التحذير من ذنوب استهان بها الناس
عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي –صلى الله عليه وسلم – قال : " إياكم ومحقرات الذنوب ، فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه ، كرجل كان بأرض فلاة ، فحضر صنيع القوم ، فجعل الرجل يجئ بالعود ، و الرجل يجئ بالعود حتى جمعوا من ذلك سوادا و أججوا نارا ، فأنضجوا ما فيها " .
خلق الله الخلق ليعبدوه وحده ولا يشركوا به شيئا ، وقد تعبدهم بفعل ما يحبه ، واجبا كان أو مندوبا ، وترك ما يكرهه حراما كان أو مكرها ، فجب على المكلف فعل الواجب ويستحب له فعل المندوب ، ويجب عليه ترك الحرام ويستحب له ترك المكروه.
وقد وكل الله بالمكلفين كراما كاتبين يسجلون كل ما يفعلون :
قال تعالى : " وكل شيء فعلوه في الزبر ، وكل صغير وكبير مستطر " سورة القمر 52-53
ويوم القيامة تنشر صحائف الأعمال على الناس " ليرو أعمالهم " الزلزله 6
قال تعالى : " ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون ياويلتنا ما لي هذا الكتاب لا يغادر صغيرة وكبيرة إلا أحصاها " الكهف 49
قال الفضيل : ضجوا من الصغائر قبل الكبائر .
فالذنوب قسمان : كبائر وصغائر :
فالكبيرة : كل ذنب ترتب عليه حد في الدنيا أو ختم بلعنة الله ، أو غضب الله أو عذاب النار في الآخرة .
والصغيرة : كل ذنب لم يترتب عليها حد في الدنيا ولم يختم بلعنة أو غضب ، ولم يترتب عليها عذاب في الآخره .
والنبي _ صلى الله عليه وسلم – يحذر أصحابه من محقرات الذنوب أي صغارها دون كبارها لندرة وقوع الكبائر .
ويضرب لذلك مثلا بجماعة مسافرين نزلوا صحراء ، وأرادوا أن يطبخوا ، فتفرقوا يمينا وشمالا ، فجاء ذا بعود وذا بعود، حتى جمعوا من العود حطبا كثيرا ، فأوقدوا النار وأنضجوا الطعام ، وكذلك صغار الذنوب يجتمع الذنب على الذنب ، حتى تكثر الذنوب ، ويسود القلب ، حتى يختم عليه ، فتحق عليه كلمة العذاب ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :
" إن المؤمن إذا أذنب الذنب كانت نكتة سوداء في قلبه . فإن تاب ونزع واستغفر ، صقل قلبه . فإن زاد زادت . فذلك الران الذي ذكره الله في كتابه
"كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون " 14 سورة المطففين
هذا هو أثر الذنوب بالنسبة للفرد ، فإذا كثرت ذنوب الأفراد في المجتمع وعمت كانت سببا في هلاك المجتمع كله ،
كما قال تعالى : " ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم وأرسلنا السماء عليهم مدرارا وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرنا آخرين " 6 سورة الأنعام
وبين صفة الإهلاك وأكد سببه فقال :
"فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون " 40 سورة العنكبوت
ومن الذنوب التى استهان بها المسلمون
(1) النظرة :
والنظرة سهم مسموم من سهام إبليس
كل الحوادث مبداها من النظر ............... ومعظم النار من مستصغر الشرر
والمرء مادام ذا عين يقلبها ................... في أعين الغير موقوف على الخطر
كم نظرة فعلت في قلب صاحبها ............. فعل السهام بلا قوس ولا وتر
يسر ناظره ما ضر خاطره ................ لا مرحبا بسرور جاء بالضرر
لذلك نهى الله تعالى عن النظرة فقال : " قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم " النور 30
وقال –صلى الله عليه وسلم – لعلي بن أبي طالب : " يا علي لا تتبع النظرة النظرة ، فإن لك الأولى وعليك الثانية "
و المراد بالأولى نظرة الفجأة غير المقصودة ، ولذلك سئل –صلى الله عليه وسلم – عن
النظرة الفجأة فقال : " إصرف بصرك "
.
