لا أعرِف مَاذَا حَصَل وَيَحصُل لأمَّة الإسلام ولم تَعُد الدُّنيَا هِيَ الدُّنيَا الَّتِي يَسُودهَا الحُب
والرَّحمَة مَابَين البَشَر تِلك الدُّنيَا الَّتِي عَشَقنَاهَا وَتَشَبَّثنَا بِهَا منذُ الأزَل وَلَم نَزَل ..
شَيء يصعب عَلَى النَّفس البَشَرِيَّة تَصدِيقُه ..
وَإذَا كَانَت المَشَاعِر البَارِدَة المُتَبَلِّدَة الخَالِيَة من الإحسَاس تَحَرَّكَت إزَاء هذهِ الحَمَاقَة
وَتِلك ( الجَرِيمَة النَّكرَاء ) يَلِّي اقدَم عَلَيهَا وَإرتَكَبْهَاهَذَا ( الأب ) المَعتُوه ..
فَمَابَالُكِ بِمَن يَحمِلُ مَشَاعِرُ رِقرَاقَة وَفَيْض من الحَنَان وَيَتَألَّم حِينَمَا يَرَى وَردَة تَذبَل..
بعدَ حِرمَانُهَا من السُّقْيَا؟
يا الله مَامَصِير وَالِدَتهُم .. ومَا أقسَى الآلام يَلِّي تَعَرَّضَت لَهَا .. ومَا أحلَك المَوَاقِف ..
الَّتِي تَمَرُّ بِهَا وَتُوَاجُهُهَا فِي حَيَاتُهَا جَرَّاء هَذِهِ ( الجَرِيمَة ) وَفِقدَانُهَا لأعَزّ النَّاس ..
وَأقرَبهُم إلَى نَفسِهَا وَبِالذَّات فَلَذَات كَبدُهَا .. وَحَشَاشَة جَوفِهَا فِي وَقت تَحتَفِلُ مَعهُم ..
بِأحلَى لَحظَات عُمرهُم !!
ثُمَّ فَجأة تَفتَقِدهُم دُونَ مَقَدِّمَات .. وَيَاتُرَى من أعَز إلَى نَفسُك من إنسَان أو ( أبنَاء )
تَحبّهُم وَتَرَى فِيهُم الحَيَاة بِحِلوِهَا وَمُرِّهَا وَجَمَالُهَا وَمُستَقبَلُهَا وَطمُوحهَا وَأقبَالُهَا مَن؟
يا الله مَا أقسَى على ( الأم ) حِينَمَا يَصِلهَا نَبَأ وَفَاة من تَحُب وَرَحِيله عَن الحَيَاة فَجأة
وَبِصُورَة درَامِيَّة مُتَسَارِعَة لاتَدِعُ لَهَا مَجَالاً ..
حَتَّى فِي التَّفكِيْر فِي صِحَّة النَّبَأ أو التَّأكُّد مِنَه .. وَلَكِن هَكَذَا هِيَ الحَيَاةُ قَاسِيَة أحيَاناً ..
تُفَاجُئْنَا عَلَى حِيْنُ غرَّة بِمَا نَكرَه .. تَسْلُبْنَا أعَزُّ مَانَمْلُك .. تُدْمِي قلُوبنَا ..
لانَملُك سِوَى الصَّبر وَالإحتِسَابُ إلَى الله لأنُّه خَيرُ عَزَاء وَلانَدرِي عَمَّا يُخَبِّئه لَنَا القَدَر!
أنّهَا كَارِثَة بِالفِعْل بِكَافَّة المَقَاييس..كَارِثَة تَجعَلُكِ تَحزَنِي بِشِدَّة..تَتَألَّمِي من كُل قَلبُكِ
وَتُعِيْدِي النَّظَر مَرَّات ومَرَّات فِي هَذِهِ الحَيَاةُ الفَانِيَة غَيرُ مَأمُونَة الجَانب!!
أنَّهَا فَاجِعَة ألَمتُ بِهَا وَتَعَاطَفتُ مَعْهَا وَيَلفُّهَا الصَّمْتُ المُطبَق وَتَعلُوهَا وجُوه حَزِيْنَة ..
