بسم الله الرحمن الرحيم
مقال قرأته في جريدة الرياض للكاتب عبدالله الناصر
اليكم المقال كاملا :-
بعضنا يظن أنه يعرف كل شيء ...وبعضنا يظن أنه يعرف بعض الشيء ...
وبعضنا يظن أنه لايعرف شيء ... والواقع ان الظن الأول والظن الأخير كلاهما خطأ
فلا احد يعرف كل شيء .. ولا أحد لايعرف شيئا .
وأنما الحقيقة أننا كبشر نعرف بعض الشيء من أشياء الحياة , فمهما توسعت مدارك الانسان
ومعارفه , وخبراته , واطلاعه , وقراءته , وحله , وترحاله , فانه لن يعرف كل شيء.
ولذا قال الشاعر : فقل لمن يدعي في العلم فلسفة **** عرفت شيئا وغابت عنك أشياء
هذه هي الحقيقه ..والمشكله ان هناك أناسا يظنون انهم يعرفون كل شيءويحيطون بكل شيء
لذا تراهم يتحدثون عن كل شيء , وعن أي شيء , في الصحافة وفي وسائل الاعلام .
اذا فتحت جريدة وجدت صورهم .. واذا فتحت قناة رأيت سحناتهم ..
يتحدثون في الأدب , والفن , والسياية , والأقتصاد , والدين , بل في كل علوم الدنيا والأخرة .
واذا سئل احدهم انطلق يجيب ويتعجل ويسرف في الاجابة , تلك الاجابة السريعة واللاهثة
وراء الظهور , ووراء البروز واللمعان , وبعض هؤلاء في الواقع يصنفون من زمرة الجهلة
ليس الجهل بمفهومه الأمي , ولكن بمفهومه الفلسفي , والسبب ان القارئ أو المستمع
لايعقل شيئا أو لايدرك شيئا مما يقولون , لأنهم في الواقع لم يضيفوا له جديدا ولا شيئا مفيدا
في أغلب مايتحدثون عنه أو يكتبون فيه .
وهناك النصف أو النقيض الاخر الذي يظن أنه لايفهم شيئا , فهو يعتذر عن الحديث
أو عن الادلاء برأيه في الأمر مهما كان نوعه ظنا منه أن ذلك فوق علمه , وفوق ادراكه ,
وفوق تصوره . وهذا خطأ فادح فلا يوجد في هذا الكون جاهل متكامل الجهل , لايعرف شيئا ,
ولا يفهم شيئا , ولايدرك شيئا , فهو أصم أبكم لايعي , ولايتأثر , ولا يؤثر .
فالانسان هو ابن محيطه والمحيط الانساني رحب وواسع ومليء بالمعارف والمدركات .
والله عندما خلق الانسان أودع فيه من الأسرار والمواهب والملكات وأشياء عظيمة
تجعله قادرا على الاستيعاب والوعي واستلهام مايدور حوله , ولكن هذا الانسان
الذي يظن انه أنه لايفهم شيئا يفتقد الى الجرأة وتملكه الهيبة والشعور بالدونية والقصور
فيوحي لنفسه بأنه أقل من الاخرين وأنه في جهله أقل من أن يقارن بهم
فتولد لديه هذا الاحساس الوهمي الغبي الناتج عن ضمور الجرأة وضعف الارادة
وتدني الشعور بالتفوق .
اما الصنف الثالث وهو الذي يظن انه يعرف بعض الشيء فهذا هو الانسان السوي العاقل
الحصيف المطلع المتبحر في العلوم والمعارف فهو يدرك ان هذا الكون مليء بالاسرار
والمكنونات الواضحه الجليه وكذلك الخفيه الدقيقه التي تستعصي ربما على ادراك بعض الخلق
والواقع انه كلما توسعت دائرة الانسان المعرفيه ادرك انه فقير الى المعرفه
وان الاحاطه بالمعرفه حتى الجزئية ضرب من ضروب الوهم والتخيل .
من هذا الصنف يوجد العلماء:
علماء الطبيعه , علماء الطب , علماء الفيزيا , علماء الكيمياء .....الخ
علماء الفقه والحديث , والنقد , والفن , والشعر , والفلسفه , والحكمة , والمنطق ....الخ
وميزة هؤلاء انهم منصفون لانفسهم فهم يتحدثون عما يدركون وعما يعرفون ,
ونراهم يتجنبون مايجهلون أو مالاتحيط به معارفهم . وميزة هؤلاء نباهتم الذهنية
وقوتهم الشخصية فهم لايخجلون ولايستنكفون من الا يتحدثوا فيما لايفهمون أو يعرفون
بل ولايجدون حرجا امام الناس وامام انفسهم بان يقولوا بأننا لانعرف هذا الأمر
ونجهل حقيقة هذا الأمر .
لذلك فهم محترمون من قبل الناس لأنهم أشاعوا في الناس الثقة بأنفسهم فأحبهم الناس
ووثقوا بهم ووثقوا بمعرفتهم وعلمهم .
ما أحوجنا الى هؤلاء في كل قضايانا العلمية والفكرية والأدبية والأعلامية والسياسية .
وما أحوجنا الى ان نفتقد والانرى أولئك الذين يتبجحون بما يعتقدون أنه علم ومعرفة
فيؤذوننا صباح مساء ويسدون قنواتنا وسماءنا بجهلهم وهرائهم ...
فهؤلاء هم شر الثلاثة :
حتى وان قال قائلهم :
وماشر الثلاثة ام عمرو *** بصاحبك الذي لاتصبحينا
-----------------------------
يعطيكم العافيه شكرا لكم وبالتوووووفيق