بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
يأتي العيد عاماً بعد عام ليشعل في القلوب مشاعر السعادة والبهجة ويطفئ دموع الأسى والألم ويبدد ضباب الكدر والهم .
يأتي العيد بأمر ربه حاملاً بين طياته أملاً جديداً وفضلاً إلهياً عظيماً، ليقول للقلوب المكلومة : هوناً عليك بعض الألم ولتخلعي سرابيل القلق ولتمسحي دموع الحزن ولتفرحي بفضل الله وبرحمته .
يأتي العيد ليقربنا من ربنا أكثر وليذكرنا بإحسان الله وفضله علينا؛ أن خلقنا سبحانه وأمدنا بالقوة ورزقنا من الطيبات وجعلنا مسلمين .
قال ابن رجب (رحمه الله) : والعيد هو موسم الفرح والسرور ، وأفراح المؤمنين وسرورهم في الدنيا إنما هو بمولاهم إذا فازوا بإكمال طاعته وحازوا ثواب أعمالهم بوثوقهم بوعده لهم عليها بفضله ومغفرته كما قال تعالى: {قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون} [يونس: ٥٨] .
وقال بعض العارفين : ما فرح أحد بغير الله إلا بغفلته عن الله ، فالغافل يفرح بلهوه وهواه ،والعاقل يفرح بمولاه .
ومن الخطأ أن يستثير المسلم أحزانه ويستذكر آلامه يوم العيد.
فإن هاجمته تلك الهواجس فليردها باستذكار فضل الله ونعمه،
وليتذكر أن نبينا صل الله عليه وسلم كان يكتم أحزانه يوم العيد ويظهر البشر والسرور ويسمح باللهو المباح؛ فيقول (صلى الله عليه وسلم) :
لتعلم يهود أن في ديننا فسحة، إني بعثت بالحنيفية السمحة .
ويقول (صل الله عليه وسلم) لأبي بكر عندما انتهر الجاريتين وهما يلهوان ويضربان بالدف :
دعهما يا أبا بكرٍ، فإنها أيامُ عيدٍ.. [صحيح البخاري].
والعيد من شعائر الإسلام شرعه الله سبحانه توسعة على خلقه وإيناساً لهم بالاجتماع والابتهاج واللعب في حدود المباح .
🖊عنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا فَقَالَ مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ قَالُوا كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا يَوْمَ الأَضْحَى وَيَوْمَ الْفِطْرِ . [سنن أبي داود وصححه الألباني].
وفي عيد الأضحى تجتمع أعظم الأيام : يوم النحر وأيام التشريق وهي خير الأيام عند الله وأعظمها قدراً.
قال صل الله عليه وسلم: أَعظمُ الأيَّامِ عِنْدَ اللَهِ يَوْمُ النَّحْرِ، ثُمَّ يَوْمُ القَرِّ .[أبو داود وصححه الألباني ].