كلنا نحتاج لأن نتقن القناعة .... لأنها من أهم مفاتيح السعادة ... وقد قيل في تفسير قوله تعالى في سورة النحل ( من عمل صالحاً من ذكر وأنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ) أن المقصود بالعمل الصالح في هذه الآية هو القناعة .
إذاً فالقناعة من أهم أسباب الحياة السعيدة الطيبة مهما اشتدت الظروف ولكن كيف:
سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ما القناعة ؟ فقال ( اليأس مما في أيدي الناس ) فالإنسان حين ينظر لما في أيدي الآخرين على أنه شيء خصه الله بهم دون أن يطمع به ويتمناه فسوف يرتاح ولن يشعر بالضيق والهم لعدم حصوله عليه , وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن قال لأصحابه ذات يوم إن أول من يدخل من هذا الباب هو من أهل الجنة , فكان الصحابة ينتظرون من هذا الذي سيدخل من هذا الباب , وإذا برجل لم يروه من قبل لا يبدو عليه أي شيء يميزه , فما كان من أحدهم إلا أن قال له ـ وهذا الرجل بالطبع لا يعلم ما أخبر به رسول الله أصحابه ـ إن بيني وبين أبي مشكلة فهلا استضفتني عندك في بيتك حتى تنتهي المشكلة . فقال له هذا الرجل على الرحب والسعة , فجلس عنده ثلاثة أيام بلياليها ولم يره يعمل أي شيء سوى الواجبات التي أوجبها الله عليه . فتعجب هذا الصحابي . وبعد انتقضاء هذه الثلاثة أيام صارحه بالحقيقة وقال إني لم آتي معك إلا لأعرف العمل الذي تعمله وقال رسول الله بسببه أنك من أهل الجنة . فلم أرى فيك أي عمل يميزك عن بقية المسلمين فما هو في ظنك هذا السبب .
فقال له هذا الرجل : إني لم أرى في يوم من الأيام شيئاً عند أحد إلا وقلت في نفسي: بارك الله له ما عنده ولا يكون في نفسي أي طمع فيما عنده .
يقول الشاعر:
هي القناعة فالزمها تعش ملكاً لو لم يكن منــها إلا راحة البـدن
وانظر لمن ملك الدنيا بأجمعها هل راح منها بغير القطن والكفن
نعم .... القناعة تجعلك تعيش عيشة الملوك في نفسك , وقد قيل بأن عيسى عليه السلام كان يقول: ( اتخذوا البيوت منازل , والمساجد مساكن , وكلوا من بقل البرية , واشربوا من الماء القراح , واخرجوا من الدنيا بسلام ) . فهل جربت أخي أن تعيش يومك في نعيم القناعة بدلاً من التذمر طوال الوقت والهم والغم وتمني ما هو ليس لك.