معالجة المفاسد الأخلاقية
ايها العزيز ؛ إنهض من نومك ، وتنبه من غفلتك ، واشدد حيازيم الهمة ، واغتنم الفرصة ما دام هناك مجال ، وما دام في العمر بقية ، وما دامت قواك تحت تصرفك ، وشبابك موجودا ، ولم تتغلب عليك _ بعد _ الأخلاق الفاسدة ، ولم تتأصل فيك الملكات الرذيلة ، فابحث عن العلاج ، واعثر على الدواء لإزالة تلك الأخلاق الفاسدة والقبيحة ، وتلمس سبيلا لإطفاء نائرة الشهوة والغضب ...
وأفضل علاج لدفع هذه المفاسد الأخلاقية ، هو ما ذكره علماء الأخلاق وأهل السلوك ، وهو أن تأخذ كل واحدة من الملكات القبيحة التي تراها في نفسك ، وتنهض بعزم على مخالفة النفس الى الأمد ، وتعمل عكس ما ترجوه وتتطلبه منك تلك الملكة الرذيلة .
وعلى أي حال ؛ اطلب التوفيق من الله تعالى لإعانتك في هذا الجهاد ، ولا شك في ان هذا الخلق القبيح سيزول بعد فترة وجيزة ، ويفر الشيطان وجنوده من هذا الخندق ، وتحل محلهم الجند الرحمانية .
فمثلا من الأخلاق الذميمة التي تسبب هلاك الإنسان ، وتوجب ضغطة القلب ، وتعذب الإنسان في كلا الدارين ، سوء الخلق مع أهل الدار والجيران أو الزملاء في العمل أو أهل السوق والمحلة ، وهو وليد الغضب والشهوة . فإذا كان الإنسان المجاهد يفكر فيكر في السمو الترفع ، عليه أن يعمل بخلاف النفس ، وأن يتذكر سوء عاقبة هذا الخلق ونتيجته القبيحة ، ويبدي بالمقابل مرونة ويلعن الشيطان في الباطن ويستعيذ بالله منه .
إني أتعهد لك بأنك لو قمت بذلك السلوك ، وكررته عدة مرات ، فإن الخلق السيء سيتغير كليا ، وسيحل الخلق الحسن في عالمك الباطن ، ولكنك اذا عملت وفق هوى النفس ، فمن الممكن أن يبيدك في هذا العالم نفسه ، وأعوذ بالله تعالى من الغضب الذي يهلك الإنسان في آن واحد في كلا الدارين فقد يؤدي ذلك الغضب _ لا سمح الله _ إلى قتل النفس . ومن الممكن أن يتجرأ الإنسان في حالة الغضب على النواميس الإلهية .
أو إذا كنت_ لا سمح الله _ من أهل الجدل والمراء في المناقشات لعلمية كبعضنا نحن الطلبة ، فاعمل فترة بخلاف النفس ، فإذا دخلت في نقاش مع أحد الأشخاص في فترة ما ، ورأيت أنه يقول الحق فاعترف بخطأك وصدق قول المقابل ، والمأمول أن تزول هذه الرذيلة في زمن قصير .
وعندما يكتمل جهاد النفس ، ويتوفق الإنسان إلى اخراج جنود ابليس من هذه المملكة ، وتصبح مملكته مسكنا لملائكة الله ومعبدا لعباده الصالحين ، فحينذاك يصبح السلوك الى الله يسيرا ، ويتضح طريق الإنسانية المستقيم ، وتفتح أمام الإنسان أبواب البركات والجنات ، وتغلق أمامه أبواب جهنم والدركات ، وينظر الله تبارك وتعالى اليه بعين اللطف والرحمة ، وينخرط في سلك أهل الايمان ، ويصبح من أهل السعادة وأصحاب اليمين ، ويفتح له طريقا إلى باب المعرفة الالهية ..