السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
@@ قصة هدهد سيدنا سليمان @@
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى
( وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ (20) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ (21) فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22) إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23) وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (24) أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (25) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (26)
كان سيدنا ( سليمان ) عليه السلام قد ورث الملك والنبوة من أبيه ( داوود ) عليه السلام ووهب له من الملك التام و التمكين العظيم حتى إنه سخر له الإنس والجن و الطير...وكان يعرف لغة الطير وهو شيء لم يعطه الله لغيره من البشر ، فيفهم ما تريده بأصواتها إذا صوتت ، كما يُفهمُها ما في نفسه ويحاورها .
ولقد سخرها الله تعالى لسليمان ، يأمرها فتأتمر ، ويوجهها على أية جهة أراد ويستعملها في بعض المهمات والشؤون ....
حتى اصبح ركبه بين جنوده في ابهى صوره فمن بعده ياتي الإنس في موكبه ثم الجان لانهم ادنى منزلة من الإنس والطير يحلق فوقه فتقيه الحر وتظله
كان الهدهد مهندسا يدل سليمان عليه السلام على الماء إذا كان بأرض فلاة فنظر له الماء في تخوم الأرض كما يرى الأنسان الشيء الظاهر على وجه الأرض ويعرف كم مساحته بعده من وجه الأرض فإذا دلهم عليه امر سليمان الجان فحفروا ذلك المكان حتى يستنبط الماء من قراره
فنزل سليمان عليه السلام يوما بفلاة من الأرض فتفقد الطير ليرى الهدهد فلم يره ، فاعتبر غيابه مخالفةً لأوامره، وعد ذلك جريمة يستحق عليها الهدهد العقاب الشديد وقال :
سوف يلقى الهدهد منى عذاباً شديداً وقيل ان العذاب بنتف ريشه وتركه ملقى يأكله الذر و النمل ,أو يقتل ذبحا ، أو يعتذر بعذر بين واضح....
فلما قدم الهدهد قالت له الطير ما خلفك فقد نذر سليمان دمك
فقال هل استثنى؟ قالوا نعم قال" لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِين "
قال نجوت
وغاب الهدهد زمنا يسيرا ثم جاء فقال لسليمان اطلعت على مالم تطلع عليه انت ولا جنودك وجئتك من سبأ (هم حمير وهم ملوك اليمن)بخير صدق حق يقين
وجدت امراه تملكهم (وهي بلقيس بنت شراحيل ملكة سبأ وكانت امها جنيه) ولها ملك عظيم وعرش عظيم(سريرتجلس عليه عظيم هائل مزخرف بالذهب وانواع الجواهر و اللالئ والزبرجد)
وكان هذا السرير في قصر عظيم مشيد رفيع البناء محكم وكان فيه ثلثمائه وستون طاقة من مشرقه ومثلها من مغربه قد وضع بناءه على أن تدخله الشمس كل يوم من طاقة وتغرب من مقابلتها فيسجدون لها صباحا ومساء, ولهم ارض واسعة بها من الارزاق و الامطار و النبات الكثير
فتعجب سليمان عليه السلام وقال (أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ )الا يعرفون سبيل الحق التى هي إخلاص السجود لله وحده دون ماخلق من الكواكب وغيرها..وثنيون يعبدون الشمس من دون الله
فأراد سليمان عليه السلام أن يختبر صدق الهدهد ، وليتأكد انه لم يخبره بذلك من اجل الهروب من التوعد الذى توعده اياه لتاخره ،
فأعطاه رسالة ليوصلها إلى تلك الملكةِ ((( بلقيس))) ... في سبأ ليلاً ،
فدخل عليها في خلوتها التى تختلى بها بنفسها فالقاه اليها من كوة هناك ثم تولى عنها ادبا فتحيرت مما رأت وهالها ذلك ثم عمدت الى الكتاب(الرسالة) فأخذته وفتحت ختمه وقرأته فإذا فيه :
(إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَان وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم أَلَّا تَعْلُو عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ)
فجمعت عند ذلك امراءها ووزراءها وكبراء دولتها ثم قالت لهم " يَا أَيّهَا الْمَلَأ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَاب كَرِيم " وتعني بكرمه ما رأته من عجب امره كون طائر ذهب به فألقاه اليها ثم تولى عنها أدبا وهذا امر لا يقدر عليه أحد من الملوك ولا سبيل لهم إلى ذلك
ثم قرأته عليهم فعرفوا أنه من نبي الله سليمان وأنه لا قبل لهم به وهذا الكتاب في غاية البلاغة و الفصاحة فقد حصل المعنى بأيسر عبارة وأحسنها
ومعنى ذلك ، أن هذه الرسالة من الملك النبي سليمان الحكيم الذي سخر له الله تعالى الجن والإنس والطير وكل شيء ، إلى ملكة سبأ " بلقيس " وعليها أن تعرف منزلتها ومكانتها التي هي دون منزلة ومكانة سيدنا سليمان عليه السلام ، وأن لا تستمر هي وقومها في عبادة الشمس ، بل ترجع إلى عبادة الله الواحد الحق ، وتأتي إلى أورشليم القدس حيث عاصمة سيدنا سليمان عليه السلام مع قومها مسلمين ومستسلمين .
