بدت أختي شاحبة الوجه نحيله الجسم.
ولاكنها كعادتها تقرأ القراٌن الكريم.
تبحث عنها فتجدها في مصلاها.
راكعه ساجده رافعه يديها إلى السماء .
هكذا في الصباح وفي المساء وفي جوف الليل ولا تفتر ولا تمل .
كنت أحرص على قراءة المجلات الفنيه والكتب ذات الطابع القصصي .
اشهد الدش بكثره لدرجة أنني عرفت به .. ومن أكثر من شئ عُرف به .
لا أؤدي واجباتي كامله ولست منضبطه في صلواتي .
بعد أن أغلقت الدش وقد شاهدت أفلاماً متنوعه لمدة ثلاث ساعات متواصله.
هاهو الأذان يرتفع من المسجد المجاور.
عدت إلى فراشي.
تناديني من مصلاها.
نعم ماذا تريدينيانوره.
قالت لي بنبره حاده ..
_ لاتنامي قبل أن تصلي الفجر .
*أوه بقي ساعه على صلاة الفجر وماسمعته كان الأذان الأول
بنبرتها الحنونه..هكذا هي حتى قبل أن يصيبها المرض الخبيث وتسقط طرحة الفراش.
نادتني تعالي ياهناء بجانبي.
لا أستطيع إطلاقاً رد طلبها.
تشعر بصفائها وصدقها.
لاشك طائعاً ستلبي.
*ماذاتريدين؟
_ إجلسي..
* هاقد جلست ماذالديك؟
بصوت حنون عذب رخيم قالت ..
_{كُـلٌ نَـفٌسِ ذُاَئقَةٌ اٌلٌمَوٌت وإنٌمُا تٌوفٌوَنَ أٌجٌوَرَكٌم يَوٌمَ اٌلٌقُيَـٌِمهٌ}.سكتت هنيهة.
ثم سألتني ..
_ ألم تؤمني بالموت؟* بلا مؤمنه!.
_ ألم تؤمني بأنك ستحاسبين على كل صغيره وكبيره ؟* بلا .. ولاكن الله غفور رحيم .. والعمر طويل يا أختي .
_ ألا تخافين من الموت وبغتتة؟.. أنظري هند أصغر منك وتوفيت في حادث سيارة وفلانه وفلانه ..الموت لا يعرف العمر وليس مقياساً له ..
أجبتها بصوت الخائف حيث مصلاها ذو ضوء خافت..
*إنني أخاف الظلام وزدت خوفي بذكر الموت .. كيف أنام الان؟
كنت أظن أنكي وافقت للسفر معنا هذه الإجازه.
فجأة..
تحشرج صوتها واهتز قلبي ..
_ لعلي هذه السنة أسافر سفراً بعيدَ..إلى مكان آخر..
ربما ياهنا..
الاعمار بيد الله.
وأنفجرت بالبكاء..
تفكرت في مرضها الخبيث وأن الأطباء أخبروا أبي سراَ أن المرض ربما لن يمهلها طويلا.
ولكن من أخبرها بذالك .
أم أنها تتوقع هذا الشئ.
_مالك تفكرين ؟
جائني صوتها القوي هذه المره
_هل تعتقدين أني أقول هذا لاني مريضه؟
كلا
_ربما اكون أطول عمراً من الاصحاء .وأنت إلى متى ستعيشين
ربما عشرين سنه .
ربما أربعين سنه .. ثم ماذا ؟؟
لمعت يدها بالضلام وهزتها بقوة
لا فرق بيننا كلنا سنرحل وسنغادر هذه الدنيا إما جنه وإما نار.
ألم تسمعين قول الله تعالى {فَمَن زٌحُزحَ عَنِ اٌلَنًارِوأٌدَخَلَ اُلٌجَنَةً فًقٌد فَاَز}
تصبحين على خير .
هرولت ميرعه وصوتها يطرق أذاني .
_ هداك الله.
لاتنسي الصلاة.
الثامنه صباحا
أسمع طرقا على الباب
هذا ليس موعد استيقاظي.
بكاء.. وأصوات .. ياإلهي ماذا جرى.
لقد تردت حالة نوره.
وذهب بها أبي إلى المستشفى
إنا لله وإنا إليه راجعون .
لا سفر هذه السنه ؟
مكتوب علي البقاء هذه السنه في بيتنا.
بعد انتظرا طويل .
عند الساعه الواحده ظهرا هاتفنا أبي من المستشفى
تستطيعون زيارتها الان هيا بسرعه
أخبرتني أمي أن حديث أبي غير مطمئن وأن صوته متغير .
عباءتي بيدي.
أين السائق .
