أطفال ، سطروا التاريخ بدمائهم .
فارس عودة أحد أبطال الانتفاضة .. عمره أربعة عشر عاماً .. يخرج يومياً مع أصحابه لمواجهة العدوان اليهودي .. يأبى إلا أن يكون في المقدمة أمام الرصاص والدبابات .. تقول أمه في لقاء معها : كنت أقول له يا فارس ، يا ولدي ، لا تكن في الصفوف الأمامية لأنك صغير .. فيقول : لا أقابل اليهود إلا وجهاً لوجه .
لقد رأينا فارساً في مشهد من مشاهد الموت .. يقف أمام دبابة يهودية مدججة بالأسلحة الثقيلة .. وفوهة المدفع تتحرك صوب رأس الصغير .. فما الذي حدث ؟
وقف فارس كالجبل .. جبل في يديه حجر .. ورمى الدبابة بالحجر .. وأتبعه بحجر .. فبهت الذي كفر .. وتقهقر واندحر .. فصارت الدبابة الثقيلة تهرب إلى الوراء .. والبطل الصغير يتقدم إليها ، ويرميها بالحجارة .. لله درك يا بطل .. وأعز الله الأمة بأمثالك ، لا بأمثال المفحطين .
وفي مشهد آخر .. يظهر فارس في الصورة وهو يرمي الجنود اليهود بالحجارة .. ثم يلاحقه جندي يهودي يحتضن رشاشه .. يلتفت فارس فيرى الجندي يصوب رشاشه نحو ظهره .
فيتوقف فارس ويستدير إلى الوراء ، وإذا به يقف أمام الجندي المسلح وجهاً لوجه ، ثم يتوقف المشهد قليلاً .. يتوقف المشهد ، لتنقلب الموازين .. فيأخذ فارس حجراً ويرمي به الكلب اليهودي فيولي بسلاحه هارباً .. ويتبعه فارس بأحجار أخرى ، والجندي يركض من الخوف .. فلا نامت أعين الجبناء .
وبعد أيام .. وفي موقف من مواقف الشهادة .. يطلق قناص يهودي مجرم طلقاتٍ ناريةً آثمة على هذا البطل الصغير .. لينتقل إلى ركب الشهداء .
وفي أحد المشاهد تظهر أم فارس ، وقلبها يكاد أن يحترق لولا أن ربط الله عليه .. تقول وهي تحتضن ملابس ولدها : أحرق الله اليهود كما أحرقوا قلبي على فارس .
وتفجع مدرسته .. ويظهر رفاقه الصغار في الصورة وهم يبكون على فراقه بكاءً شديداً ، كما يظهر كرسيه في الفصل بعد أن فقد البطل الذي ترجل عن جواده .
على تراب الأقصى ..ينامون على الجوع والأحزان .. ويستيقظون على أزير المدافع والطائرات .. ونحن بالأمن والعافية .