إن الشريعة الإسلامية جاءت لتحقيق مصالح العباد ودرء المفاسد والأضرار عنهم، والمتأمل لأحكام الشريعة كلها من عقيدة وعبادة ومعاملة وأخلاق يجدها محققة لهذه المصالح التي تتضمن حفظ الضروريات الخمس التي أمر الشارع الكريم بحفظها وجعل ذلك من الأمور التي لا تستقيم الحياة إلا بها وهي حفظ الدين وحفظ النفس وحفظ النسل وحفظ العقل وحفظ المال.
ولن يستطيع الإنسان أن يحافظ على تلك الضروريات إلا في مجتمع يسود الأمن أطرافه والطمأنينة أكنافه.. وهذا يؤدي بنا إلى أن نقول: إن حفظ الأمن واجب شرعي على كل أفراد المجتمع، رؤساء ومرؤوسين مدنيين وعسكريين.
* . فقدم الدعاء بطلب الأمن على التوحيد واجتناب الشرك.
فمهمة حفظ الأمن ليست مهمة محصورة على أولئك الأشخاص الذين أقسموا أن ينذروا أنفسهم في سبيل حفظ أمن المسلمين والسهر على راحتهم، بل إنها أكبر من ذلك. فالأب رجل أمنٍ في بيته ومسؤول عن أولاده، والمعلم رجل أمنٍ في مدرسته ومسؤول عما أؤتمن عليه من تربية النشء وتعليمهم، وإمام المسجد رجل أمنٍ في حينه، والتاجر رجل أمنٍ في متجره، والطبيب رجل أمنٍ في مشفاه، والموظف رجل أمنٍ في وظيفته و..
فالجميع مؤتمن ومحاسب أمام الله - سبحانه - في حفظ الأمن كل بحسب اختصاصه. قال صلى الله عليه وسلم: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته..» متفق عليه.
والقرآن الكريم والسنة النبوية مليئة بالنصوص التي تحث على حفظ الأمن بصورة شتى، وتحذر كل من تسول له نفسه الإخلال أو المساس بأمن الفرد والمجتمع، ولقد بين أستاذنا الفاضل جزءاً منها كلعن رسول الله صلى الله من آوى محدثاً ونهيه عن الرشوة وشهادة الزور وكذلك النهي عن قتل النفس وكتم الشهادة والغش والحسد، والأمر بلزوم الجماعة والسمع والطاعة لولي الأمر.
ولم تشرع الحدود إلا لحفظ الأمن، ولم تمنع الشفاعة فيها إلا لحفظ الأمن، ولم يوجد القصاص إلا لحفظ الأمن، ولم تشرع العقوبات التعزيزية إلا لحفظ الأمن و..
نسأل الله عز وجل أن يديم علينا نعمة الأمن والإيمان وأن يوفقنا للقيام بشكرها على الوجه الأكمل وأن يعيننا ويهدينا سواء السبيل وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
منقوووول
العرض العادي
