0بسم الرحمن الرحيم .......
( تذكر في الإجازة الصيفية ! أنـك : لا تـضـيـع أوقـاتـك!!! )
اخترت لك من كتاب : سوانح وتأملات في قيمة الزمن
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله رب العالمين القائل في محكم التنزيل ( وهـو الذي جعـل الـلـيل والنهار خـِـلـْـفـة لـمـن أراد أن يـذكـَّـر أو أراد شـُـكـُـورا ) الفـرقان 62
وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم القائل في الحديث الذي رواه سيدنا ابن عباس – رضي الله عنهما – ( نـعـمـتـان مـغـبـُـون فـيـهـمـا كـثـيـر من الناس : الصـحـة والـفـراغ ) ، وبعـد :
فقد رتب مؤلف الكتاب – جزاه الله خيرا – قواعـد في قيمة الزمن وأوجه اغـتـنامه ، اخترت منها ما يأتي:
القاعدة الأولى : الزمن هـو أجل وأشرف ما يحصله العـقـلاء بإجماع العـلـماء: وذلك لأن الزمن هـو العـُـمر الإنساني ، وهو الحياة التي تبدأ من لحظة الوضع وتـنـتـهـي بـسـاعـة الـموت.
يقول الإمام ابن قيم الجوزية – رحمه الله - : ( وقت الإنسان هـو عـمره في الحـقـيـقة ، وهـو مادة حياته الأبدية في النعـيم المقـيم ، ومادة معـيـشته الضـنـك في العـذاب الأليم ، وهو يمـر مر السحاب ، فما كان من وقـته للـه وباللـه فهـو حـياته وعـمره ، وغـير ذلك ليس محسوبا من حياته وإن عاش فيه عـيـش البهائم ، فإذا قطع وقـته في الغـفـلة والسهو والأماني الباطـلة ، وكان خير ما قـطعـه به الـنوم والبطالة ، فـموت هـذا خيـر له من حياته ).
وقد أشار الإمام الرباني الحسن البصري – رحمه الله – من قبل إلى هذا المعـنى فقال : ( ياابن آدم ، إنما أنت أيام ، كـلـما ذهب يوم ذهـب بعــضـك ).
إن الزمن يساوي عـَـطاء الإنسان وحـصاد عـُـمره ، يساوي اليد التي ستحمل كتابه ، يـُـمنى تكون أو يـُـسرى.
ومن ثم يقول إمامنا البصري – رحمه الله - : ( أدركت أقواما كل أحدهم أشح على عـُـمره منه على درهـمه ).
أشح بعـمره : لأنه يعـلم أن العـمر إن ضاع فات ولم يعـوض ، وأن الدرهم إن ارتحل يوما حـل في آخر ، ولأنه أدرك أن الليل والنهار يعـملان فـيه ، فـليعـمل هـو فـيهـما ، مـُـعـَـمـِّـرا مستثمرا.
قال تعالى ( ياأيها الذين ءامنوا لا تـُـلهـِـكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعـل ذلك فأولئك هم الخاسرون. وأنفقوا من ما رزقـناكم من قبل أن يأتي أحدكـُـم الموت فيقـول رب لولا أخرتـني إلى أجـل قريب فأصدق وأكن من الصالحين. ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلـُـها والله خبـيـر بما تعـملون ) المنافقون 9-11
خبير بما كان من تضـيـيعهم لأعـمارهم ، وإفسادهم لـزمانهم ، وانشغالهم عن وظيـفـتهم. وفي الآيات تحريض على المبادرة بأعمال الطاعات ، والمسارعة للخروج عـن عهـدة الواجبات ، وتحذير عن أن يجيء الأجل والتـفـريط قـائـم ، فإن تأخير الموت عن وقـته ساعـتـئـذ مما لا سبـيـل إليه ، وأنه هاجم لا محالة.
هـذا أحد مواقف ظـلم الإنسان لنفسه ، وثان ليس عـنه بـبعـيـد ، وذلك عـندما يرى نفسه في نار جهنم وقد أحاطت به خطيـئـته ، فينادي مع أقرانه المصفـدين بالأغلال : ( ربنا أخرجنا نعـمل صالحا غـير الذي كنا نعـمل ) ، فيأتي الجواب مصحوبا بالتقـريع المـُـجـْـهـِـز: ( أولم نـُـعـمركم ما يـتـذكر فيه من تـذكر وجاءكم النذير فـذوقـوا فما للظالمين من نصيـر ) فاطر 37
لقد كانت أعماركم التي وهبناكم بين أيديكم ، تكفي لمن أراد أن يتـذكر ويتـفـكر ويعمل صالحا! ، ولذلك ورد في الحديث الصحيح عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أعذر الله إلى امريء أخر أجله حتى بلغه ستين سنة ) ، لقد عاش سلفنا – رحمهم الله – هذا الهدي الجامع ، وأخذ منهم كل مأخذ ، فكانوا من أحرص الناس على عـمر ، ومن أكثـرهـم اغـتـناما لـزمن وأعـملهم فيه ، فكان الحصاد : فتوحا ، وعلوما ، ومعارف ، ومدنية ، وهـَـديا ، ورحمة ، وعـدلا ، وتـُـقـَـى ، وزهـادة ، ضـمتها أعظم حضارة في تاريخ البشرية وأمـيـزها.
اللهم اغفر لنا وارحمنا ، وعافنا واعف عنا وإلى غيرك لا تكلنا.
مع خالص الـــود
اأخوكم صــــادق؟؟؟؟؟؟