واستشارتهم في امرها فغضب القوم وثاروا واشادوا بقوتهم وبأسهم ... وأعادوا لها الامر لتختار هي وكانت هي أحزم رأيا منهم وأعلم بأمر سليمان وأنه لا قبل لها بجنوده وجيوشه وما سخر له من الجن والإنس والطير وقد شاهدت من قضية الكتاب مع الهدهد أمرا عجيبا بديعا
فقالت لهم إني أخشى أن نحاربه ونتمنع عليه فيقصدنا بجنوده ويهلكنا بمن معه ويخلص إلي وإليكم الهلاك والدمار دون غيرنا,
فالملوك حين تدخل بلدة عنوة خربوها وقصدوا من فيها من الولاة و الجنود فأهانوهم غاية الهوان إما بالقتل أو الاسر
ثم عدلت الى المصالحة و المهادنة والمسالمة و المخادعة والمصانعة
فبعثت إليه بهدية تليق بمثله املا في ان يقبلها فيكف عنهم أو يامر بخراج يحملونه في كل عام اليه ويترك مقاتلتهم وانتظرت جوابه
وقيل انها قالت لقومها إن قبل الهدية فقد هلك وإن لم يقبلها فهو نبي فأتبعوه
...فلما وصلت الهديه قال سليمان عليه السلام أَتُمِدُّونَنِي بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ
:اتعطونني المال ! اعطانى الله خير منه ارجعوه فانتم تتفاخرون به لانهم اهل مفاخره ومكانزة
ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ
فرجع غليها رسولها فقالت قد عرفت أنه ليس بملك ولا طاقة لنا بقتال نبي من أنبياء الله ثم أمرت بعرشها فجعل في سبعة أبيات بعضها جوف بعض في آخر قصر من سبعة قصور وغلقت الأبواب وجعلت الحرس عليه وتوجهت إلى سليمان عليه السلام
وكان سليمان مهيبا لا يبتدا بشيء حتى يكون هو الذي يسأل عنه فنظر ذات يوم رهجا قريبا منه
فقال: ماهذا؟ فقالوا بلقيس يا نبي الله فقال سليمان لجنودة أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ لان اسلامها يحظر عليه حينها اتيان شيء لها دون إذنها
فقال عفريت من الجن انا احضره قبل أن تقوم من مقامك وانى على حمله لقادر امين
فقال سليمان عليه السلام أريد أسرع من ذلك
فقال من عنده علم من الكتاب(اصف بن برحيا وزيره وابن خالته) انا اتيك به قبل ان ترمش وفعل فحمد سليمان عليه السلام الله على النعم التى اتاه اياها
وغير سليمان عليه السلام في عرشها وقيل قلبه ليعرف رجاحة عقلها بعد ان شكك الجان فيه وسالها حين دخلت اهكذا عرشك قال كانه هو لانها تركته في حراسه مشدده ولا يمكن ان يكون هو فلم تجزم بالامر فعلم رجاحة عقلها
وادخلها الصرح وكان صحنا من زجاج تحته ماء وفيه الحيتان عمله ليريها ملكا أعظم من ملكها
وقيل ايضا لان الجان اخبرته بانها من ام جنيه وارجلها كالحمار وبالطبع لم تكن ارجلها كذالك
وهكذا كان غياب الهدهد ثم حضوره خيراً وبركة علي سليمان عليه السلام وبلقيس وأهل سبأ ..
وقيل انه قد تزوجها والله اعلم
من تفسير ابن كثير لسورة النمل (موقع الاسلام)
اتمنى تعجبكم القصه
احترامي لكم وتقديري
العرض العادي
