ومات والد البسطاء..!!
سطام الثقيل
في شعبان الماضي و (محمد) يشكو مرض زوجته، وقلة حيلته، وعدم قدرته على علاجها خارج المملكة قال له صاحبه (لم لا تبرق لولي العهد.. فربما تجد لديه الحل..؟)، صمت برهة وقال (ولكنه يتعالج في أمريكا.. وفي حال لا تجعله يفكر في الآخرين).
لديه يقين كبقية الشعب السعودي أن سلطان والخير قرينان لا يفترقان حتى أطلقوا عليه لقب (سلطان الخير)، كان كله يقينا أن سلطان أب للبسطاء، يشعر بهم ويحس بهم ويمد يده الحانية لهم ولا يحتاج للتواصل معهم لشفيع أو وسيط، ولكنه هناك في أمريكا في فترة علاج وبه من الآلام ما الله به عليم. لم يتوقع التجاوب ولكنه بعث البرقية مع إصرار صديقه.
ولأنه سلطان لم يتأخر الرد، بعد البرقية بيومين تلقى من مكتب ولي العهد اتصالا يخبره فيه أن سموه تكفل بعلاج زوجته في أرقى المستشفيات في أمريكا، وبالفعل غادر بصحبة زوجته، وهو في الطائرة ما بين السماء والأرض ومن الله أقرب رفع يديه متضرعا لله سبحانه وتعالى أن يجعلها في موازين حسناته.
الحقيقة التي يعلمها علم اليقين كل سعودي، أن سلطان لم يكن في يوم رجل دولة فحسب، لم يكن في يوم فقط درعا للوطن يذود عنه، لم يكن فحسب رجلا تخشاه الدول ويبعث الأمان في نفوس البلد والشعب، لم يكن فقط ركنا مهما من أركان الحكم، بل تجاوز كل مسؤولياته ومد جسور الود بينه وبين البسطاء حتى غدا أبا لهم يلجأون له في أمورهم الخاصة ولم يخذلهم يوما.
وهبه الله سبحانه وتعالى السلطة ولم تزده إلا تواضعا، وهبه القوة ولم تزده إلا رحمة وإنسانية. مات سلطان وستبقى ذكراه خالدة في عقول البسطاء ولن تبرحها، مات لا شك وهو قدر مؤمنون به تماما، وطريق سالكون كلنا معه، ولكن بموته انطفأ نجم مضيء من سماء كل سعودي بسيط كان يشعر بالأمان في وجوده.
مكانة سلطان في نفوس رؤساء دول العالم ومسؤوليها تستشعرها من الكم الهائل من برقيات التعازي التي انهالت على القيادة في البلد، تستشعرها من إعلان الحداد وتنكيس الأعلام، ولكن ماذا عن مكانته في نفوس البسطاء..؟؟ إن رغبت في معرفة ما يمثله سلطان لكل بسيط فما عليك إلا التجول في المنتديات لمعرفه مكانته، هناك حيث البساطة والمعرفات الصادقة والتي غلفت نفسها بالمجهول ولا غاية لديها إلا إخراج مكنونات النفس دون مجاملة أو نفاق ستشعر بمكانة سلطان وستعلم من هو في نفوس البسطاء، هناك يمكن لك أن تعزيهم في والدهم عندما تجد الجميع يبكيه ويدعو له بالرحمة والمغفرة.
اللهم إنه عبدك ابن عبدك ابن أمتك، مات وهو يشهد لك بالوحدانية، ولرسولك بالشهادة، فاجمعنا به في جنات النعيم برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم اغفر له وارحمه واعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ، وأبدله دارا خيرا من داره ، وأهلا خيرا من أهله وزوجا خيرا من زوجه ، وقه من فتنة القبر وعذاب النار