(2)مصافحة المرأة الأجنبية :
مصافحة المرأة الأجنبية : وهي كل إمرأة تحل للرجل سواء كانت ذات قرابة منه أم لم تكن ، وهذه المصافحة من البلاء العام ، مع أن النبي –صلى الله عليه وسلم – حذر منها فقال : " لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خيرا له من أن يمس إمرأة لا تحل له "
فاتقوا الله أيتها المرأة لا تمدن يدك إلى رجل ، فإن هذا اللمس نوع من الاستمتاع ، ولا يحل منك هذا الاستمتاع إلا لزوجك لذلك عد النبي –صلى الله عليه وسلم – هذا اللمس نوع من أنواع الزنا فقال :" كتب على ابن آدم حظه من الزنا ، أدرك ذلك لا محاله ، فزنا العينين النظر ، وزنا الأذننين الاستماع ، وزنا اليدين البطش ، زنا الرجلين الخطى ، والنفس تتمنى وتشتهى والفرج يصدق ذلك أو يكذبه "
(3) ـ الاختلاط
الاختلاط المشين في البيوت ومحال العمل ، اختلط الرجال بالنساء ، وكلم الرجال النساء ، ومازحوهم وغازلوهن بلا خجل ولا حياء ، والله تعالى يقول :
" وإذا سالتموهن متاعا فاسالوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن " الأحزاب 53
والنبي – صلى الله عليه وسلم – يقول إياكم والدخول على النساء قالوا يا رسول الله! أفرأيت الحمو ؟ قال : الحمو الموت " .
و الحمو قريب الرجل كأخيه و ابن أخيه وعمه وابن عمه .
إن الله خلق الزوجين الذكر و الأنثى وفطرهما على ميل كل جنس إلى الآخر حتى يتم التناسل عن طريق الحلال المشروع وهو الزواج فرغبة كل منها إلى الآخر فطرة في النفس ونحن مأمورون بمقاومة هذا الميل وتأهذيبه حتى لا يميل إلى الحرام .
وكل التبريرات التي يبرر بها الداعون إلى الإختلاط مردودة مثل قولهم أن الزميل كأخ و الزميلة كالأخت والكل كأنهم أسرة واحدة .
ونحن نقول لا يمكن أبدا أن يكون الزميل كأخ و لا الزميلة كالأخت بدليل واحد واضح وهو الفرق البائن بين حديث النفس أثتاء الجلوس الأخ و الأخت ، و أثناء الجلوس مع الزميل و الزميلة فإن نفس الأخ لا تحدثه بسوء أبدا و هو جالس مع أخته ، ونفسها كذلك ، بينما نفس الزميل و الزميلة لا تكاد تسلم من الوساوس و الهواجس و الدعوة إلى الشر و الفجور .
فيا عباد الله طهروا مجتمعكم من الاختلاط ، حولوا بين دخول الرجال على النساء أنهوا نساءكم عن الظهور على الرجال " ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن " .
(4) الخلوة :
الخلوة : خلوة الرجل بالمرأة التي تحل له مهما كانت القرابة و الزمالة و الصداقة وطبيعة العمل .
قال –صلى الله عليه وسلم - : " من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فلا يخلون بإمرأة ليس معها ذو محرم فإن ثالثهما الشيطان ".
وليس في كل مرة تسلم الجرة كما يقال ، فمن الخطر بمكان خلوة الزميل بالزميلة وخلوة المسئول بالسكرتيرة وخلوة الرجل بإمرأة أخيه وخلوة الصديق بإمرأة صديقه .
ولا يقبل قول القائل : أليس هناك أمان ؟ أليست هناك ثقة ؟ فإن هذا الأمان هو الذي أدى إلى الخيانة ، وهذه الثقة هي التي أفضت إلى الفاحشة ، وحسبكم ما أطلعتم عليه و ما خفي كان أعظم ، والعاقل من أتعظ بغيره و لم ينتظر حتى يتعظ به غيره .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المرجع : الوصايا المنبرية
المؤلف : عبدالعظيم البدوي الخلفي
جزى الرحمن خيرا كل من ساهم بكتابة هذا الموضوع وعمل على نشرة لتعم الفائدة على الجميع
ولا تنسونا من الدعاء
زهور المحبة
العرض المتطور
