ما أحلى الشمس الدافئة!! لكنها غير الشمس التي كانت تحنو علينا فيما مضى من زمان.. لماذا أسير على غير هدى؟ إنني لن أستغرب إذا لم أعرف الطريق إلى البيت؟ هه .. أتذكر أن حفيدي خالد قال لي أمس: (أنا أعرف كيف أعود إلى البيت يا جدي.. أما أنت..) لكنه صمت حين نظرتْ إليه أمه بحدة..
لا شك أن الصغير سمع أبويه يتحدثان عني، لا شك أنهما تحدثا عن النسيان الفظيع الذي تخلل ذاكرتي مؤخراً..
إنني لا أخاف من النسيان أو الخرف.. فهو لا محالة واقع بي فأنا قد تجاوزت ماذا؟ الثمانين؟؟ ربما.. لا أذكر، لكن لا أهمية لذلك..
الشمس صارت حارة قليلا.. هذا محل تجاري كبير.. لماذا لا أدخل؟؟ فرصة لأتحدث مع أحد .. من هذا الذي يهتف خلفي بأبي عبد الله.. أخشى إذا التفت عليه ألا أعرفه أو لا أتذكره سيكون موقفاً محرجاً، سأقول أهلا.. ولم أرك منذ زمن.. ثم ماذا؟؟ ربما سألته عن حال الأبناء..
الحمد لله إنه لم يقصدني، يوجد أبو عبد الله آخر.. سأسأل هذا الفتى عن الساعة.. ياه!! لقد تأخر الوقت، لأحاول العودة إلى البيت.. لكن قدمي تألمان.. لا بأس.. سأحاول.. نعم أتذكر أن البيت في شارع كبير.. الحارات القديمة أسهل في التذكر.. ها قد صارت المدينة أكبر في عيني والناس مزدحمون لا يتحدث أحدهم إلى الآخر إلا بحساب.. لماذا أعيش في هذا الزمن؟؟ أما آن لي أن أنتقل إلى حيث صار صحبي؟؟
أعرف أن منى زوج ابني سعد تحبني.. لكن حبها هذا بدأ يخفت مذ صرت أنسى أشيائي وأتحدث في مواضيع لا تتصل بالحاضر.. حتى ابني سعد صار يسأم من حضوري.. الأطفال هم تسليتي.. لكن لا يُسمح لهم بالحديث طويلاً معي.. إنني ألهيهم عن الدراسة.. آه... آسف يا سيدي!! اصطدمت بك دون قصد.. كنت شارد الذهن.. ماله لا يرد؟؟ لماذا ينظر إلي هكذا؟؟ لقد خرج من المحل وفي يده كيس من المشتريات.. سيارته جميلة.. إنه يعود وينظر إلى من جديد.. يسير بسيارته الفخمة مبتعداً.. يااااه! ههه.. إنه ابني الأكبر عبد الله...
العرض الشجري
