بسم الله الرحمن الرحيم
سقوط النفس أن يغرر الشاب بفتاة حتى إذا وافقته مكر بها وتركها
بعد أن يلبسها عارها الأبدي !!
إن الشقاء في هذه الدنيا إنما يجره على الإنسان أن يعمل في دفع الأحزان
عن نفسه بمقارفة الشهوات ، وبهذا يبعد الأحزان عن نفسه ، ليجلبها على
نفسه بصورة أخرى ..
فكل ما تراه من أساليب التجميل والزينة على وجوه الفتيات وأجسامهن
- في الطرق - فلا تعدنه من فرط الجمال ، بل من قلة الحياء ..
كانت الفتاة في الأكثر للزواج ، فأصبحت في الأكثر للهو والغزل !!
وكان لها في النفوس وقار الأم ، وحرمة الزوجة ، فاجترأ عليها الشبان
اجترائهم على الخليعة الساقطة ..
وكانت مقصورة لا تنال بعيب ، ولا يتوجه عليها ذم ، فمشت إلى عيوبها
بقدميها ، ومشت إليها العيوب بأقدام كثيرة ..
وكانت بجملتها امرأة واحدة فصار جسمها امرأة ، وقلبها امرأة أخرى
وأعصابها امرأة ثالثة ..
العلم للمرأة لكن بشرط ، أن يكون الأب وهيبة الأب أمراً مقرراً في العلم
والأخ وطاعة الأخ من حقائق العلم ، والزوج وسيادة الزوج شيئاً ثابتاً
في العلم ، والدين وزواجره وقضاياه لا ينسخها العلم ..
بهذا وحده يكون النساء في كل أمة مصانع عملية للفضيلة ، والكمال
والإنسانية ، وبغير هذا الشرط فالمرأة الفلاحة في حجرها طفل قذر
هي خير للأمة من أكبر أديبة تخرج ذرية من الكتب ..
احذري تهوس الأوربية في طلب المساواة بالرجل ، لقد ساوته في الذهاب
إلى الحلاق ، ولكن الحلاق لم يجد اللحية !!
لو كان العار في بئر عميقة لقلبها الشيطان مئذنة ووقف عليها يؤذن !!
يفرح اللعين بفضيحة المرأة !!
إن اللص ، والقاتل ، والسكير ، والفاسق كل هؤلاء على ظهر الإنسانية كالحر
والبرد .. أما المرأة حين تسقط فهذه من تحت الإنسانية ، هي الزلزلة ، ليس
أفظع من الزلزلة المرتجة تشق الأرض إلا عار المرأة حين يشق الأسرة !!
أيتها الشرقية ! احذري ، احذري ..
وأساس الفضيلة في الأنوثة الحياء ، فيجب أن تعلم الفتاة أن الأنثى متى خرجت
من حيائها ، وتهجمت - أي توقحت أي تبذلت - استوى عندها أن تذهب يميناً
أو شمالاً ، وتهيأت لكل منهما ، وصاحبات اليمين في كنف الزوج
وظل الأسرة وشرف الحياة ...
وصاحبات الشمال وما أدراك ما صاحبات الشمال !!!!
أول الدعارة أن تمد المرأة طَرْفها من غير حياء كما يمد اللص يده من غير أمانة ..
جاءت إلى مصر كاتبة إنجليزية ، وأقامت أشهراً تخالط النساء المتحجبات
وتدرس معاني الحجاب ، فلما رجعت إلى بلادها كتبت مقالاً عنوانه :
( سؤال أحمله من الشرق إلى المرأة الغربية ) قالت في آخره :
إذا كانت هذه الحرية التي كسبناها أخيراً ، وهذا التنافس الجنسي ، إذا كان
هذا سيصبح أثره أن يتولى الرجال عن النساء ، وأن يزول من القلوب
كل ما يحرك أوتار الحب الزواجي – فما الذي نكون قد ربحناه ؟!
لقد - والله - تضطرنا هذه الحال إلى تغيير خططنا ، بل تستقر طوعاً وراء
الحجاب الشرقي ، لنتعلم من جديد فن الحب الحقيقي ..
احذري أن تُخدعي .. إن الكلمة الخادعة إذ تقال لك هي ذاتها الكلمة التي
تقال ساعة إنفاذ الحكم للمحكوم عليه بالشنق ، يغترونك بكلمات :
الحب ، والزواج ، والمال
كما يقال للصاعد إلى الشنَّاقة ماذا تشتهي ؟ ماذا تريد ؟
الحب ؟ الزواج ؟ المال ؟
هذه صلاة الثعلب حين يتظاهر بالتقوى أمام الدجاجة !!
أيتها الشرقية ! احذري ، احذري ..
من كتاب : وحي القلم / لمصطفى صادق الرافعي