العودة   منتديات الـــود > +:::::[ الأقسام العامة ]:::::+ > ۞ مكتبة الــوٍد الإسلامية ۞
موضوع مغلق
   
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-09-2008, 04:43 AM   رقم المشاركة : 1
تمثالـ الح ـب
( وِد ماسي )
 






تمثالـ الح ـب غير متصل

أعمى وأصاب الهدف

"أعمى وأصاب الهدف "
لم أكن جاوزت الثلاثين حين أنجبت زوجتي أول أبنائي ...ما زلت أذكر تلك الليلة .. بقيت إلى آخر الليل مع الشلة في إحدى الاستراحات ..كانت سهرة مليئة بالكلام الفارغ .. بل بالغيبة والتعليقات المحرمة ..كنت أنا الذي أتولى في الغالب إضحاكهم .. وغيبة الناس .. وهم يضحكون ..أذكر ليلتها أني أضحكتهم كثيراً ..كنت أمتلك موهبة عجيبة في التقليد ..بإمكاني تغيير نبرة صوتي حتى تصبح قريبة من الشخص الذي أسخر منه ..
أجل كنت أسخر من هذا وذاك .. لم يسلم أحد مني حتى أصحابي ..صار بعض الناس يتجنبني كي يسلم من لساني ..أذكر أني تلك الليلة سخرت من أعمى رأيته يتسول في السوق ..والأدهى أني وضعت قدمي أمامه فتعثر وسقط يتلفت برأسه لا يدري ما يقول ..وانطلقت ضحكتي تدوي في السوق ..عدت إلى بيتي متأخراً كالعادة ..وجدت زوجتي في انتظاري .. كانت في حالة يرثى لها ..قالت بصوت متهدج : راشد .. أين كنت ؟قلت ساخرا : في المريخ .. عند أصحابي بالطبع ..كان الإعياء ظاهرا عليها .. قالت والعبرة تخنقها : راشد أنا تعبة جدا ..الظاهر أن موعد ولادتي صار وشيكاً .. دمعة على خدها .. أحسست أني أهملت زوجتي .. كان المفروض أن أهتم بها وأقلل من سهراتي .. خاصة أنها في شهرها التاسع .. حملتها إلى المستشفى بسرعة .. دخلت غرفة الولادة .. جعلت تقاسي الآلام ساعات طوال ..كنت أنتظر ولادتها بفارغ الصبر .. تعسرت ولادتها .. فانتظرت طويلا حتى تعبت ..فذهبت إلى البيت .. وتركت رقم هاتفي عندهم ليبشروني ..بعد ساعة .. اتصلوا بي ليزفوا لي نباء قدوم سالم ..ذهبت إلى المستشفى فوراًأول ما رأوني أسأل عن غرفتها .. طلبوا مني مراجعة الطبيبة التي أشرفت على ولادة زوجتي ..صرخت بهم : أي طبيبة ؟‍! المهم أن أرى ابني سالم ..قالوا .. أولا .. راجع الطبيبة ..دخلت على الطبيبة .. كلمتني عن المصائب .. والرضا بالأقدار ..ثم قالت : ولدك به تشوه شديد في عينيه ويبدوا أنه فاقد البصر !!خفضت رأسي .. وأنا أدافع عبراتي .. تذكرت ذاك المتسول الأعمى ..الذي دفعته في السوق وأضحكت عليه الناس ..سبحان الله كما تدين تدان ! بقيت واجما قليلا .. لا أدري ماذا أقول ..ثم تذكرت زوجتي وولدي ..شكرت الطبيبة على لطفها .. ومضيت لأرى زوجتي ..لم تحزن زوجتي .. كانت مؤمنة بقضاء الله . راضية ..طالما نصحتني أن أكف عن الاستهزاء بالناس .. كانت تردد دائما .. لا تغتب الناس ..خرجنا من المستشفى .. وخرج سالم معنا ..في الحقيقة .. لم أكن أهتم به كثيراً .. اعتبرته غير موجود في المنزل ..حين يشتد بكاؤه أهرب إلى الصالة لأنام فيها ..كانت زوجتي تهتم به كثيرا .. وتحبه كثيرا .. أما أنا فلم أكن أكرهه .. لكنني لم أستطع أن أحبه ! كبر سالم .. بدأ يحبوا .. كانت حبوته غريبة ..
قارب عمره السنة فبدأ يحاول المشي .. فاكتشفنا أنه أعرج .. أصبح ثقيلا على نفسي أكثر ..أنجبت زوجتي بعده عمر وخالد ..مرت السنوات .. وكبر سالم .. وكبر أخواه ..كنت لا أحب الجلوس في البيت .. دائما مع أصحابي ..في الحقيقة كنت كاللعبة في أيديهم .. لم تيأس زوجتي من إصلاحي .. كانت تدعو لي دائما بالهداية .. لم تغضب من تصرفاتي الطائشة ..لكنها كانت تحزن كثيراً إذا رأت إهمالي لسالم واهتمامي بباقي إخوته ..كبر سالم .. وكبر معه همي ..لم أمانع حين طلبت زوجتي تسجيله في إحدى المدارس الخاصة بالمعاقين ..
لم أكن أحس بمرور السنوات .. أيامي سواء .. عمل ونوم وطعام وسهر ..في يوم الجمعة .. استيقظت الساعة الحادية عشرة ظهراً ..لا يزال الوقت مبكراً بالنسبة لي .. كنت مدعوا إلى وليمة ..لبست وتعطرت وهممت بالخروج ..مررت بالصالة .. استوقفني منظر سالم .. كان يبكي بحرقة !إنها المرة الأولى التي أنتبه فيها لإلى سالم يبكي منذ كان طفلا .. عشر سنوات مضت .. لم ألتفت إليه .. حاولت تجاهله .. فلم أحتمل .. كنت أسمع صوته ينادي أمه وأنا في الغرفة ..التفت .. ثم اقتربت منه .. قلت : سالم ! لماذا تبكي ؟!حين سمع صوتي توقف عن البكاء .. فلما شعر بقربي .. بدأ يتحسس ما حوله بيديه الصغيرتين .. ما به يا ترى ؟! .. إكتشفت أنه يحاول الإبتعاد عني !!وكأنه يقول : الآن احسست بي .. أين أنت منذ عشر سنوات ؟!تبعته وكان قد دخل غرفته .. رفض أن يخبرني في البداية سبب بكائه .. حاولت التلطف معه ..بداء سالم يبين سبب بكائه .. وأنا أستمع إليه وأنتفض .. تدري ما السبب !!تأخر عليه أخوه عمر .. الذي اعتاد أن يوصله إلى المسجد .. ولأنها صلاة الجمعة ..خاف ألا يجد مكاناً في الصف الأول ..نادى عمر .. ونادى أمه .. ولكن لا مجيب .. فبكى ..
