إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله .
يقول الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى :
واعلم يا أخي المسلم أن كثيراً من المسلمين اليوم قد انحرفوا عن الصواب في هذا الموضوع . فمنهم من استقر في نفسه أن دولة الإسلام لن تقوم إلا بخروج المهدي , وهذا خرافة وضلالة ألقاها الشيطان في قلوب كثير من العامة . وبخاصة الصوفية منهم , وليس في شيء من أحاديث المهدي ما يشعر بذلك مطلقا بل هي كلها لا تخرج عن أن النبي صلى الله عليه وسلم بشر المسلين برجل من أهل بيته , ووصفه بصفات بارزة أهمها أنه يحكم بالإسلام وينشر العدل بين الأنام فهو في الحقيقة من المجددين الذين يبعثهم الله في رأس كل مائة سنة , كما صح عنه صلى الله عليه وسلم . فكما أن ذلك لا يلتزم ترك السعي وراء طلب العلم والعمل به لتجديد الدين فكذلك خروج المهدي لا يستلزم التواكل عليه . وترك الاستعداد والعمل لإقامة حكم الله في الأرض بل العكس هو الصواب , فإن المهدي لن يكون أعظم سعيا ًمن نبيا محمد صلى الله عليه وسلم , الذي ظل ثلاثة وعشرين عاماً وهو يعمل لتوطيد دعائم الإسلام وإقامة دولته . فماذا عسى أن يفعل المهدي لو خرج اليوم فوجد المسلمين شيعاً وأحزاباً وعلماءهم إلا القليل منهم - اتخذهم الناس رؤوساً!. لما استطاع أن يقيم دولة الإسلام إلا بعد أن يوحد كلمتهم ويجمعهم في صف واحد وتحت راية واحدة . وهذا بلا شك يحتاج إلى زمن مديد الله أعلم به فالشرع والعقل معاً يقتضيان أن يقوم بهذا الواجب المخلصون من المسلين حتى إذا خرج المهدي لم يكن بحاجة إلا أن يقودهم إلى النصر . وإن لم يخرج فقد قاموا بواجبهم والله يقول {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدّونَ إِلَىَ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشّهَادَةِ فَيُنَبّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}.-التوبة( 105) ومنهم - وفيه بعض الخاصة- من علم أن ما حكيناه عن العامة أنه خرافة ولكنه توهم أنها لازمة لعقيدة خروج المهدي فبادر إلى إنكارها على حد قول من قال :( وداوني بالتي كانت هي الداء) . وما مثلهم إلا كمثل المعتزلة الذين أنكروا القدر لما رأوا أن طائفة من المسلمين استلزموا منه الجبر !! . فهم بذلك أبطلوا ما يجب اعتقاده . وما استطاعوا أن يقضوا على الجبر . وطائفة منهم رأوا أن عقيدة المهدي قد استغلت عبر التاريخ الإسلامي استغلالاً سيئاً , فادعاها كثير من المغرضين أو المهبولين . وجرت من جراء ذلك فتن مظلمة كان أخرها فتنة ( جيهمان ). فرأوا أن قطع دابر هذه الفتن إنما يكون بإنكار هذه العقيدة الصحيحة , وإلى ذلك يشير الشيخ الغزالي . وما مثل هؤلاء إلا كمثل من ينكر عقيدة نزول عيسى عليه السلام في أخر الزمان . التي تواتر ذكرها في الأحاديث الصحيحة . لآن بعض الدجاجلة ادعها مثل ميرزا غلام أحمد القادياني , و قد أنكرها بعضهم فعلاً صراحة كالشيخ شلتوت . وأكاد أقطع أن كل من أنكر عقيدة المهدي ينكرها أيضاً . وبعضهم يظهر ذلك من فلتات لسانه وإنك كان لا يبن . وما مثل هؤلاء المنكرين جميعاً عندي إلا كما لو أنكر رجل ألوهية الله عز وجل بدعوى أنه ادعاها بعض الفراعنة !!. (( فهل من مدكر ))..
من كتاب صحيح اشراط الساعة ووصف ليوم البعث وأهوال يوم القيامة. نقلاً من سلسة الأحاديث الصحيحة ( 4/42/43).
والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبة أجمعين