ركبنا على عجل .. أين الطريق الذي كنت أذهب لأتمشى مع السائق فيه وكان يبدو قصيراً
ماله اليوم طويلاَ .. طويلاَ جداَ
أين ذلك الزحام المحبب إلى نفسي كي ألتفت يمنة ويسرة .
زحا أصبح قاتلا وممل .
أمي بجواري وتدعو لها .
إنها بنت صالحه ومطيعه
لم أرها تضع وقتها أبدا
دلفنا من الباب الخارجي للمستشفى
هذا مريض يتأوه
وهذا مصاب بحادث سياره
وثالث عيناه غائرتان
لاتدري هل هو أهل الدنيا أم اهل الاخره .
منظر عجيب لم أره من قبل
صعدنا درجات السلم بسرعه
إنها في غرفة العنايه المركزه
وساخذكم إليها
ثم واصلت الممرضه .. إنها بخير وطمأنت أمي وأنها في تحسن بعد الغيبوبه التي حصلت لها .
ممنوع الدخول لأكثر من شخص واحد
هذه غرفتة العنايه المركزه
وسط زحام الاطباء وعبر النافذه الصغيره التي في باب الغرفه ارى عيني اختي نوره تنظر إلى وأمي التي لم تستطع إخفاء دموعها سمحوا لي بالدخول والسلام عليها بشرط
أن لا اتحدث معها كثيرا.
دقيقتان كافيه لك.
*كيف حالك يانوره
لقد كنتي بخير مساء البارحه.
ماذا جرى لك؟!
أجابتني بعد أن ضغطت علي يدي .
_ وأنا الان والحمد لله بخير* الحمد لله ولاكن يدك بارده
كنت جالسه على حافة السرير ولامسة ساقها .
أبعدتها عني ..
* اسفه إذا ضايقتك
_ كلا ولكني تذكرت في قول الله تعلى {والتفت الساق بالساق (*)إلى ربك يومـٍذ المساق}
عليك ياهناء بالدعاء لي فربما أستقبل عن قريب أول ايام الاخره .
سفري بعيد وزادي قليل. سقطت دمعه من عيني بعد أن سمعت ماقالت وبكيت
لم أع اين أنا
أستمرت عيناي بالبكاء
أصبح أبي خائفا علي أكثر من نوره .
لم يتعودوا هذا البكاء ولا الانطواء في غرفتي .
مع غروب الشمس ذاك اليوم الحزين
ساد صمت طويل في بيتنا
دخلت على ابنة خالتي
أبنة عمتي .
أحداث سريعه .. كثرة القادمون أختلطة الاصوات شي واحد عرفته ..
(نوره ماتت) لم أعد اميز من جاء
ولا أعرف ماذا قالوا
يا الله
أين أنا وماذا يجري
عجزت عن البكاء
فيما بعد أخبروني أن أبي أخ بيدي لوداع أختي الوداع الاخير ..
وأني قبلتها ..
لم أعد أتذكر إلا شيئا واحد .
حين نظرت إليها مسجاة على فراش الموت .
تذكرت قولها ( وألتفت الساق بالساق) عرفت حقيقة أن (إلى ربك يومئذ المساق)
لم أعرف أنني عدت إلى مصلاها إلا تلك الليله.
وحينما تذكرت من قاسمتني رحم امي فنحن توأمان .. تذكرت من شاركتني همومي
تذكرت من نفست عني كربتي .
من دعت لي بالهدايه
من ذرفت دموعها ليالي وهي تحدثني عن الموت والحساب الله المستعان
هذه اول ليله لها في قبرها
هذه سجادتها وهذا .. وهذا ... وهذا
بل هذا هو الفستان الوردي الذي قالت لي سأخبئه لزواجي
تذكرتها وبكيت على ايامي الضائعه
بكيت بكاء متواصل .
ودعيت الله أن يرحمني ويتوب علي ويعفوو عني
دعوت الله ان يثبتها في قبرها كما كانت تحب ان تدعو
فجاه سألت نفسي ماذا لو كنت أنا الميته ؟
مامصيري؟
لم أبحث عن الاجابه من الخوف الذي أصابني
بكيت بحرقة .. الله أمبر .. الله أكبر
هاهو اذان الفجر قد ارتفع
ولكن ما أعذبه هذه المره
أحسست بطمأنينه وراحة وانا أردد مايقوله المؤذن
لفلفت ردائي وقمت واقفه أصلي الفجر ..
صليت صلاة مودع
كما صلتها أختي من قبل وكانت أخر صلاة لها
(إذا أصبحت لا أنتظر المساء وإذا أمسيت لا أنتظر الصباح)
........
اسفه على الاطاله بس مره اعجبتني وحبيت انقلها لكم
طبعا القصه من كتاب (قصص مؤثره للفتيات)
أنصحكم أنكم تقرووووونه
تحياتي
منقووووووووووول
جنة الود
العرض المتطور