أخذت أنظر إلى الدموع تتسرب من عينيه المكفوفتين ..لم أستطع أن أتحمل بقية كلامه .. وضعت يدي على فمه ..وقلت : لذلك بكيت يا سالم !! قال : نعم ..نسيت أصحابي .. ونسيت الوليمة .. وقلت : سالم لا تحزن .. هل تعلم من سيذهب بك اليوم إلى المسجد ؟..قال : أكيد عمر .. لكنه يتأخر دائما ..قلت : لا .. بل سأذهب بك .. دهش سالم .. ولم يصدق ..ظن أني أسخر منه .. استعبر ثم بكى ..مسحت دموعه بيدي .. وأمسكت يده .. أردت أن أوصله بالسيارة ..رفض قائلا : المسجد قريب .. أريد أن أخطو إلى المسجد .. – إي والله قال لي ذلك -..لا أذكر متى آخر مرة دخلت فيها المسجد ..لكنها المرة الأولى التي أشعر فيها بالخوف ..والندم على ما فرطته طوال السنوات الماضية ..كان المسجد مليئا بالمصلين .. إلا أني وجدت لسالم مكانا في الصف الأول ..استمعنا لخطبة الجمعة معاً وصلى بجانبي .. بل في الحقيقة أنا صليت بجانبه .. بعد انتهاء الصلاة طلب مني سالم مصحفا..استغربت !! كيف سيقرأ وهو أعمى ؟كدت أن أتجاهل طلبه .. لكني جاملته خوفا من جرح مشاعره .. ناولته المصحف طلب مني أن أفتح المصحف على سورة الكهف .. أخذت أقلب الصفحات تارة .. وأنظر في الفهرس تارة .. حتى وجدتها ..أخذ المصحف مني .. ثم وضعه أمامه .. وبدأ في قراءة السورة وعيناه مغمضتان ..يالله !! إنه يحفظ سورة الكهف كاملة !!خجلت من نفسي .. أمسكت مصحفاً ..أحسست برعشة في أوصالي ..قرأت .. وقرأت .. دعوت الله أن يغفر لي ويهديني .. لم أستطع الاحتمال .. فبدأت أبكي كالاطفال ..كان بعض الناس لا يزال في المسجد يصلي السنةخجلت منهم .. فحاولت أن أكتم بكائي .. تحول البكاء إلى نشيج وشهيق ..لم أشعر إلا بيد صغيرة تتلمس وجهي .. ثم تمسح عني دموعي .. إنه سالم !!ضممته إلى صدري ..نظرت إليه .. قلت في نفسي .. لست أنت الأعمى .. بل أنا الأعمى ..حين انسقت وراء فساق يجرونني إلى النار ..عدنا إلى المنزل .. كانت زوجتي قلقة كثيرا على سالم ..لكن قلقها تحول إلى دموع حين علمت أني صليت الجمعة مع سالم .. من ذلك اليوم لم تفتني صلاة جماعة في المسجد .. هجرت رفقاء السوء .. وأصبحت لي رفقة خيرة عرفتها في المسجد .. ذقت طعم الإيمان معهم .. عرفت منهم أشياء ألهتني عنها الدنيا لم أفوت حلقة ذكر أو صلاة الوتر .. ختمت القرآن عدة مرات في شهر ..رطبت لساني بالذكر لعل الله يغفر لي غيبتي وسخريتي من الناس ..أحسست أني أكثر قربا من أسرتي ..اختفت نظرات الخوف والشفقة التي كانت تطل من عيون زوجتي ..الإبتسامة ما عادت تفارق وجه ابني سالم .. من يراه يظنه ملك الدنيا وما فيها ..
حمدت الله كثيرا على نعمه .. ذات يوم ..قرر أصحابي الصالحون أن يتوجهوا إلى المناطق البعيدة للدعوة ..
ترددت في الذهاب .. استخرت الله .. واستشرت زوجتي .. توقعت إنها سترفض .. لكن حدث العكس !
فرحت كثيرا .. بل شجعتني .. فلقد كانت تراني في السابق أسافر دون استشارتها فسقا وفجورا ..توجهت إلى سالم .. أخبرته أني مسافر .. ضمني بذراعيه الصغيرين مودعاً ..تغيبت عن البيت ثلاثة أشهر ونصف الشهر ..
كنت خلال تلك الفترة أتصل كلما سنحت لي الفرصة بزوجتي وأحدث أبنائي .. اشتقت إليهم كثيرا .. آآآه كم اشتقت إلى سالم !!تمنيت سماع صوته .. هو الوحيد الذي لم يحدثني منذ سافرت ..إما أن يكون في المدرسة أو المسجد ساعة اتصالي بهم .. كلما حدثت زوجتي عن شوقي إليه .. كانت تضحك فرحا وبشرا .. إلا آخر مرة هاتفتها فيها .. لم أسمع ضحكتها المتوقعة .. تغيير صوتها ..قلت لها : أبلغي سلامي لسالم .. فقالت : إن شاء الله .. وسكتت .. أخيرا عدت إلى البيت .. طرقت الباب .. تمنيت أن يفتح لي سالم ..لكن فوجئت بابني خالد الذي لم يتجاوز الرابعة من عمره ..حملته بين ذراعي وهو يصرخ : بابا .. بابا..لا أدري لماذا انقبض صدري حين دخلت البيت ..استعذت بالله من الشيطان الرجيم ..أقبلت إلى زوجتي .. كان وجهها متغيرا .. كأنها تتصنع الفرح ..تأملتها جيدا .. ثم سألتها : ما بك ؟قالت : لا شيء..فجأة تذكرت سالما .. فقلت .. أين سالم ؟خفضت رأسها .. لم تجب .. سقطت دمعات حارة على خديها ..صرخت بها .. سالم .. أين سالم ؟لم أسمع حينها سوى صوت ابني خالد .. يقول بلثغته : بابا .. ثالم لاح الجنة .. عندالله..لم تتحمل زوجتي الموقف .. أجهشت بالبكاء .. كادت تسقط على الأرض .. فخرجت من الغرفة ..عرفت بعدها أن سالم أصابته حمى قبل موعد مجيئي بأسبوعيين ..فأخذته زوجتي إلى المستشفى .. فاشتدت عليه الحمى .. ولم تفارقه .. حين فارقت روحه ..
ـــــــــ
(((منقول)))


