دائما ما نسمع أو نقرأ بأن شخصا ما قد انتحر وكثيرا ما تطالعنا الصحف اليومية بهذه الأخبار التي يكون أبطالها أشخاصاً منهم السعوديون ومنهم الأجانب ومن كلا الجنسين، ودائما تختم الصحيفة خبر الانتحار بأن الشخص المنتحر كان يعاني من أمراض نفسية وصحية، ولم نسمع أو نقرأ ولو لمرة واحدة بأن الشخص المنتحر كان يعاني من أسباب اجتماعية أو مادية أو اقتصادية والحقيقة أن المنتحر غالبا ما يكون سبب انتحاره مشكلات مادية اقتصادية أدت به إلى الوصول إلى الحالة الصحية النفسية والتي بدورها قادته إلى الانتحار... أنا طبعا لست طبيبا اجتماعيا أو طبيبا نفسيا لكي أحكم على هذا الوضع الخطير ولكن أرى من وجهة نظري الشخصية وقد يوافقني عليها بعض القراء والمهتمين بهذه المشكلات والمتخصصين فيها بأن الشخص المنتحر يعاني من أمراض صحية نفسية بأسباب مادية اقتصادية واجتماعية وليس كل من انتحر مريضاً نفسياً. فقد أصبح الانتحار لدينا ظاهرة لا يمكننا بأي حال من الأحوال إنكارها أو حتى غض الطرف عنها، نحن نعلم جيدا أن المنتحر يقترف بفعله هذا جريمة شنعاء في حق نفسه وحق دينه وفي حق مجتمعه، نحن مجتمع ليس بمنزه عن بقية المجتمعات الأخرى وهذه حقيقة مسلم بها. توجد لدينا مشكلات بالجملة وبمختلف أنواعها ولا يمكن لنا إلا فتح ملفاتها بكل صدق وشفافية مطلقة، لقد عاصرت بنفسي وعشت قصة حقيقية لشخص من أعز أصدقائي قام بعملية انتحار... لا داعي لذكر القصة من أولها ولكن أؤكد أنه كان يعيش حالة عاطفية خاصة جدا وبسبب أحواله المادية الصعبة لم يستطع الزواج بمن أرادها له زوجة وبالتالي انهارت أحلامه الوردية وتحقيق رغبته في الزواج فاتخذ قراره النهائي بالانتحار وهذا نموذج قريب مني جدا وعشت فصوله المأساوية، إذن نستشف من هذا أن المادة والحالة الاقتصادية المتردية ومن ثم الفشل العاطفي هي أحد أهم أسباب الانتحار ومن هنا أرجع وأقول بأن الشخص المنتحر ضحية المادة والتي بدورها تلعب دورا أساسيا في حياة الشخص نفسه، إنني أدرك جيدا أن غياب الوازع الديني لدى الشخص المنتحر سبب رئيسي لإقدامه على الانتحار وهذا سبب أؤمن به ولا جدال فيه.
العرض العادي
