بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم ...
أحدهما : مرتبة الظالم ،لنفسه ، المفرط ، وهو الذي انتقض من وضوئها ، ومواقيتها ، وحدودها ، وأركانها .
الثاني : من يحافظ على مواقيتها ، وحدودها وأركانها الظاهرة ، ووضوئها ، لكن قد ضيع مجاهدة نفسه في الوسوسة ، فذهب مع الوسواس والأفكار .
الثالث : من حافظ على حدودها ، وأركانها ، وجاهد نفسه في دفع الوسواس والأفكار ، فهو مشغول بمجاهدة عدوه ، لئلا يسرق صلاته ، فهو في صلاة وجهاد .
الرابع : من إذا قام إلى الصلاة ، أكمل حقوقها ، وأركانها ، وحدودها ، واستغرق قلبه مراعاة حدودها وحقوقها ، لئلا يضيع شيئا منها ، بل همه كله مصروف إلى إقامتها كما ينبغي ، وإكمالها ، وإتمام ، قد استغرق قلبه شأن الصلاة ، وعبودية ربه ،- تبارك وتعالى – فيها .
الخامس : من إذا قام إلى الصلاة ، قام إليها كذالك ، ولكن مع هذا قد أخذ قلبه ووضعه بين يدي ربه – عز وجل – ناظراً بقلبه إليه ، ممتلئاً من محبته وعظمته ، كأنه يراه ويشاهده ‘
وقد اضمحلت تلك الوساوس والخطرات ، وارتفعت حجبها بينه وبين ربه، مما بين السماء والأرض بينه وبين غيره في الصلاة أفضل وأعظم مابين السماء والأرض ، وهذا في صلاته مشغول بربه -عز وجل – قرير العين به .
فالقسم الأول معاقب ، والثاني محاسب ، والثالث مكفر عنه ، والرابع مثاب ، والخامس مقرب من ربه ، لأن له نصيبا ممن جعلت قرة عينهم في الصلاة ، فمن قرت عينه بصلاته في الدنيا ، قرت عينه بقربه من ربه – عز وجل – في الآخرة ، وقرت عينه أيضا به في الدنيا ، ومن قرت عينه بالله ، قرت به كل عين ، ومن لم تقر عينه بالله ؛- تعالى ، تقطعت نفسه على الدنيا حسرات .
( صحيح الوابل الصيب من الكلم الطيب )
( إبن الجوزيه )