السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
احببت ان اضع بين ايديكم اول تجربة قصصية لاختكم ^ مشاعــر^ وان شاء الله تنال اعجبابكم واتمنى انكم تتحفوني بآارءكم الجميلة ونقدكم الصريح بالاسلوب والاخطاء اللغوية والنحوية (ان وجدت) ثم بعدها تساعدوني بوضع عنوان لها ..
========================================
تجمع الاهل والاقارب والاصدقاء بثياب الحداد حول ذلك التابوت الزجاجي الذي ترقد عليه فتاة بملامح ملائكية في ريعان شبابها تلبس ثوباً ابيضاً زاد من هيبتها وكأنما تقول للعالم أجمع انا النقية الطاهرة . وامسكت بين يديها وردة حمراء نصف متفتحة تماماً كحالها هي, فلقد اختطفها الموت باكراً فاذا نظرت اليها تشفق عليها لبراعة حسنها حتى انك تتمنى لو انه يأخذك ويدع هذه الحورية الجميلة تنعم بالحياة .
في هذه اللحظة دخل بين جموع المحتشدين كهل على مشارف الاربعين ما أن رأوه حتى أفسح له الجميع الطريق فأقترب من النعش رويداً رويداً وكأنه يشفق على نفسه من الصدمة فما أن رآها حتى نزلت جمعة واحدة وكأنما محاجره رفضت أن تجود بأكثر من هذا فلم يجد ما يستنجد به ساعتها غير عبرات قلبه الأثيرة.
انحنى الرجل وقبل شفاه الحورية الصغيرة ونظر اليها فمرت الاحداث امامه كشريط سينمائي مفزع. تذكر كيف التقى بها في معرضه التشكيلي الاخير حيث كانت هي طالبة من المدينة المجاورة جاءت لتكتب تقريراً عن المعرض المقام, وتذكر كيف كانت اسئلتها عفوية , وكيف أنه بهر بجمالها اللافت وكيف انها هي انجذبت اليه وبشدة بالرغم من الفارق العمري بينهما الذي يصل الى خمسة عشرة عاما. فقد تحاورا عن اللوحات قليلا وعن حياتهما الخاصة كثيرا. لقد شعر أنه يعرفها منذ زمن بعيد وانتهى به المطاف ان دعاها الى العشاء , وبعد العشاء اخذها بين ذراعيه ليرقصا رقصة المساء الدافئة. استمر بهما الحال هكذا شهوراً حيث لم تجرؤ الفتاة على مصارحة والديها بحبها لردل تفصل بينهما سنوات عديدة , وفوق هذا وذاك تسبقه سمعة سيئة بكثرة علاقاته كونه رساما كثير الاسفار ومتقلب المزاج , ولكنه معها لم يكن مزاجياً او دون جواناً او حتى خائنا لقد عاشقا متيما مراهقا مجنونا كل همه كيف يسعد حبيبته ويجعلها ترضى عنه حتى لو كان عن طريق ارسال باقة ورد حمراء صباح كل يوم الى عتبة باب بيتها فقط ليرى البسمة على شفاهها .
وقفت الفتاة امام وجه اهلها وعاندتهم وشنت حرباً عشواء عليهم فما كان منهم الا الرضوخ لمطالب الابنة الوحيدة التي يبدو انها كانت تخطو خطواتها نحو مصيرها المحتوم .
كان عرساً بهيجا وزفافاً ولا أروع من الاساطير لبست فيه عروسنا ذلك الفستان الابيض وغطت وججها بطرحة بيضاء مطرزة زداتها بهاء وحسناً
مضت الاشهر الاولى كالحلم وقضى عصفورا الحب اجمل ايامهما في عشهما الصغير. ولكن بدات المشكلات الصغيرة تتفاقم قليلا فقليلا واصبح الزوج كثير التأفف والشكوى فاحتارت الفتاة فيما تفعل معه فتارة يصرخ واخرى يرضى مرة يكون رائعا ومرات اخرى يصير وحشاً قاسيا. وصلت الشائعات الى مسامعها أن زوجها عاد إلى سيرته الأولى وخليلاته الكثيرات فسكتت المسكينة على مضض وكثرت المشاحنات بينهما. بدأ قلبها الصغير يضعف يوماً بعد يوم لاحظ زوجها ذلك واشفق على زوجته من افعاله فعاد اليها معتذرا راجيا منها المغفرة والصفح , رضيت الزودة أملاً بأن تسير سفينة الحياة بسلام.
استقام الرجل شهرا او شهرين على الاكثر ولكنه ما لبثه ان عاد الى سيرته الاولى !! لذا طلبت الفتاة من زوجها ان ياخذها الى بيت اهلها طلبا لبعض الراحة من هذا الجو المشحون فكان لها ما أرادات . عادت الزوجة الصغيرة الى حضن امها والقهر يكاد يقتل قلبها المريض عادت والدموع تسبها عادت الى غرفتها الصغيرة وتمنت لو انها لم تغادرها يوما . مضى شهر ولم يسأل الزوج عنها غير مرتين او ثلاثة.
فقررت الفتاة ان تعود الى بيتها لعلها تفاجئ زوجها الحبيب بعودتها الى عشهما وتعلن انها سامحته وتغاضت عن اخطائه في حقها , دخلت البيت والهدوء يلف المكان وادركت انه غير موجود فاسرعت باعداد العشاء قبل مقدمه ولكنها تذكرت انه حقيبتها ما زالت في الصالون فجرتها معها الى الغرفة فما أن فتحت الباب حتى وجدت زوجها في احضان غانية رخيصة لم تدري ما تفعل اسودت الدنيا في عينيها وتسارعت ضربات القلب المريض ليعلن أنه لم يعد قارا على تحمل المزيد وانه كابر بما يكفي استندت الزوجة على اقرب حائط وصرخت صرخة شهقت معها نفسها فانتقلت روحها الطاهرة الى بارئها الكريم.
أفاق الزوج من شروده أمام نعش زوجته على يد القديس التي لامست كتفه , بكى الرج كثيرا ثم صرخ فجأة امام الحضور وقال: "اتعرفون من قتل (ماري) الحبيبة الطاهرة النقية انه أنا أنا " وروى لهم ما حدث في تلك الليلة المشؤومة التي لم يعرف احداثها غير (مايك) و (ماري) . بعد ان انتهى من روايته خرج من باب الكنيسة والعيون المشفقة الحانقة تلاحقه , توارى خلف زحام المدينة ولم يره احد بعدها .
لم تمض خمسة اشهر حتى ابلغت السلطات عن عثورهم على جثة رجل بمواصفات (مايك) غارقة في نهر تايمز ولم تتوصل التحقيقات للاسباب حتى الان.
- تمـــــــــــت -
تحياتـــــــــــــــــي