هَدَّهَا سَمَاع النَّبَأ وَأعيَاهَا أيْمَا إعيَاء تَرَدُّدْهَا لِمَكَان دَفْن ( أطفَالُهَا ) لِتوَدّعهُم ..
إلَى مَثْوَأهُم الأخِيْر بِشَكِل جَمَاعِي مُؤثِّر وَلِمَ لا؟
نَعَم لِمَ لا يَكُون هَذَا هُو حَالُهَا وَشعُورهَا وَالخَطَبُ جَلَل؟
تَخَيَّلِي نَفسُكَ أستَاذَه ( حِلوَة الأطبَاع ) فِي نَفس المَوقِف وَأنَّكِ ( أمَّاً رَؤوم ) وحَنُون
لِهَؤلاء الأطفَال فِي نَفس هَذَا المَوقِف مَاهُوَ حَالُكِ .. مَاهُوَ شعُوركِ حِينَمَا تُوَارِي الثَّرَى
أقرَب قَرِيب وَأحَبُّ حَبِيْب وَأعَزُّ عَزِيز من ( ابنَاءُكِ ) .. ثُمَّ تَتَقَبَّلِي التَّعَازِي فِيه ..
وإنَّ مَوتهُ بفِعل ( جَرِيمَة ) وَمِمَن..من ( أبِيه)؟
لاشَك أنّه مَوقِف مُحزِن .. وقَلب يَعتصِرِه الألَم !!
أنَّهُ المَوت حَق عَلَينَا .. وَلارَاد لِقِضَاء الله وَمَشِيئَته .. وَلَكِن تَظِل الطَّرِيقَة البَشعَة ..
التِي يَمُوت بِهَا ( فَلَذَات أكبَادنَا ) وَأقربَاءُنَا مَصدَر حُزن وَألَم بل مَصدَر كوَابِيس لَيلِيَّة
مُزعِجَة تَجثُم عَلَى قلُوبِنَا وَمصدَر ذِكرَى حَزِينَة لَن تُمحَى من الذَّاكِرَة بِسهُولَة ..
وَكَيف تُمحَى بِسُرعَة وَسهُولَة وَأنتِ مَعهُم حَتَّى آخِر لَحظَة من سنِي عُمرهُم تُشَاركِيهُم
طفُولَتهُم وَسَعَادَتهُم كَيْف!
تَخَيَّلِي ذلك الشّعُور المُؤلِم وَأنتِ تَبحَثِ عَنهُم فِي ( ثَلاَّجَة الأموَات ) ..
لِتَتَعَرَّفِي عَلَى اي منهُم ( ابنَاءُكِ ) لِكَي تَأخذِيهُم بِنَفسُكِ .. بِكِلتَا يَدَيكِ الحَانِيَتَيْن ..
وَالدّمُوع من حُجر عَينَيكِ رِقرَاقَة .. لِمَثوَاهُم الأخِيْر .. وَتَخَيَّلِي حِينَمَا لاتَجدِي أمَامُكِ
سِوَى جُثَث زَرقَاء اللون بِسَبب الغَرَق وَشِدَّة الخَنْق تَخَيَّلِي هَذَا المَنظَر أمَامُكِ الآن ..
فَمَاذَا تَفعَلِي بِالله عَلَيك؟
أنَّهُ لَشعُور مُؤلِم بِحَق .. والحَمدُ لله عَلَى كُل حَال!
/
/
إنتـَـــر
لا لستُ أنا يا ( ابنَائِي )!
من تَنسى بسهولة ..
تلك الأيام الجميلة ..
التي عشتها معكُم ..
وتلك اللحظات الخالدَة ..
التي قضيناها سوياً ..
بل تلك التضحيات الكبيرة ..
التي بذلتموها من أجلي ..
وتلك المواقف الرائعة ..
التي أثبتت حبكُم لِي!
إنها بداخلي حتماً!!
صورة لا تفارقني يوماً!!
يا الله صعب علي الإكمَال!
.