آسف على الاطالة بس الموضوع مؤثر .






قديم 11-09-2008, 07:12 AM   رقم المشاركة : 2
أمير الضحكه
( ود فعّال )
 
الصورة الرمزية أمير الضحكه
 






أمير الضحكه غير متصل

مشكور عالموضوع............



يعطيك العافيه موضوع رائع







قديم 11-09-2008, 08:52 PM   رقم المشاركة : 3
جروح القصيد
( وِد ماسي )
 
الصورة الرمزية جروح القصيد

تمثال الحب

الحمد لله على كل حال


وتسلم اخي الكريم على نقلك للقصة للعظة والعبرة


فــ بارك فيك وسلم ايااديك


وجزاك الفردوس الاعلى ووالديك وجميع المسلمين


وجعل مانقلت في موازين حسناتك


ننتظر ابداعاتك وجديدك فلا تطيل علينا






التوقيع :
يَا ربّ يا رحَمَن ، يا وَاهبِ الخيِر في كلّ مكانِ ..
لطفَك و رحمتَك لَا سِواهَا يا منَّانْ

.

قديم 11-09-2008, 11:19 PM   رقم المشاركة : 4
ROPY
( وِد ماسي )
 






ROPY غير متصل



اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة




عساكـ ع القوهـ!

بانتظار جديدكـ!








اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة


رووبـــــي







التوقيع :
جميعهمـ مقلدين ....] !

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)
   


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:58 PM.




 


    مجمموعة ترايدنت العربية