بسم الله الرحمن الرحيم
يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم . أنه لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة : عيسى عليه الصلاة والسلام وقد أتت به أمه بلا أب والله خلق الخلق على أصناف أربعة :
خلق آدم من غير أب وأم .
وخلق حواء من أب بلا أم لأنها خلقت من ضلع آدم وخلق عيسى عليه السلام من أم بلا أب .
وخلق سائر الخلق من أب وأم .
( هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ ) (سورة لقمان ايه 11)
فأتت مريم تحمل عيسى عليه السلام ، قال بنو إسرائيل:(( يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً )) (مريم 28)
فلم تتكلم وأشارت إليه ، فتضاحكوا وقالوا :(( فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً )) (مريم 29)
فتكلم عيسى بإذن الله ، ولم يمض عليه إلا ساعات وقيل ثلاثة أيام ، فتكلم بلسان فصيح ، نصيح ، مليح ، قال ((قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً . وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً . وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً . وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً )) مريم 30 ــ33) هذا اول من تكلم بالمهد .
وثانيهم صاحب جريح وكان جريح رجلاً عابداً من عباد بتي إسرائيل ، وكان دائماً في صلاة وذكر ودعاء لله تبارك وتعالى وقد اتخذ صومعة يعبد فيها ربه عز وجل .
وفي ذات يوم أتته أمه وهو يصلي فقالت : يا جريح ، فقال : يارب أمي وصلاتي ، أي ماذا أفعل ؟ أأقطع الصلاة لأجيب أمي ، أم أستمر في الصلاة ولا أقطعها ، ثم أقبل على صلاته .
فا نصرفت أمه فلما كان من الغد أتته وهو يصلى ، فقالت : يا جريح ، فقال يارب أمي وصلاتي ، فأقبل على صلاته ، فا نصرفت ، فلما كان من الغد أتته وهو يصلي ، فقالت : يا جريح فقال : أي رب أمي وصلاتي فأقبل على صلاته . فقالت أمه : اللهم لا تمته حتى ينظر إلى وجوه المومسات !!
أي لاتحكم عليه بالموت والفناء قبل أن يرى وجوه الزواني والبغايا المجاهرات بذلك .
دعت أم جريح عليه وانصرفت ، فتذاكر بنو إسرائيل جريح وعبادته وحسدوه على ذلك . وتامرو عليه فأتت امرأة بغي يتمثل بحستها فقالت : إن شئتم لأفتننه لكم فتعرضت له فلم يلتفت إليها . فأتت راعياً كان ياوي إلى صومعته فأمكنته من نفسها ، فوقع عليها فحملت فلما ولدت قالت : هو من جريح ،
فأتوه فاستنزلوه وهدموا صومعته وجعلوا يضربونه فقال : ما شأنكم ؟ قالوا : زنيت بهذه البغي فولدت منك فقال : اين الصبي ؟
فجاءوا به فقال : دعوني حتي أصلي فصلى فلما انصرف أتى فطعن في بطنه وقال : يا غلام من أبوك ؟ قال الصبي الرضيع أبي فلان الراعي . فاقبلوا على جريح يقبلونه ويتمسحون به وقالوا : نبني لك صومعتك من ذهب . قال : لا أعيدوها من طين كما كانت ففعلوا (وهذا الثاني .
الثالث: صبي كان يرضع من أمه ، فمر رجل راكب على دابة فارهة وشارة حسنة فقالت أمه : اللهم أجعل ابني مثل هذا . فترك الثدي وأقبل إليه فنظر إليه فقال : اللهم لاتجعلني مثله ، ثم أقبل على ثديه فجعل يرتضع !! .
ثم مروا بجارية ، وهم يضربونها ويقلون : زنيت ، سرقت ، وهي تقول : حسبي الله ونعم الوكيل .
فقالت أمه : اللهم لاتجعل ابني مثلها ، فترك الرضاع ونظر إليها ، فقال : اللهم اجعلني مثلها . فقالت : مر رجل حسن الهيئة فقلت : اللهم اجعل ابني مثله فقلت : اللهم لاتجعلني مثله .
ومروا بهذه الأمة ، وهم يضربونها ويقلون زنيت ، سرقت ، فقلت : اللهم لاتجعل ابني مثلها ، فقلت اللهم اجعلني مثلها !!
فقال الرضيع : إن الرجل كان جباراً فقلت : اللهم لاتجعلني مثله . وإن هذه يقلون لها : زنيت ولم تزن ، وسلاقت ولم تسرق ، فقلت : اللهم اجعلني مثلها
اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين والصحابة أجمعين
مقططفات من خطبة للشيخ الدكتور / عائض القرني حفظه الله
اخوكم: ابو علاء*r *5 *r