رسالة إلى أبي والى كل من فقدت أباها..
لرفيقاتي في حزني ولوعتي، ولكل من عرفت طعم المرارة الحقيقية، أهدي هذه السطور إلى روح والدي العزيز...
أبي العزيز .. !!
يا راحلا بعيداً .. كيف الحياة تطيب بعدك ؟ وحيدة أنا بدونك، تائهة في بحور الحزن
والشوق . كل شي بعدك اختلف : الحب، الحنان، البقاء، حتى الابتسامة أخذت شكلا أخر .
الليل طويل يا أبي ووحشته مخيفة والنهار مرعب وضياعه لا يرحم ..
أبي .. مااصعبها من حياة بدونك .. كتبت كل شي في حياتي .. فكل حبي لك مضاعفاً،
وعندما رحلت كان حزني عليك مضاعفاً ..
برحيلك فقدت معاني كثيرة في حياتي . نسيت طعم الحنان والدفء، ضاعت آمالي مابين
حزني وشوقي إليك، وتبدد طموحي في متاهات الواقع الأليم ..
آآآه يا أبي كم من ليالِ مرت شعرت فيها بالبرد الشديد احتجت لدفء صدرك كم من ليالِ مرت أحسست فيها بالظمأ ..
أين يداك من دموعي ؟! أين صوتك من سكوني ؟! أين طيفك من وحشة أيامي ومخاوفي وجنوني ! أين أنت مني ؟؟
كانت كلماتك السحرية هي الوحيدة التي تخفف جميع آلامي، وتشفي كل أوجاعي ..
فجأة ..ابتعدت عني فجن جنوني .. بعدت المسافات بيننا، وطالت أيام الفراق وأنا أتمزق وحيدة مابين الشوق والحنين .
حبي يفوق مساحات الصبر في هذا العالم وفراقك صعب جداً،
فلا الأيام تستطيع أن تخفف من حدة الحزن في قلبي ولا حياتي امتلأت بعد رحيلك عني،
محطمة كل طموحاتي مبعثرة أوراق حياتي، ولا أدري ما لعمل ..
فلو أتحدث بكل لغات العالم لتعبر عن حبي لك لما استطعت أن تفعل شيئا.
فمهما طال الزمان ومرت الأيام .. ستبقى صورتك دوماً في ذاكرتي منارة لحياتي ..
جاءت اللحظات الأخيرة .. وجاء موعد الفراق وبين ليلة وضحاها يغير الله ما يشاء من
أمور السماوات والأرض ومن أمور عبادة الذين ينتظرون الموعد وبينما هم هكذا يحين
وقت الرحيل، فلا كلمات تنفع .. ولا مناديل ملوحة تطفئ نار اللوعة والفرقة التي اشتعلت
من جديد .. شتان مابين فراقين .. الأول لا عودة، لا أمل، لا لقاء من جديد .. أما الثاني
ففية ومضة أمل يعيش الإنسان متزوداً بها سنين طويلة.
غريبة هذه الدنيا، وعظيم هذا الخالق صورها فأحسن رسمها وتنظيمها. وضع قوانين
وأسساً تسير عليها البشرية منذ الآلف السنين ذات قواعد ثابتة، وأن عجزت عقولنا عن
فهمها في كثير من الأحيان..
الإيمان موجود في قلوبنا، واليقين مغروس بعقولنا، والإرادة قوية والصدق متين، ولكن الألم يهزنا ...
استغفر الله عما يحول في خاطري، قد يتحمل الإنسان الجوع والعطش والظلم أحيانا ....
وقد يتحمل الفراق بنوعية .. ربما إرادة الله اختبار الصبر فينا، وربما لتستمر هذه الحياة وتسير وفق قوانينها الثابتة .
أو هناك سبب أخر لايتحملة إدراكنا، لا يستوعبة عقلنا . ومع كل العلوم المتقدمة
والتطورات الهائلة إلا أن العالم يبقى مذهولاً بأشياء لا يتحمل العقل ولا حتى التفكير فيها
وتبقى أشياء وأخرى مجهولة . ويبقى إيماننا بمقدرة الخالق التي تعلو كل مقدرة...
الإيمان الذي ينير القلوب .. وهو المفر الأوحد من هموم الدنيا ومشاكل الحياة ...
ففي نهاية مطافي ادعوا من الله العلي القدير أن يتوسعك بواسع رحمته ومغفرته.. وأن يجمعني الله وإياك في جناته ..
ففي الدنيا لم يجمعنا القدر غير ثلاثة ليالي من عمري....
فعسى الله أن يمن علي وان ألقاك في جناته لأعوض ما فقدته في الدنيا .. فان كنت لم
استوف هذا الموضوع ولم أعطية حقه الكامل لأنني لم أجرب حنان وعطف الأبوة ...
وجمعنا الله مع من فقدناه في جناته انه سميع مجيب .....
منقوووووووووووول
العرض الشجري
