أعمامي وابي ) * .. امي ماتت .. امي ماتت *
لم تمض نصف ساعه .. حتى تجمع الكل في البيت )
يا الله .. يا الله .. يا الله
دمـوع الرجـال .. بحـق
انهمـرت على خـد جدتـي .. كل قام بتقبـيلها وتوديعـها الوداع الأخـير
ولم لا ..
فهـي جدتـي .. التـى لم ولن تنجـب الأرض مثـلها ..
وجـيئ بسيارة حمل الأمـوات ..
ولم يحـضر المغسلون .. بطـلب من نساء العائله ..
الذين ترجَّــين رجالهن في أن يكن هن المغسالات لجدتـي .. فمعـزة جدتـي عند من يعـرفها .. ليس لها وصيف
تغسلت .. تجهزت .. لُف حولها الأبيض من القماش ..
واللهم نقها من الذنوب والخطايا .. كما يُنقى الثوب الأبيض من الدنس
وتجهزت .. حـتى يستطيع جـدي أن يصل عليهـا لأنه لا يستيطع القدومـ إلى المقـبره والصلاة هناك عليها
حضر جدي العتـيد .. أرى دمـوع الحرقة في عـينيه .. عشـرة عمر أكـثر من 50 سنه !!
حاولت جمع شتـات أفكـاري .. والتصرف في تلك اللحظه فقط ( بعقـلي لا بعاطفـتي )
فالعاطفه كانت تجيش وتهيج بالبكـاء والحزن ..
ولو جعلتها وقودي في تلك اللحظه .. لما كنت لأستطع أن أوصف ما جرى في تلك اللحظه ..
ترجل جـدي من سريره .. وجلس على كرسيه المتحرك .. وانتصب أمام جثة جدتـي
ودعنـاك .. ودعناك .. ودعناك
إن القلب ليحزن .. والعين لتدمع .. وإنا على فراقك لمحزونون
وفرغ من صلاته .. وطلب من أبنائه ( أعمامي )تقبيلها والسلام عليها .. سلموا على أمكم .. سلموا على أمكم
وبدأنا في تكفينها .. وحملها نحو سيارة الموتى ..
وأسرعنا بسياراتنا نحو المقبره ..
وصـلنا .. الكل خاشع .. خاضع لله .. مابين صلاة سنة أو قراءة قرآن
قضت الصـلاه .. وكانـت أول صـلاة أصلها .. من بعـد وفاة جدتـي !!
لظرف ترجـيع أهلي إلى البـيت .. تأخرت عن ركب الجنازة في البدايه
وخرجوا هم من الباب الأمامي .. وخرجت أنا من الخلفـي حتى آخذ ( الشرقي )
وألحق بالركب .. لم تمض دقيقه واحـده مع زحام الخارجين من المسجد ..
خرجت .. أبحث .. أين جدتـي .. أين التشـييع .. أين الجنازه
أدخل المقبره .. أرى الجنازه قد وصـلت إلـى مثواها الأخـير .. وبدأوا يشـرعون في تجهيز القبر
الله اكبر .. الله اكبر
ذهبت سريعه .. كأنها تقول .. عجلوني عجلوني
لله درك يا جدتـي .. وألف رحمة من الخالق الرحمن على كيانـك
حفـرنا .. دفنّا .. غطـينا .. دعـونا
مضـى كل شي .. وانتهى كل شي
استقبلنا المعـزيين .. يوم .. يومين .. ثلاثه
أيام كلحظات .. إنتهـى كل شي سريعـاً ..
الحمدلله .. الحمدلله .. الحمدلله
الحمدلله الذي لا يُحمد على مكروه سـواهـ ..
رحمك الله يا جدتـي .. فوالله لقد كنـتي كالركن الثابت .. وكالشرط الواجب .. وكالفرض اللازم
الذي لا نستطيع الاستغناء عنه في حياتـنا ..
رحمك الله .. رحمك الله .. رحمك الله
نهاية الصفــحه ،،،
إحترت في كتابة الموضوع .. هل أكتبه هنا .. أمـ في قسم الخواطر
وتوصلت لحل ( بما أن العزاء اُقيم هنا .. فمن الأفضل أن يكون نبع الخواطر هنا .. ولكم حرية تركه هنا أو نقله )
جزا الله خير الجـزاء وأوفره إلى جميع من تفضل علينا وتحمل المشقة والعناء على نفسه
وقام بتعزيـتنا سواء بالحضور أو بالمكالمه أو بالرسائل
وجزاكم الله خيرا أنتم .. فما قدمتـوه .. لن أنساه لكم
وجعله الله في موازين حسناتكم ..
خاتمـه ،،
إنا لله و إنا اليه راجعون .. اللهم اجرنا في مصـيبتنا واخلفنا خير منهـا